ليبيا: انتقال عائلة القذافي إلى دولة عربية أخرى وسط صمت رسمي

مصادر ليبية: رئيس المجلس الانتقالي الليبي السابق تعهد لأرملة العقيد الراحل بحمايتها

TT

تأكيدا لانفراد «الشرق الأوسط» مؤخرا بنشر معلومات عن خروج عائلة العقيد الراحل معمر القذافي، ما عدا أرملته صفية فركاش، من الجزائر إلى دولة ثالثة، كشفت مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن اتفاق غير معلن جرى بين المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي السابق وأرملة القذافي، للسماح لها بالعودة إلى مسقط رأسها في مدينة البيضاء الليبية.

وما زالت السلطات الليبية والجزائرية تلتزم الصمت على المستوى الرسمي، ولم تعلق سواء بالنفي أو التأكيد على هذه المعلومات؛ بشأن توجه عائلة القذافي التي تضم ابنه الأكبر محمد (من زوجته الأولى) وهانيبال وعائشة، من الجزائر إلى دولة أخرى، فيما أكد مسؤول ليبي أن السلطات الجزائرية أبلغت نظيرتها الليبية رسميا بهذه المعلومات. ونقلت مختلف وسائل الإعلام العربية والدولية عن «الشرق الأوسط» هذه المعلومات على مدى الأيام القليلة الماضية، قبل أن تخرج أمس صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية بتقرير يعتمد بالأساس على ما نشرته «الشرق الأوسط»، لكن هذه المرة دون تسميتها.

ونقلت الصحيفة عن رجل أعمال مقرب من الأسرة مقيم بلندن، لم تذكر اسمه، قوله إن مسؤولا عن الشؤون المالية للأسرة زار النيجر مؤخرا للترتيب للم شمل أبناء القذافي، مشيرة إلى أن الإجراءات المشددة على أبناء القذافي بالجزائر والاتفاق بين طرابلس والجزائر للسماح للزوجة الثانية للقذافي بالعودة إلى ليبيا دفعت أفراد العائلة هناك للبحث عن ملجأ آخر في أفريقيا. لكن مصادر ليبية مطلعة أبلغت «الشرق الأوسط» في المقابل أن أبناء القذافي الثلاثة محمد وهانيبال وعائشة قد توجهوا بالفعل إلى دولة عربية وليس إلى النيجر، مشيرة إلى أن الساعدي النجل الآخر للقذافي ما زال يقيم في النيجر التي فر إليها في شهر أغسطس (آب) من العام الماضي. وما زال سيف الإسلام الابن الثاني للقذافي معتقلا في السجن بمدينة الزنتان الليبية، بانتظار نقله وتسليمه للمحاكمة في طرابلس، وسط اعتراض من المحكمة الجنائية الدولية. وقالت المصادر إن أبناء القذافي قرروا بمحض إراداتهم الخروج من الجزائر، لكنها أوضحت أن السلطات المعنية في الدولة العربية التي لجأوا إليها اشترطت أيضا عليهم عدم ممارسة أي نشاط سياسي أو إعلامي لعدم إحراجها.

وكشفت المصادر النقاب عن أن السفير الليبي في هذه الدولة توجه بالفعل إلى طرابلس، بعد إبلاغه رسميا بهذه المعلومات. ولم يرد السفير المعني على محاولات «الشرق الأوسط» المتكررة للاتصال به عبر هاتفه النقال، كما لم يتسن الحصول على تعليق فوري من عبد الرحيم الكيب رئيس الحكومة الليبية المنتهية ولايته على الرغم من الاتصال المتكرر. وقال مسؤول ليبي على صلة بعائلة القذافي لـ«الشرق الأوسط» إن أبناء القذافي حصلوا في وقت سابق على موافقة إحدى الدول العربية على استضافتهم، بعد شعورهم بالتضييق عليهم من طرف السلطات الجزائرية.

وأضاف: «بالتأكيد السلطات في طرابلس الغرب على علم لأن الدولة العربية المعنية أبلغت كبار المسؤولين الليبية بموافقتها على استضافة أبناء القذافي، وتعهدت بأن لا يشكلوا أي خطر على الوضع السياسي الجديد في ليبيا».

وتابع نفس المسؤول قائلا: «قرار الخروج من الجزائر يخص عائلة القذافي فقط، ولم يضغط أحد لتسلمهم، ثمة شبه توافق على بقائهم بعيدا، طالما أنهم لا يسببون أي إزعاج أو يتورطون في أي عمل من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار في ليبيا». ونقلت تقارير صحافية جزائرية عن مسؤولين جزائريين، من بينهم الناطق باسم وزارة الخارجية والسفير الجزائري لدى ليبيا، عدم امتلاكهم أي معلومات عن عائلة القذافي في الوقت الراهن.

وقالت مصادر ليبية إن المستشار عبد الجليل الذي تقاعد بعد تسليم السلطة إلى المؤتمر الوطني العام إثر الانتخابات الأخيرة التي جرت في شهر يوليو (تموز) الماضي، كان تعهد لأرملة القذافي بإعادة ممتلكاتها الخاصة في مسقط رأسها في مدينة البيضاء، وتوفير حماية أمنية لها تحت إشراف السلطات الليبية.

وكشفت المصادر التي طلبت عدم تعريفها، النقاب عن أن تعهد عبد الجليل لأرملة القذافي تم خلال مكالمة هاتفية تمت بينهما خلال الزيارة التي قام بها إلى الجزائر في شهر أبريل (نيسان) الماضي، والتي كانت أول زيارة من نوعها لعبد الجليل إلى الجزائر منذ سقوط نظام القذافي. وأوضحت المصادر أن عبد الجليل أبلغ أرملة القذافي أن بإمكانها العودة إلى ليبيا في أي وقت تشاء وتحت حماية الدولة الليبية، على اعتبار أنها لم تمارس أي نشاطا سياسيا معروفا خلال السنوات الـ42 التي أمضاها زوجها الراحل في السلطة، مشيرة إلى أن عبد الجليل تعهد بإعادة بيت ومزرعة خاصة تمتلكهما أرملة القذافي في مسقط رأسها بمدينة البيضاء إليها.

وقالت المصادر إن أرملة القذافي وفقا لهذا التعهد غير المعلن، ومنذ هذا الاتصال الهاتفي، وهي حرة في تقرير موعد عودتها من عدمه إلى ليبيا وفقا لظروفها الخاصة.