ليبيا تبدأ اليوم محاكمة البغدادي.. ووعود بـ«وضع مناسب» للأمازيغ في الدستور

مقتل 4 في اشتباكات غرب البلاد * طرابلس تطالب دول الجوار برفع حظر سفر معارضي القذافي إليه

رئيس أركان الجيش الليبي العميد جمعة الباني وممثل الأمم المتحدة في ليبيا مايكل سميث لدى حضورهما أمس عملية سحب الغاز من أحد صواريخ سام 2 التي اسقطتها قوات الناتو في ليبيا قبل عام ( إ ب ا )
TT

أعلنت السلطات الليبية مساء أمس أنها قررت البدء في محاكمة البغدادي المحمودي، آخر رئيس وزراء في عهد العقيد الراحل معمر القذافي، في وقت تشهد فيه البلاد هشاشة في الوضع الأمني، وغموضا بشأن المستقبل، على الرغم من انتخاب حكومة جديدة الشهر الماضي.

وتجددت الليلة قبل الماضية الاشتباكات بين المسلحين الذين يمثلون تحديا كبيرا للسلطات الجديدة، ووقعت الاشتباكات الأخيرة في غرب البلاد، وأدت إلى مقتل 4، وإصابة اثنين على الأقل. وأعطى رئيس البرلمان محمد المقريف وعودا بوضع مناسب للأمازيغ في الدستور.

وأعلن طه بعرة، المتحدث باسم النائب العام الليبي، أن محاكمة رئيس الحكومة الليبية الأسبق، المحمودي، ستبدأ اليوم (الاثنين) في طرابلس. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن المحمودي «سيمثل أمام المحكمة خصوصا بتهمة (ارتكاب أعمال ترمي للمساس بأمن الدولة)».

وتسلم المحمودي رئاسة الحكومة في ليبيا منذ عام 2006 حتى سقوط نظام القذافي في صيف عام 2011. ويعتبر المحمودي وكل من رئيس المخابرات العسكرية السابق عبد الله السنوسي، وسيف الإسلام القذافي، من أهم الشخصيات التي تملك أسرارا عن حقبة حكم القذافي الطويلة. وفر المحمودي من ليبيا في سبتمبر (أيلول) 2011، عقب سقوط طرابلس في أيدي الثوار، إلا أنه اعتقل في جنوب تونس قرب حدودها مع الجزائر. وقامت الحكومة التونسية بتسليمه إلى طرابلس في 24 يونيو (حزيران) الماضي بعد اعتقاله هناك لمدة تسعة أشهر. وانتقدت شخصيات سياسية تونسية معارضة ومنظمات للدفاع عن حقوق الإنسان تسليم المحمودي، معتبرة أن هذا القرار يخرق القوانين الدولية رغم تعهد السلطات الليبية بتأمين محاكمة نزيهة له. ومنذ يوليو (تموز) الماضي يؤكد المحمودي من سجنه في طرابلس براءته.

وعلى صعيد متصل، قالت مصادر ليبية مطلعة، لـ«الشرق الأوسط» الليلة قبل الماضية، إن اشتباكات وقعت قرب جبل نفوسة في غرب البلاد أدت إلى مقتل 4 وإصابة اثنين آخرين. وأضافت أن الاشتباكات التي استخدمت فيها أسلحة ثقيلة وقعت بين الأمازيع بمدينة كباو والأشراف بمنطقة الصيعان بالجبل الغربي، بسبب محاولة مجموعة أمازيغية مسلحة من كباو دخول معسكر تيجي. وزادت قائلة أن الاشتباك وقع بين الجانبين بعد رفض معسكر تيجي دخول مجموعة كباو، وأنه تم استخدام أسلحة ثقيلة في المعركة منها صواريخ «غراد»، مما أدى إلى تحطم عدد من المنازل ووقوع القتلى الأربعة والمصابين. ونقلت وسائل إعلام محلية ليبية عن مصدر من اللجنة الأمنية العليا في جبل نفوسة قوله إن سبب الاشتباكات يرجع إلى محاولة أفراد من منطقة كباو استخراج أسلحة ثقيلة من معسكر منطقة تيجي.

