ارتفاع عدد القتلى إلى 6 وعشرات الجرحى في الغارات الإسرائيلية على غزة

نتنياهو يحذر وحكومته تواجه انتقادات وتصاعد الدعوات لاجتياح شامل

طفل فلسطيني داخل بيت في مدينة رفح دمرته الغارات الإسرائيلية أمس (أ.ف.ب)
TT

ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين جراء الغارات الجوية وعمليات القصف الإسرائيلية التي استهدفت مناطق متفرقة في قطاع غزة إلى ستة، وسقط عشرات الجرحى. وقد أعلنت «سرايا القدس»، الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، عن مقتل محمد عبيد (20 عاما) الذي قالت إنه من «لواء المدفعية» التابع لها بعد استهدافه فجر أمس من قبل طائرة إسرائيلية من دون طيار. وأشارت «السرايا» إلى مقاوم آخر يدعى محمد شكوكاني قتل وأصيب أربعة آخرون في غارة إسرائيلية استهدفتهم في محيط منطقة «أبراج الكرامة» (شمال غربي غزة). وكان أربعة فلسطينيين، من بينهم شقيقان، قتلوا وجرح العشرات مساء أول من أمس، عندما أطلقت دبابة إسرائيلية قذائف عدة على سرادق عزاء في حي «الشجاعية» (شرق غزة). وفي حي «الزيتون» (جنوب المدينة) أصيب مواطن فلسطيني بجراح عندما أغارت طائرة إسرائيلية على أرض خالية في محيط الحي. وفي شمال قطاع غزة، أصيب شخصان بجراح عندما استهدفت طائرة حربية إسرائيلية منزلا في مخيم «جباليا»، مما أدى إلى حدوث حريق كبير في المنزل. وأصيب معمل للباطون بأضرار كبيرة جراء استهدافه من قبل مدفعية الاحتلال بقذيفتين. وفي أقصى جنوب القطاع تعرض موقع تدريب تابع لـ«كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة حماس، يقع في حي «تل السلطان» (غرب مدينة رفح)، للقصف، حيث لحقت به أضرار جسيمة، دون أن يبلغ عن وقوع إصابات، فقد كان الموقع خاليا. وزعمت الشرطة الإسرائيلية أن مصنعا ومباني عدة في منطقة النقب الغربي أصيبت جراء سقوط صواريخ أطلقت من قطاع غزة الليلة قبل الماضية وفجر أمس. وفي مستوطنة «سديروت»، أصيب أربعة إسرائيليين بجراح، جراء سقوط صواريخ. وقال رئيس بلدية أشدروت ديفيد بوسكيلة لإذاعة الجيش إن 15 صاروخا سقطت على البلدة أمس.

وردا على التصعيد الإسرائيلي، أعلنت أجنحة عسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية في بيان مشترك صباح أمس، مسؤوليتها عن قصف مواقع الاحتلال المحاذية لقطاع غزة برشقات من القذائف الصاروخية.. وقع على البيان كل من: «كتائب الشهيد عز الدين القسام»، و«كتائب حماة الأقصى»، و«كتائب الناصر صلاح الدين»، و«كتائب المجاهدين»، و«ألوية الناصر صلاح الديـن»، و«كتائب الأنصار».

من ناحيته قال فوزي برهوم، الناطق باسم حركة حماس، إن التصعيد الإسرائيلي واستهداف المدنيين «أمر خطير جدا ولا يمكن السكوت عليه، ويجب أن يوضع له حد»، مشددا على أن الشعب الفلسطيني «ومقاومته الباسلة، لن (يسمحا) على الإطلاق بفرض أي معادلات إسرائيلية على شعبنا». وفي تصريح صحافي صادر عنه، قال برهوم: «مقاومتنا للاحتلال وللجنود الصهاينة الذين يقتلون أبناءنا مشروعة»، محملا حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن كل تبعات وتداعيات هذا التصعيد، قائلا: «لن نسمح بأن يكون الدم الفلسطيني ثمنا لتحقيق مكاسب انتخابية وسياسية إسرائيلية».

من جهة أخرى، هددت إسرائيل بأنها ستواصل قصفها لقطاع غزة وتزيد من حدته، حتى يكف الفلسطينيون عن إطلاق الصواريخ. وقال وزير الدفاع، إيهود باراك، إن جهودا تبذلها مصر والولايات المتحدة بغرض التوصل إلى تهدئة، ولكن غالبية الوزراء والمسؤولين ومعهم قادة المجالس في بلدات الجنوب الإسرائيلية، طالبوا بالقيام بعملية اجتياح حربية واسعة للقطاع، وتنفيذ عمليات اغتيال لقادة «حماس»، الذين «يؤدون دورا مزدوجا، فمن جهة يقولون إنهم غير معنيين بالتصعيد ويتعهدون بالتهدئة، ومن جهة ثانية ينافقون التنظيمات المسلحة الفلسطينية ويشجعونها في عملياتها»، كما قال أحد الضباط العاملين في قيادة اللواء الجنوبي للجيش السوري.

