مصريون يشكون من استمرار حالة الفوضى في البلاد

تصادم قطارين وإضراب سائقي الشاحنات ومترو أنفاق القاهرة

TT

لم يكن حادث تصادم قطارين بمدينة الفيوم (130 كلم جنوب القاهرة) مساء أول من أمس (السبت)، إلا استمرارا لحالة الشعور بالفوضى التي تعم البلاد منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) العام الماضي، حيث ذكّر تضارب تصريحات المسؤولين عن أسباب وقوع الحادث، المصريين بطريقة تعامل نظام الرئيس السابق حسني مبارك مع مثيلتها من حوادث القطارات الشهيرة التي وقعت في عهده، وراح ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى.

ورغم محاولات الحكومة تحسين مستوى الخدمات وفرض النظام في الشارع في أسرع وقت ممكن، فإن الوضع الأمني والمروري يزدادان تدهورا أيضا، بينما يواصل سائقو الشاحنات إضرابهم لليوم الثالث على التوالي احتجاجا على قيمة الضرائب، فيما هدد العاملون في مترو أنفاق القاهرة بالإضراب عن العمل يوم غد (الثلاثاء)، بسبب تدني الأوضاع داخل جهاز المترو.

«فوضي.. فوضي مش عارفين البلد رايحة على فين»، بهذه العبارة عبَّر نور الدين عبد الحميد (موظف بهيئة البريد المصري)، عن الحال الذي يعيشه غالبية المصريين هذه الأيام بعد مرور 130 يوما على تولي الرئيس محمد مرسي مهام منصبه كرئيس منتخب للبلاد بعد الثورة.

وأضاف عبد الحميد (37 عاما): «الفوضى ضربت كل مكان في مصر ولا يوجد أي علامات لقيام الحكومة والأجهزة المعنية بدورها في تحقيق السيولة المرورية أو القضاء على الإضرابات التي ضربت جميع مؤسسات الدولة، يضاف إلى ذلك غياب الأمن عن الشوارع». وتابع عبد الحميد: «أصبحنا نخاف على أولادنا من الخروج إلى الشارع»..

وشهدت مصر الليلة قبل الماضية حادثا مروعا، إثر وقوع حادث تصادم بين قطارين على خط السكك الحديدية الفيوم الواسطي، أسفر عن مقتل 4 وإصابة 45 حسب بيانات رسمية. وحمل مسؤولون بهيئة السكك الحديدية مسؤولية الحادث لسائقي القطارين وطالبوا بسرعة القبض عليهما عقب وقوع الحادث مباشرة؛ لكن الدكتور رشاد المتيني، وزير النقل، حمل الهيئة والوزارة مسؤولية الحادث، مطالبا بمحاسبة المتسبب في إطلاق إشارة التحرك بالخطأ. وقال الوزير إن «الحادث وقع بسبب خطأ في إشارة تحرك أحد القطارين قبل موعده».

وقال شاهد عيان إن «قطار الفيوم كان من المفروض أن يتوقف على خط التخزين (وهي خطوط لتخزين القطارات خارج محطة القطار)، لأنه قطار يقف في كل المحطات، في حين أن قطار الإسكندرية قطار سريع وكان يجب أن يمر هو أولا؛ لكن المسؤولين عن المحطة أعطوا تصريحا بتحرك قطار الفيوم بناء على أن خط السكة الحديد خال».

وأضاف شاهد العيان إن «ركاب القطار فوجئوا بالقطارين زجها لوجه، وحاول سائق قطار الفيوم أن يوقف القطار؛ لكن دون جدوى»، مشيرا إلى أن العشرات سقطوا من القطار ولم يستدل عليهم حتى الآن.

ومن جهة أخرى أعلنت الحكومة على لسان رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل أنها لن تستجيب لمطالب سائقي النقل الثقيل الذين واصلوا إضرابهم عن العمل أمس (الأحد) لليوم الثالث على التوالي، احتجاجا على رفع قيمة الضرائب المفروضة عليهم، داعين لتنفيذ مطالبهم التي أعلنوها وأرسلوها إلى الجهات الحكومية المختلفة.

وتأثرت حركة النقل على الطرق السريعة بالإضراب، وارتفعت أسعار مواد البناء وشهد قطاع الإنشاءات والبناء بمحافظات مصر شللا نتيجة الإضراب. وقال أحمد ماهر (سائق من أسوان)، إن «الغرامات المفروضة على السائقين تمثل أعباء ضخمة عليهم بالإضافة إلى أعباء الغرامات التي تفرض عليهم جراء سحب الرخص المتكررة».

وأضاف ماهر: «مصرون على موقفنا لحين التوصل إلى حلول مع الحكومة التي لم تراع مصالحنا، ولم تأخذ في اعتبارها أن أصحاب الشاحنات عليهم مصروفات والتزامات مع البنوك لسداد ثمن هذه الشاحنات».

من جهته، أصدر مجلس الوزراء المصري بيانا أكد فيه أنه «لن يتم إضافة أعباء ضريبية من أي نوع على أصحاب الشاحنات، وأن مشروع إحلال الشاحنات القديمة تم وضعه للحد من حوادث الطرق بمقتضى القانون حتى عام 2012، وأنه لن يتم تمديده مهما كانت الضغوط».

وأكد مجلس الوزراء أنه «لن يكون هناك أي تعديل ضريبيي من قبل الحكومة التي تريد أن تسرع بعجلة الاقتصاد». في المقابل، أكد وزير النقل المصري أن «إضراب سائقي الشاحنات أعطى مؤشرات إيجابية للنقل البديل بالسكك الحديدية والنقل النهري وأعطاها الفرصة للمساهمة في نقل البضائع التي كانت تصل نسبتها في السابق إلى ما يقرب من 5 في المائة فقط من حجم نقل البضائع».

في سياق مواز، قال رفعت عرفات، رئيس النقابة المستقلة لعمال مترو أنفاق القاهرة، إنه تقرر الدخول في اعتصام مفتوح على خطوط المترو الثلاثة غدا (الثلاثاء) للمطالبة بإقالة علي حسين رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق ومساعديه، بسبب تردي الأوضاع داخل جهاز المترو.

ويعتمد أغلبية المصريين على مترو الأنفاق كوسيلة مواصلات رئيسية، وتقدر الإحصاءات أن نحو 3 ملايين راكب يستقلون المترو بشكل يومي.

وأضاف عرفات أنه «تم منح الحكومة مهلة إلى اليوم (الاثنين) لتلبية مطالبنا؛ وإلا سنبدأ بالتصعيد، وأولى خطوات التصعيد الإضراب عن العمل».