انقسام حول مشروع الضبعة النووي .. والرئاسة توفد لجنة للتقصي

الحكومة تصر على إقامته في مكانه القديم وأهالي مطروح يرفضون

TT

قدم مستور أبو شكارة، رئيس اللجنة التنسيقية لمتضرري المحطة النووية في الضبعة شمال غربي مصر، للرئيس محمد مرسي، 10 آلاف توقيع من أهالي المنطقة الرافضين إقامة المشروع النووي على الأرض المطلة على البحر المتوسط وتبعد عن القاهرة بنحو 400 كيلومتر. وكان أبو شكارة ضمن وفد من القيادات الشعبية من محافظة مطروح التي تتبعها الضبعة. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مسؤولة أن الرئاسة وعدت وفد مطروح بإرسال مندوبين من الرئاسة لتقصي الحقائق حول المشروع «الذي تسبب في انقسامات بين مسؤولين في الدولة»، مشيرة إلى أن «الحكومة تصر على إقامة المشروع في مكانه القديم وأهالي مطروح يرفضون».

وشهدت أرض المشروع النووي البالغ مساحتها نحو 60 كيلومترا مربعا في الضبعة اعتداءين كبيرين عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011. من قبل سكان غاضبين. وتسبب الاعتداءان في تدمير ممتلكات ومنشآت تابعة للمشروع تبلغ كلفتها ملايين الدولارات الأمر الذي يشكل أكبر عقبة أمام تنفيذ المشروع.

وقال الدكتور محمد عزت عبد العزيز، رئيس هيئة الطاقة الذرية الأسبق، إن مصر دخلت عام 1981 في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ولذلك لم يبق أمام الهيئة في ذلك الوقت إلا إنشاء مفاعل نووي سلمي لإنتاج الطاقة وتحلية المياه. وأضاف أن علماء الطاقة قاموا بدعوة القيادة السياسية لهذه الخطوة في ذلك الوقت حتى صدر قرار من المجلس الأعلى للطاقة في عام 1986 بالاتجاه لإنشاء محطة نووية لإنتاج الطاقة بمنطقة الضبعة.

وأشار الدكتور عزت إلى أنه ومنذ ذلك الوقت (الثمانينات) بدأ الجدل بين المناهضين للمشروع والمدافعين عنه، لكن تم تجميد المشروع في العام نفسه (1986)، بحجة التخوف من حدوث مشاكل مماثلة لما حدث لمفاعل «تشيرنوبل» الذي انفجر في الاتحاد السوفياتي في ذلك الوقت.

وتم إحياء مشروع الضبعة مجددا في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك، حين أعلن في مؤتمر لحزبه الحاكم آنذاك أن مصر قررت استئناف العمل في مشروع الضبعة، لكن سقوط نظامه مطلع العام الماضي حال دون استكمال المشروع. وفي خضم الفوضى العارمة التي ضربت البلاد، قام ألوف المواطنين في الضبعة بهدم السور الضخم الذي كان يحيط بأرض المشروع، وتسويته بالأرض.

وجاءت أكبر نسبة من الأصوات التي حصل عليها مرسي في إعادة انتخابه في يونيو (حزيران) الماضي، من محافظة مطروح التي ينشط فيها التيار السلفي بشكل كبير. وخلال جولاته الانتخابية زار مرسي الاعتصام الذي قام به أهالي الضبعة ضد مشروع المحطة النووية في مطروح، وبدا من كلمته أمام ألوف المحتجين وقتها أنه يؤيد مطالبهم في وقف تنفيذ المشروع. لكنه حين زار المحافظة الشهر الماضي لم يعط إجابات «رئاسية» قاطعة عما إذا كانت الدولة عازمة على تنفيذ المشروع أم لا.

واستقبل مرسي الأسبوع الماضي وفدا من أبناء مطروح. وقال أبو شكارة إن الطلب الذي تم تقديمه للرئيس مرسي تضمن رفض الأهالي لأي تعويضات مالية عن أراضيهم التي سيتم بناء المشروع النووي عليها لأنهم ببساطة «ضد إقامة المشروع أساسا».

وتقلل الحكومة من مخاطر المشروع وتبدو الحكومة مصرة على إقامة المشروع في مكانه. وقال مستشار وزير الكهرباء للمحطات النووية إبراهيم العسيري بشأن حقيقة التخوفات من المشروع إنه «لا يوجد مفاعل نووي في العالم ينفجر.. إن أي تكنولوجيا في العالم يحدث بها مشاكل، لكن كل شيء يكون محسوبا»، بينما أضاف الدكتور يسري أبو شادي، كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومسؤول الطاقة بمشروع النهضة الرئاسي أنه لا بديل عن البحث عن مصادر جديدة للطاقة ولا سيما الطاقة النووية، لأن 90% من كهرباء مصر تعتمد على السولار والمازوت وقليل من البترول.

ويعتمد المعارضون للمشروع على تقارير أعدها كل من الدكتور خالد عبد القادر عودة، الأستاذ بجامعة أسيوط، والدكتور السيد حسن القلا الأستاذ بجامعة الأزهر. وترى هذه التقارير عدم صلاحية موقع الضبعة من ناحية نوع صخور التربة ومن ناحية الأمن القومي، لاحتمال هبوب الغبار الذري على المناطق السكنية الكبيرة الواقعة في الشرق في حال تعرضه لهجوم خارجي أو إرهابي.

وقال عبد السلام هنداوي، من أهالي الضبعة: نحن في محيط دائرة مركز ومدينة الضبعة البالغ عددنا نحو 40 ألف نسمة، في حين دراسة إقامة المشروع منذ نحو 35 عاما كان تعداد سكان الضبعة نحو 5 آلاف نسمة. وأضاف: «الظروف تغيرت، وينبغي نقل المشروع إلى مكان آخر». وتحت لافتة كتب «أوقفوا مشروع الطاقة النووية» وقف أحد أبناء الضبعة ويدعى حمدي حفيظ محمد، وقال: «منذ سنوات ونحن لا نستطيع الاستفادة بالأرض بحجة المشروع النووي.. سنستمر في الاعتصام والمظاهرات ضد هذا المشروع».

وقال العمدة مهني رحومة عمدة قبيلة الجميعات: نحن نرفض المشروع الخاص بالطاقة النووية لما له من مخاطر خاصة بعد ما حدث في عدة دول في الفترة الأخيرة مثل اليابان التي تضررت بشدة بعد أن ضرب الإعصار مفاعلاتها النووية.

وأضاف أبو شكارة، بعد مشاركته في الوفد الذي قابل الرئيس مرسي، قائلا: جددنا رفض أهالي الضبعة للمشروع النووي، ومستعدون لاستقبال أي مشروعات تنموية أخرى.

وقالت مصادر الرئاسة المصرية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن مرسي رد على طلبات وفد مطروح دون أن يؤكد لهم الاستمرار في تنفيذ المشروع النووي أو التوقف عنه، لكنه قال للوفد إن أبناء الضبعة لن يضار منهم أحد و«عليهم أن يقوموا بالزراعة والاستصلاح في أرض المشروع دون خوف»، وأشارت المصادر نفسها إلى أن الرئيس قرر إرسال وفد من مستشاريه خلال اليومين القادمين للوقوف على مشاكل مطروح والضبعة على الطبيعة.