البنك المركزي يوقف بيع العملات الأجنبية للأفراد.. ومزيد من أرتال الدبابات تعبر وسط العاصمة

تجار العملة يستغلون فروقا سعرية للمضاربة وتأمين أنفسهم

TT

رصد سكان في شارع مرشد خاطر، وسط العاصمة دمشق، وصول عدد كبير من الجنود المدججين بالسلاح مع سيارات نصب عليها رشاشات مضادة للطيران، للانتشار في محيط المقر الأمني في حارة الخطيب، وعبور أرتال من الدبابات في شارع الثورة باتجاه الميدان والأحياء الجنوبية حيث تدور اشتباكات عنيفة هناك بين الجيشين الحر والنظامي، وسط استمرار للقصف المدفعي على تلك المناطق، ومناطق أخرى في ريف دمشق.

كما شوهد رتل يتجه إلى محيط بلدة قدسيا، ورتل يتجه شرق دمشق.. فيما غاب تحليق طائرات الـ«ميغ» عن سماء العاصمة منذ يومين، التي تعيش أجواء من القلق والتوتر على وقع شائعات كثيرة عن إنذار الجيش الحر للبعثات الدبلوماسية للمغادرة خلال يومين، وكذلك إنذار للأهالي بالتزام المنازل والابتعاد عن المقرات الأمنية وأماكن وجود الشبيحة والحواجز، لأنها ستكون أهدافا لعمليات الجيش الحر، إلا أن أنباء أخرى أفادت بنفي الجيش الحر توجيه مثل هذه الإنذارات، في وقت وقعت فيه اشتباكات في شارع خالد بن الوليد وسط العاصمة ليل الأحد - الاثنين بعد هجوم الجيش الحر على حاجز في منطقة الفحامة بالبرامكة، وسمع إطلاق نار كثيف بعد انفجار ضخم وقع عند الساعة الثالثة والربع فجرا.

بالتوازي مع تلك التطورات، ولمواجهة تدهور الليرة السورية وارتفاع سعر الدولار إلى 80 ليرة في السوق السوداء، وغرام الذهب 21 إلى 3800 ليرة سورية، أصدر البنك المركزي يوم أمس قرارا بوقف بيع العملات الأجنبية للأفراد حتى إشعار آخر.

وبحسب السوق، كان سعر الدولار خلال الأيام القليلة الماضية 79.5 ليرة سورية للشراء و80 ليرة للبيع، في حين أن البنك المركزي ثبت السعر على 70 ليرة. واستغل تجار العملة هذا الفارق بالسعر وقاموا عبر أفراد بشراء مبلغ الألف دولار المسموح به لمرة واحدة سنويا، من قبل المصارف المرخصة، وبسعر بحدود 70.63 ل.س. للمبيع، و70.21 ل.س. للشراء، حسب تسعير البنك المركزي، ثم أعادوا بيعه في السوق السوداء بـ78.5 ل.س، أي بربح 8000 ل.س. تقريبا على الألف دولار.

وقد نشطت هذه العملية خلال الشهر الأخير بشكل ملحوظ.. وبينما هي تبدو وكأن أفرادا يقومون بذلك، يؤكد أحد الصرافين بدمشق أن وراء هذه العمليات رؤوسا كبيرة من التجار المسيطرين على الاقتصاد بالبلاد.

وفي تقرير لصحيفة «الوطن» التابعة للنظام، تقول إن المراقب للسوق يرى أن زيادة العرض هذه يجب أن تؤدي إلى انخفاض السعر، وفق قوانين السوق «العرض والطلب»، إلا أنه في ظل الظروف الحالية، يسعى تجار السوق السوداء إلى تأمين أنفسهم بالسيولة اللازمة من الدولار، لذا يرفعون سعر الشراء بما يشجع المواطنين على الشراء من المصارف وإعادة البيع في السوداء، وهذا بالضبط يعني قيام التجار بـ«شفط» أكبر كمية ممكنة من الدولار من المصارف.

وعن مكاسب التجار، نرى أن عملية ارتفاع السعر هذه أثارت بدورها بعض المخاوف لدى عدد من المتعاملين، فسارعوا إلى شراء الدولار، عند مستويات أقل من 80 ل.س. على أمل إعادة بيعها بأسعار أعلى من ذلك، وتحقيق مكاسب، على الرغم من المخاطر الكبرى المرتبطة بهذه المضاربات.

من جهة أخرى، الطلب بغرض التحوط والسفر لا يزال موجودا، لكنه محكوم بشروط محددة من قبل «مصرف سوريا المركزي»، لذا من يريد سهولة في الحصول على الكميات، يقصد السوق السوداء، ويقع تحت رحمة تجاره في تحديد السعر.

ويؤكد الاقتصاديون في الحكومة أن مستوى التماسك للدولار انتقل من 70 إلى 75 ل.س. منذ أسابيع عدة، وأن ارتفاع الدولار مرحلي مرتبط بالمضاربات الحالية، وينعكس ذلك سلبيا على أسعار السلع التي تواصل ارتفاعها بشكل صاروخي مع مواصلة الذهب تسجيل ارتفاع قياسي، حيث وصل سعر الغرام عيار 21 إلى 3800، الأمر الذي نشط حركة بيع المقتنيات الشخصية لدى الأفراد لتلبية الاحتياجات اليومية، حيث تجاوزت نسبة التضخم أكثر من نصف القدرة الشرائية للسوريين ذوي الدخل المحدود.

ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية وفقدان مئات الآلاف لأعمالهم ومصادر رزقهم، بات بيع المقتنيات الشخصية من الذهب الوسيلة الوحيد للعيش. وبحسب أحد الصاغة، فإن هناك كثيرين يبيعون خواتم وقطعا صغيرة، للحصول على ثمن غذاء أو دواء أو إيجار منزل.. في وقت فقد فيه سكان العاصمة الشعور بالأمان ويرزحون تحت وطأة القلق من القصف والتدمير مع تزايد مشاهدتهم لأرتال الدبابات تعبر وسط المدينة.