قرار مرسي بتعيين بابا الكنيسة الأرثوذكسية يثير جدلا بين النشطاء المسيحيين

طالبوا بتعديله ليصبح «التصديق على الاختيار»

TT

أثار القرار الجمهوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي بـ«تعيين» البابا تواضروس الثاني بابا للإسكندرية وبطريركا للكرازة المرقسية، جدلا بين عدد من النشطاء المسيحيين الذين طالبوا بتعديل صيغة القرار من «تعيين» إلى «التصديق على اختيار» لتجنب ما سموه بالخطأ في اسم القرار الذي وقع فيه رؤساء سابقون، فيما ساد الغموض حضور الرئيس مرسي لحفل تجليس البابا الجديد الذي سيقام في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي في مقر الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة.

وأصدر الرئيس مرسي قرارا جمهوريا، الليلة قبل الماضية، رقم 355 لسنة 2012، بتعيين البابا تواضروس الثاني بابا للإسكندرية وبطريركا للكرازة المرقسية. لكن نادر شكري المتحدث باسم اتحاد شباب ماسبيرو قال لـ«الشرق الأوسط» إن «المتبع طبقا للائحة 57 أن يكون القرار الجمهوري بالتصديق وليس التعيين، لأن رئيس الجمهورية لا يختار البابا، ولا يدخل منصب البابا في إطار الانتخابات العامة». وأضاف شكري أن «بابا الكنيسة يأتي باختيار إلهي، ولكن قرار تعيين الرئيس يعني أن يكون له سلطة في الإقالة أو الإيقاف أو العزل، وهذا أمر لا يعنيه». وأوضح أن «اختيار البابا يدخل في إطار طقس كنسي يتفق مع موروث الكنيسة، ولذا فالأمر مجرد تصديق على الاختيار ليكون البابا له دور في اعتماد توقيعاته في كافة الأوراق التي تدخل في نطاق التعامل مع الدولة، ولكن في كل الأحوال فالبابا هو اختيار كنسي وأصبح بطريركا للكنيسة بالفعل منذ اختياره في القرعة الهيكلية».

من جانبه، قال المحامي المسيحي نجيب جبرائيل رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان لـ«الشرق الأوسط» إن «الرئيس مرسي وقع في نفس الخطأ القانوني الذي وقع فيه الرئيس الراحل أنور السادات، عندما قرر في شهر سبتمبر (أيلول) 1981 عزل البابا الراحل شنودة الثالث استنادا إلى أنه أصدر قرارا بتعيينه عام 1971».

وأضاف جبرائيل أن «من يملك التعيين يملك العزل أو الإقالة، وبما أن رئيس الجمهورية، أيا كان، لا يملك العزل (للبابا) فهو لا يملك التعيين»، موضحا أن «البابا لا يعين لأنه اختيار من الله». وتابع القول إنه سيعد مذكرة قانونية سيسلمها لرئاسة الجمهورية، لتدارك ما سماه «هذا الخطأ»، وقال: «نتشاور حاليا مع الكنيسة في هذا الأمر».

وعن حضور الرئيس مرسي لحفل التجليس، وهو الأمر الذي لم يتأكد بعد، قال جبرائيل: «هذه مراسم دينية والرئيس مرسي له مطلق الحرية في الحضور من عدمه». وأضاف: «لن يحزن المسيحيون لعدم حضور مرسي، ففرحتهم كبيرة باختيار راع جديد للكنيسة، وهم يدعون الله أن يكون الراعي الصالح».

ولم يحضر الرئيس السابق حسني مبارك إلى الكاتدرائية المرقسية طوال فترة حكمه التي استمرت 30 عاما، بينما زار الرئيس الراحل أنور السادات الكاتدرائية عقب أحداث طائفية شهدتها مصر في عهده، بينما حضر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر افتتاح الكاتدرائية مع البابا الراحل كيرلس السادس.

ومن المتوقع أن يثير حضور الرئيس مرسي لحفل التجليس عاصفة من الانتقادات السلفية ضده، بعد أن أصدرت الجبهة السلفية بيانا قالت فيه «إننا نعتذر عن قبول دعوة الأقباط لحضور حفل تنصيب البابا تواضروس الثاني التي لم تصلنا رسميا حتى الآن». وأضاف البيان السلفي: «إن ذلك يشمل أشياء لا حرج فيها كدخول الكنائس لمصلحة راجحة، وهي داخلة في الحضور بطبيعة الحال، لكنه يشمل ما فيه الحرج من حضور شعائر تتعلق باعتقادات المسيحيين، بما لا ندين به كمسلمين ولا يجوز لنا شهوده». وقالت الجبهة السلفية في بيانها أيضا: «بعد مناقشات بين مشايخ الجبهة السلفية وتلقينا نصائح من عموم مشايخنا الكرام تأكد لهم أن تنصيب البطريرك أمر ديني يتعلق باعتقادات أهل ملته فيه، وهذا لا يعتقده ولا يرضاه مسلم لمخالفته لديننا».

من جهة أخرى، قامت لجنة كنسية تضم كلا من الأنبا باخوميوس أسقف البحيرة قائمقام البطريرك، والأنبا أرميا الأسقف العام سكرتير البابا الراحل شنودة الثالث، والأنبا إبرام أسقف الفيوم عضو لجنة الترشيحات البابوية، والأنبا دانيال أسقف المعادي، بفتح قلاية (مسكن) البابا الراحل شنودة الثالث في المقر البابوي، التي تم إغلاقها بالشمع الأحمر منذ وفاته في شهر مارس (آذار) الماضي.

وقامت اللجنة بتجهيز القلاية لاستقبال البابا تواضروس الذي سيقام حفل تجليسه يوم 18 الحالي، ويجري العمل حاليا على قدم وساق داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية لتجهيزها لحفل تجليس واستقبال البابا الجديد، الذي ما زال يقيم في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون منذ اختياره في القرعة الهيكلية يوم الأحد الماضي.

وبدأت اللجنة الإعلامية المختصة بتلقي طلبات الإعلاميين الراغبين في حضور الحفل، لاستخراج التصاريح اللازمة لهم، حيث تقرر أن يدخل الإعلاميون والصحافيون يوم حفل التجليس من بوابة رقم (3) للكاتدرائية.