وكان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قد أبلغ وزراءه في مستهل جلسة الحكومة، أمس، بأن جيشه «سيعمل بحزم ضد المنظمات الإرهابية في قطاع غزة وهي تتلقى منه ضربات موجعة». وقال: «يجب على العالم أن يفهم أن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي أمام المحاولات للاعتداء عليها ونحن جاهزون لتصعيد ردنا». وأشاد نتنياهو بسكان البلدات الإسرائيلية الجنوبية، الذين أمضوا ليلتهم داخل الملاجئ أو الغرف المحصنة، و«الذين يقفون بشجاعة وبضبط النفس إزاء حالة غير بسيطة»، علما بأن الجيش طلب من هؤلاء السكان البقاء في الملاجئ للأيام المقبلة أيضا، باعتبار أن القصف المتبادل لن يتوقف قريبا. وقالت الإذاعة الإسرائيلية إن وزير المواصلات، يسرائيل كاتس، الذي يسكن في إحدى بلدات الجنوب، وتباهى أمس بأنه أمضى ليلته داخل غرفة محصنة «مثل سكان المنطقة كلها»، دعا خلال جلسة الحكومة هذه، إلى العودة للاغتيالات واستهداف قيادات حركة حماس بالذات وتصفيتها، فيما دعا وزير الجبهة الداخلية، أفي ديختر، إلى شن حرب برية أيضا، معتبرا، حسبما أوردت الإذاعة، أنه «لا يوجد حل سحري لوقف الصواريخ، وأن هناك حاجة لعملية استراتيجية للقضاء على مصادر إطلاق الصواريخ». وقال ديختر إن إسرائيل لا يمكنها أن تسلم بوجود «كيان إرهابي»، على حد وصفه، بين مصر وإسرائيل.

المعروف أن الجولة الجديدة من التوتر الحربي في الجنوب بدأت في الليلة قبل الماضية عندما دخلت سيارة جيب عسكرية الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة، غرب السياج الحدودي الإسرائيلي، فقصفتها قوة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بصاروخ مضاد للدبابات، ما أدى إلى إصابة الجنود الأربعة داخله، بجروح. وردت إسرائيل بقصف مدفعي باتجاه حي الشجاعية الذي تعتقد أن الصاروخ أطلق من بين بيوته، فقتلت أربعة فلسطينيين على الفور. ورد الفلسطينيون بزخات من الصواريخ والقذائف، في البداية باتجاه البلدات المحيطة بقطاع غزة، ثم رفعت من درجتها وراحت في ساعات ظهر أمس، تطلق صواريخ «غراد» التي تعتبر نوعية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه أسقط كل الصواريخ الموجهة بدقة إلى مواقع مأهولة، وترك غالبية الصواريخ تسقط في مناطق مفتوحة، ولكن شظايا أحد الصواريخ أصابت مواطنين إسرائيليين بجراح خفيفة، أمس، وتسببت بأضرار خفيفة للسيارات المارة ولأحد البيوت. وقد ألغيت الدراسة في معظم مدارس الجنوب وبات السكان في الملاجئ والغرف المحصنة في البيوت، وخرجوا منها في الصباح يطالبون الحكومة بعمليات جذرية لقطع دابر الصواريخ. وقال رئيس المجلس الإقليمي إنه مدرك أن «الحكومة تستصعب القيام بعملية اجتياح واسعة بسبب الانتخابات»، ولكنه حذرها في الوقت نفسه من مغبة ترك الأمور لما بعد الانتخابات. وقال: «أنا أنصح الحكومة بأن تعمل فورا كل ما يجب فعله، ونحن معها. ولكن إذا استمر القصف بالصواريخ الفلسطينية ولم يتوقف تماما فإننا نتعهد بالخروج ضد الحكومة بكل ما نملك من قوة جماهيرية».

وقد خرجت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، بانتقاد صريح للحكومة وللجيش، ولكل من فتح الباب للصدامات الحالية. وقالت: «إن من أرسل سيارة جيب إلى الطرف الغربي من السياج الحدودي، كان عليه أن يعرف أنه بذلك يدخل في مغامرة كبيرة؛ فالسيارة العسكرية تستدعي قصفا فلسطينيا، وهذا لا يمكن أن يمر من دون رد إسرائيل والرد سيجر إلى رد فلسطيني، وهذا سيعقبه رد إسرائيلي، هكذا يحصل التدهور عادة. والآن، لم يبق أمام الحكومة سوى ثلاثة خيارات: فإما أن تدخل في حرب اجتياح شامل للقطاع، وإما أن تبلع هذه الضربة وتقبل باتفاق هدنة مع حماس، وإما أن يستمر الوضع الحالي الذي يضطر فيه سكان بلدات الجنوب إلى الاختباء في الملاجئ بوتائر عالية».