المدافع الإسرائيلية تقصف سوريا لأول مرة منذ حرب أكتوبر 1973

مصادر في تل أبيب: بيريس أقنع بوتين بتجميد صفقة صواريخ متقدمة لنظام الأسد

حاملة دبابات اسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة بعد قصف الأراضي السورية أمس ( أ ف ب)
TT

لأول مرة منذ حرب أكتوبر (تشرين الأول) سنة 1973، قصفت المدفعية الإسرائيلية مواقع الاشتباكات السورية الداخلية في قرية بير العجم، وذلك ردا على قذائف طائشة أطلقت باتجاه معسكر للجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان السورية المحتلة.. فيما ذكرت مصادر إسرائيلية أن الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس نجح خلال زيارته إلى موسكو، في الأسبوع الماضي، في إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم بيع أسلحة متطورة إلى سوريا، وتجميد صفقة الأسلحة الروسية – السورية التي تزود روسيا بموجبها الجيش السوري بصواريخ «إس 300» المضادة للطائرات في العام المقبل.

وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن هذا القصف المدفعي تجاه الأراضي السورية جاء ردا على إطلاق ثلاث قذائف أخرى باتجاه معسكر لجيشه في هضبة الجولان السوري. ورغم أن تقديرات الجيش الإسرائيلي هي أن هذه القذائف أطلقت بالخطأ نحو المعسكر الإسرائيلي خلال الاشتباكات بين قوات النظام السوري وبين قوات المعارضة، فإن «إسرائيل لم تعد تحتمل هذه القذائف؛ أكانت طائشة أو مقصودة.. وقد ردت، وسترد عليها في المستقبل». وتطرق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للموضوع خلال جلسة حكومته العادية، أمس، فقال إن جيشه «يراقب عن كثب التطورات في سوريا»، وإن «الجيش الإسرائيلي مستعد للرد على أي تدهور يهدد أمن الدولة العبرية».

المعروف أن الاشتباكات داخل سوريا بدأت تمتد منذ نحو الشهرين إلى المناطق القريبة من خط وقف إطلاق النار بين القوات الإسرائيلية والسورية، التي تم رسمها والاتفاق عليها بين الدولتين في أعقاب نتائج حرب أكتوبر 1973. وفي حينه أقيمت منطقة منزوعة السلاح، تديرها أمنيا القوات الدولية ويحظر على الجيشان دخولها. وقد التزم السوريون والإسرائيليون بالاتفاقية بشكل صارم، ولم يخرق أي منهما بنود الاتفاق.

لكن منذ وصول الاشتباكات إلى هذه المنطقة، بدأت تصل لإسرائيل طلقات رصاص وقذائف طائشة. وفي يوم الخميس الماضي، سقطت ثلاث قذائف هاون بقطر 82 مليمترا، وانفجرت إحداها على بيت في مستوطنة «ألوني باشان»، في حين انفجرت القذيفتان الأخيرتان بالقرب من الجدار الحدودي.. لم تقع إصابات من جراء هذه القذائف.

وفي حينه أيضا، أفادت مصادر الجيش الإسرائيلي بأن التقديرات تشير إلى أن هذا الحادث غير مقصود، حيث تدور اشتباكات عنيفة في الجانب السوري بين الجيش والمعارضة يمكن مشاهدتها من الطرف الإسرائيلي بالعين المجردة، ولكنها اعتبرتها «تطورا مقلقا».

وكان هذا هو الحادث الثالث خلال أسبوع واحد، حيث أطلقت قذيفة تسببت في حريق كاد يصل إلى أحد معسكرات الجيش الإسرائيلي القريب، وقبل ذلك أصيبت سيارة جيب إسرائيلية بعيار ناري في أثناء الاشتباكات السورية الداخلية. كما أن ثلاث دبابات تابعة للنظام السوري دخلت منطقة الحرام المذكورة على خط وقف النار. وفي أعقاب هذه التطورات زار الجولان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، وشاهد بنفسه الأوضاع على الحدود، حيث راح يتفرج على أحد الاشتباكات بين قوات النظام والمعارضة. وقد أعرب عن قلقه من أن تنتقل المعارك إلى إسرائيل، لكنه طمأن المستوطنين في الجولان إلى أن جيشه «جاهز لصد أي اعتداء». وحذر غانتس سوريا من استمرار هذه الأحداث ووصول النيران إلى إسرائيل، مهددا باتخاذ إجراءات وتدابير لمنع تكرار هذه الأحداث. ووجهت إسرائيل رسائل بهذه الروح إلى دمشق عبر قوات الطوارئ الدولية المرابطة في الجولان.

وفي نهاية الأسبوع، قال وزير الجبهة الداخلية، آفي ديختر، إن «إسرائيل تجابه حدثا دون عنوان.. والرد الإسرائيلي يجب أن يكون متزنا وشديد الحذر بدرجات عالية جدا، وكنت أقول إننا بحاجة لمراقبة التطورات بيقظة ولكن بأعصاب من الحديد».

وفي يوم أمس، وخلال انعقاد جلسة الحكومة الإسرائيلية، أطلقت قذائف ثلاث نحو المستوطنة نفسها «ألوني باشان»، فرد الجيش عليها بقصف مدفعي، وأعلن أنه سيرد بقوة أكبر في حال تكرار إطلاق هذه القذائف باتجاه إسرائيل. كما قدمت إسرائيل شكوى رسمية أخرى للقوات الدولية في الجولان، ضمنتها هذا التهديد.

وفي سياق ذي صلة، ذكرت مصادر إسرائيلية، أمس، أن الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، نجح خلال زيارته إلى موسكو، في الأسبوع الماضي، في إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم بيع أسلحة متطورة إلى سوريا، وتجميد صفقة الأسلحة الروسية – السورية التي تزود روسيا بموجبها الجيش السوري بصواريخ «إس 300» المضادة للطائرات في العام المقبل.

وأضافت هذه المصادر أن قادة الجيش الإسرائيلي كانوا قد اجتمعوا مع بيريس قبيل سفره وطلبوا منه أن يتوجه إلى بوتين بذلك الطلب، محذرين من أن الصواريخ المتطورة «تغطي» المجال الجوي الإسرائيلي كله ويصعب تشويش عملها، ولذلك فإنها ستؤدي بنظر الإسرائيليين إلى انتهاك دراماتيكي لتوازن القوى بين إسرائيل وسوريا وتستدعي ردا إسرائيليا مسبقا.

وتفهم هذه الجملة على أنها تهديد صريح لسوريا بأن إسرائيل ستوجه ضربة عسكرية استباقية لسوريا، في حال إتمام هذه الصفقة.

وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن بيريس كان نجح قبل سنتين بإقناع بوتين عدم بيع صواريخ «إس 300» لإيران، لكن الروس «أكثر عنادا» الآن حيال الصفقة مع سوريا وأبلغوا مسؤولين إسرائيليين في الفترة الماضية بأنه ليس بالإمكان إلغاء الصفقة لأسباب قانونية. ورغم ذلك تفاءل الإسرائيليون بعد إعلان روسي في ختام لقاء بوتين مع بيريس، يوم الخميس الماضي، عن أن «الرئيس بوتين أبدى تفهما وحساسية تجاه احتياجات إسرائيل الأمنية». وقالت الصحيفة إن الروس يتفهمون الحاجة «بالحفاظ على التفوق النوعي والعسكري لإسرائيل في المنطقة»، وأنهم على ما يبدو استجابوا لطلب بيريس إعادة النظر في تنفيذ صفقة بيع صواريخ «إس 300» لسوريا.