سلسلة انفجارات في دمشق.. أحدها وسط المربع الأمني لنظام الأسد

استنفار أمني في العاصمة.. وانفجار سيارتين ملغومتين في درعا.. وإعدامات ميدانية في داريا

عنصر من الجيش السوري الحر يصوب سلاحه نحو قوات النظام في حلب أمس (رويترز)
TT

هز صوت انفجار في منطقة الطلياني وسط دمشق مساء أمس، وسمع صوت سيارات إطفاء تتوجه إلى موقع الانفجار بعد تصاعد أعمدة دخان كثيفة، ورجح شهود عيان أن يكون الهدف إثارة الذعر في هذه المنطقة التي تعد مركز المربع الأمني وسط العاصمة، حيث تعتبر أسواقها الوحيدة التي لا تزال تعمل حتى الساعة التاسعة مساء. وبينما تراكض المارة لإخلاء السوق سارعت قوات الأمن لقطع الشارع ومنع السيارات من العبور، وسط حالة من الذعر، وخلال دقائق أغلقت المحلات أبوابها وسط حالة من التوتر الشديد.

وجاء الانفجار ضمن سلسلة انفجارات أخرى هزت دمشق لكن لم تعرف حصيلتها.

وجاء ذلك في يوم دامٍ آخر سقط فيه 50 قتيلا في أنحاء سوريا بينهم 20 في مدينة درعا الجنوبية، جراء هجومين مزدوجين يعتقد أنهما انتحاريان.

وكان ناشطون حذروا سكان منطقة الطلياني بدمشق من تنصيب مدفع عيار ثقيل، وسط سوق تجارية في الجسر الأبيض على سطح أحد المقرات الأمنية الذي يحتل عدة أبنية وسط حي سكني يضم واحدة من أهم الأسواق التجارية في العاصمة، ونقلت صفحة أخبار الشام على موقع «فيس بوك» عن شاهد عيان في دمشق منطقة الجسر الأبيض قوله إن «فرع الأمن الموجود في الحي أحضر مدفع عيار ثقيلا، وشوهد وهو يتم إنزاله أمام المبنى، وبعد ربع ساعة لم يعد يظهر، مرجحا أن يكون قد تم تنصيبه على سطح الفرع»، دون وجود أي تأكيد لهذه المعلومات، إلا أن ناشطين تحدثوا عن قيام فرع الأمن في شارع الجسر الأبيض برفع جدار إسمنتي عازل أمام الفرع، وأحضرت الكتل الإسمنتية الضخمة منذ يومين، ونصبت على شكل جدار عازل أغلقت الأزقة في محيط الفرع، وحجبت عددا من المحال التجارية عن الشارع العام.

ويشار إلى أن محيط هذا المقر وغيره من المقرات الأمنية المتوزعة في المناطق السكنية داخل العاصمة تحولت في الأشهر الأخيرة إلى ثكنات عسكرية، حيث ينتشر عدد كبير من الحواجز وقوات الأمن في الشوارع المحيطة، بالإضافة إلى نشر القناصة على أسطح البنايات.

وفي غضون ذلك، أفادت لجان التنسيق المحلية بسماع دوي انفجارين كبيرين في قلب العاصمة في الجسر الأبيض وشارع بغداد والسبع بحرات، كما في العابد و29 أيار. في غضون ذلك، تواصل القصف المدفعي على أحياء جنوب العاصمة، وسط استمرار الاشتباكات العنيفة بين الجيش الحر والجيش النظامي في حي التضامن، دون أن يمنع ذلك خروج مظاهرة في حي باب سريجة وسط دمشق، بجانب مدرسة زنوبيا وعلى بعد أمتار من شعبة الحزب الحاكم، هتفت لدمشق «المنكوبة» وجنوبها وريفها.

وقصفت قوات النظام بعنف حي التضامن، وأطراف شارع فلسطين في مخيم اليرموك من ثكنة شارع الثلاثين. كما أفاد ناشطون بقيام مجموعة من الجيش السوري الحر بخطف «مصطفى تميم» الملقب بـ«الطمطم» قائد مجموعات اللجان الشعبية في منطقة العروبة داخل مخيم اليرموك، واللجان الشعبية «شبيحة» من مدنيين يتم تسليحهم لمقاتلة الجيش الحر في كل منطقة تسهل عملية اقتحام قوات الجيش النظامي لها. كما قتل ثلاثة أشخاص في تفجير سيارة مفخخة في حي الزاهرة بجانب الفرن الآلي. وقال ناشطون إن الجيش الحر قام بضرب الحاجز الموجود عند مطعم البركة بسيارة مفخخة، في حين دارت اشتباكات عنيفة هناك، كما وقعت اشتباكات في حي القابون بين الجيش الحر والشبيحة، أسفرت عن مقتل شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة. وبالتوازي مع ذلك جرت حملة مداهمات واعتقالات في عدة أحياء بمدينة دمشق، حيث اقتحمت قوات النظام بساتين كفرسوسة، وحي الشاغور وشارع الأمين ومحيط سوق الخضار في دمشق القديمة، وقالت الهيئة العامة للثورة السورية إن قوات النظام اقتحمت حي كفرسوسة وقامت بسرقة وهدم بعض البيوت والمحلات قرب منطقة اللوان، كما قامت بإحراق عدد من المزارع والبيوت في البساتين.