ومن جانبه، أعلن رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا، محمد المقريف، دعمه لحق الأمازيغ في أن تكون لغتهم ضمن الدستور الجديد، إضافة إلى اللغة العربية، مشيرا إلى أن بلاده ستشهد دستورا جديدا يعبر عن ضمير الأمة بكل مكوناتها وتطلعاتها، ويعترف بأكثر من لغة وطنية، في إشارة إلى الأمازيغ الذين تبلغ نسبتهم نحو خمس عدد السكان البالغ نحو 6 ملايين نسمة.

وقال المقريف الليلة قبل الماضية في ختام فعاليات مهرجان ثقافي بمدينة جادو غرب البلاد «ينبغي أن يعبر هذا الدستور عن ضمير الأمة الليبية بكل أطيافها، وليس هناك ضير في أن يعترف بأكثر من لغة وطنية، وهذا ليس مساسا بالوحدة الوطنية».

إلى ذلك، قالت مصادر عربية مطلعة في القاهرة أمس إن السلطات الليبية طالبت دول الجوار، خاصة مصر وتونس والجزائر، برفع حظر سفر معارضي العقيد الراحل معمر القذافي إليها، والذي ظل ساريا رغم رحيل العقيد ونظامه. يأتي هذا في وقت عادت فيه حركة السفر الدولي عبر منذ السلوم البري بعد أيام من قطع الطريق بين البلدين من محتجين يعترضون على تعقيد عمليات التنقل عبر الحدود.

وكشفت مصادر مطلعة في القاهرة أمس أن الحكومة المصرية تلقت مذكرة رسمية من نظيرتها الليبية منذ بضعة أيام تطالب السلطات المصرية برفع الحظر الذي كان نظام القذافي قد فرضه على 274 مواطنا ليبيا، ويقضي بمنعهم من الدخول إلى الدول المجاورة لليبيا ومن بينها مصر، لكونهم من المعارضين لنظامه.

وطالبت المذكرة الليبية كلا من الحكومات المصرية والتونسية والسودانية والتشادية بالسماح لهؤلاء المواطنين الذين عارضوا نظام العقيد الراحل بالدخول إلى أراضيها بصورة اعتيادية، وفقا لقواعد وإجراءات الدخول العادية المطبقة في كل من مصر والسودان وتونس وتشاد.

تجدر الإشارة إلى أنه رغم نجاح ثورة 17 فبراير (شباط) 2011 في ليبيا في الإطاحة بنظام القذافي منذ أكثر من عام فإن سلطات المطارات والمنافذ الحدودية لدول الجوار لليبيا ظلت تمنع دخول المواطنين الليبيين الواردة أسماؤهم في قائمة معارضي القذافي الطويلة. وأضافت المصادر أن هذه المشكلة برزت على السطح أخيرا عندما حاولت قيادات ليبية بارزة دخول مصر عبر مطار برج العرب الواقع في غرب مصر متوجهة إلى المنطقة الشرقية في ليبيا، إلا أن سلطات المطار رفضت دخولها تنفيذا لقائمة القذافي التي تضم أسماء أبرز معارضيه. وأشارت المصادر إلى أن أجهزة الأمن في المنافذ كانت تلتزم بتطبيقها في إطار التعاون القائم بين الدولتين في أيام النظامين السابقين في مصر وليبيا.

وتشمل القائمة أسماء قيادات ليبية تولى بعضها مواقع في الحكومة الليبية بعد الثورة، وأساتذة جامعات، ودبلوماسيين، ورجال علم ودين، وشخصيات قبلية من أسر معروفة كأسرة البكوش والقماطي والمحيشي، إلى جانب قيادات ليبرالية وأخرى إسلامية تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين وجمعيات سلفية وجهادية.

وعلى صعيد آخر، قالت مصادر مسؤولة في محافظة مطروح الواقعة على الحدود المصرية الليبية إن بعض أهالي مدينة السلوم الحدودية نظموا وقفة احتجاجية بسبب اعتراضهم على قيام الجانب الليبي بإصدار قرار يمنع دخول أبناء محافظة مطروح الأراضي الليبية إلا بعد تأشيرة مسبقة، وأنه تم التنسيق مع الجهات المعنية وفتح الطريق وإعادة الحركة المرورية إلى طبيعتها.