وبدورها، قالت مصادر في الجيش السوري الحر في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن المعارضة «استنفرت ألويتها في دمشق منعا لسيطرة القوات النظامية على أحياء من العاصمة، مثل التضامن الذي يسيطر عليه الحر».

وأشارت المصادر إلى أن القوات النظامية «استحضرت تعزيزات عسكرية وحشدت مدافع الهاون في محيط حي التضامن بغية السيطرة عليه»، لافتة إلى أن الجيش النظامي «حاول خلال 3 أيام اقتحام الحي، لكنه جوبه بمقاتلة شرسة».

وقالت المصادر إن التعزيزات العسكرية النظامية «تضمنت وحدات من القوات الخاصة والحرس الجمهوري وسرايا دبابات وصلت إلى دمشق وريفها لإعادة السيطرة على الأحياء التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون». وفي ريف دمشق، استمرت الاشتباكات بين قوات النظام والجيش الحر في عدة مناطق، وبعد حصار يومين، اقتحمت قوات النظام مدينة داريا بالدبابات وأعداد كبيرة من الجنود، وقامت بحملة تفتيش للمنازل مع اعتقالات ونهب للممتلكات، وقال ناشطون إن قوات النظام أعدمت 10 أشخاص ميدانيا شرق داريا، بينهم نساء، وبعضهم تم إحراقهم. وبث ناشطون صورا لقتيلين أعدما في منزلهما، وبدت الجثتان وقد غرقتا بالدماء، كما عرض الناشطون صورا لقتلى قضوا حرقا. وكانت داريا قد شهدت اقتحاما منذ نحو شهرين ارتكبت خلاله قوات النظام أكبر مجزرة شهدتها البلاد، راح ضحيتها أكثر من ألف شخص، بينهم نساء وأطفال، وثق الناشطون منهم نحو 900 اسم.

وفي منطقة ببيلا، سمع إطلاق نار كثيف بالتزامن مع قصف متواصل، مما أثار حالة من الهلع دفعت المدنيين للنزوح لا سيما، وقد تعرضت ببيلا لدمار كبير جراء القصف المتواصل، بحسب ما أظهرته مقاطع فيديو بثها ناشطون.

وفي بيت سحم، استمر القصف على البلدة لليوم الحادي عشر على التوالي، وأدى سقوط عدة قذائف صباح أمس إلى أضرار كبيرة بالمباني السكنية وسقوط عدة جرحى، مما أدى إلى نزوح جماعي، وقال ناشطون إن بلدة بيت سحم أشبه بمدينة أشباح حيث الحركة قليلة جدا في الشوارع وإغلاق شبه كامل للمحال التجارية بسبب سقوط عدة قذائف على الطريق العام، وتكسيرها للمحال التجارية مع انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات الأرضية والإنترنت بين الحين والآخر.

وهناك عدد كبير من الجرحى لا يمكن إنقاذهم لعدم وجود مشافٍ قريبة، وانعدام وجود الكوادر الطبية في البلدة. وفي تلك الأثناء، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 20 عنصرا من القوات النظامية، أمس، في انفجارين استهدفا ناديا للضباط في مدينة درعا في جنوب سوريا، مشيرا إلى أن الفرق الزمني بين التفجيرين لم يتجاوز بضع دقائق، وأنهما وقعا في الحديقة الخلفية للنادي.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية إن انفجارا ثالثا لم تعرف طبيعته وقع في ملعب في المدينة، حيث توجد نقطة عسكرية أيضا، من دون أن يوقع ضحايا. لكن وكالة الأنباء الرسمية السورية، نفت أن تكون التفجيرات استهدفت نقاطا عسكرية، فقد أعلنت أن «إرهابيين فجروا ثلاث سيارات مفخخة بكميات من المتفجرات في مدينة درعا، مما أدى إلى استشهاد 7 مواطنين وإصابة عدد من المواطنين ووقوع أضرار مادية كبيرة».

وبدورها، أفادت لجان التنسيق المحلية بتعرض منطقة طفس في درعا بانفجارات ضخمة، ترافقت مع إطلاق كثيف للنار من الحواجز خارج المدينة، مع استمرار لانقطاع الاتصالات والكهرباء عن المدينة.

وفي شمال البلاد، تحدث ناشطون عن تعرض أحياء من حلب لقصف مدفعي استهدف حي الليمون، وقصفا جويا بمنطقة جب غبشة، بينما تجدد القصف على بلدات حيان والسفيرة والمنصورة ويبدة وكفر حمرة.

كما وثقت شبكة «شام» الإخبارية تعرّض مدن وبلدات سراقب وكفر نبل ومعرة مصرين وكفروما وبنش في إدلب لقصف مدفعي، فيما تجددت الاشتباكات في مدينة معرة النعمان في المحافظة.

وفي حمص، قال ناشطون إن الجيش النظامي قصف عدة أحياء فيها، مثل دير بعلبة وجورة الشياح والوعر وبابا عمرو، بينما تواصل القصف العنيف بالمدفعية الثقيلة والدبابات على مدن الرستن والحولة.

إلى ذلك، قال رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري إن نحو 20 ألف شخص فروا من المناطق الواقعة بالقرب من الحدود السورية - التركية خلال الساعات الـ24 الماضية.

وقال إن بعضهم تمكن من دخول الأراضي التركية، بينما لجأ آخرون للمناطق الكردية داخل سوريا، التي تشهد هدوءا بصورة كبيرة.