المحققون يطلعون الكونغرس اليوم على تفاصيل قضية بترايوس

التحقيقات تكشف عن المرأة الثالثة التي تعمل في الخارجية > غياب كلينتون وبتريوس عن الشهادة يثير غضب المشرعين الأميركيين > الكونغرس يعقد جلسات مغلقة حول هجوم بنغازي اليوم

مدير وكالة الاستخبارات المركزية ديفيد بتريوس مع زوجته هولي في صورة أرشيفية ببورصة نيويورك للأوراق المالية (رويترز)
TT

بعد أن تحولت فضيحة العلاقة الجنسية بين الجنرال ديفيد بتريوس، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) الذي استقال يوم الجمعة بسبب علاقة جنسية مع مؤلفة كتاب سيرة حياته، من جنسسة إلى قضية سياسية، ظهر اسم المرأة الثالثة التي بدأت شكوى منها ضد العشيقة التي تسببت في المشكلة. وشن قادة في الحزب الجمهوري هجوما عنيفا على إدارة الرئيس باراك أوباما على طريقة التحقيق مع بتريوس. وأيضا، يريد قادة في الحزب الديمقراطي التحقيق في تحقيقات مكتب التحقيق الاتحادي (إف بي آي) في موضوع بتريوس.

وتساءل عضو جمهوري بارز في إدارة أوباما حول أسباب تأخر «إف بي آي» عدة أشهر لإبلاغ إدارة أوباما بالأمر، خصوصا إذا كان هناك قلق جدي حول حصول خرق في الاستخبارات. وقال بيتر كينغ الجمهوري البارز في لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب لشبكة «سي إن إن»: «لدي أسئلة حقيقية حول هذا الأمر.. أعتقد أنه يجب النظر إلى الجدول الزمني وتحليل ما حصل».

وقالت السناتور ديان فانشتاين (ديمقراطي، ولاية كاليفورنيا) إنه، رغم استقالة بتريوس، فإنه يمكن استدعاؤه أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ التي ستحقق في تحقيق «إف بي آي» مع بتريوس. وأيضا، أمام لجنة العلاقات الخارجية التي تحقق في الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي الذي قتل فيه السفير الأميركي في ليبيا وثلاثة من مرافقيه.

وقالت فاينشتاين إن الاستقالة كان لها «وقع الصاعقة» على نفسها، وإن تحقيقا سيجري لمعرفة سبب عدم إبلاغها من جانب «إف بي آي»، لكنها قللت من دور بتريوس في الهجوم على بنغازي.

غير أن بيتر كينغ (جمهوري من نيويورك) أثار النقطتين، وقال إن التحقيقات يجب أن تشمل دور «سي آي إيه» في الهجوم على بنغازي، وتحقيق «إف بي آي» حول بتريوس.

واشتكى كينغ من أن «إف بي آي» لم يبلغ الكونغرس عن تحقيقات بدأت قبل شهور. وقال: «يتعين النظر إلى تاريخ الحدث، وتحليله، لأن من الواضح أن هذه مسألة تتعلق بإخفاق محتمل في الأمن. كان يتعين إبلاغ الرئيس أوباما وإبلاغنا بشأنها في أسرع وقت ممكن».

ويتوقع أن يطلع المسؤولون في «إف بي آي» و«سي آي إيه» الكونغرس على تفاصيل ما حدث في ليبيا، اليوم الثلاثاء، لأن أمس الاثنين كان عطلة بمناسبة عيد المحاربين القدامى.

في الوقت نفسه، كشفت مصادر عسكرية أن المرأة الثالثة، غير الزوجة والعشيقة، هي جيل كيلي (37 عاما) التي تعمل في وزارة الخارجية الأميركية، في مكتب اتصالات مباشرة مع وزارة الدفاع. ويشمل عملها تنسيق ضربات طائرات «درون» (من دون طيار) للإرهابيين. وتعمل في قاعدة ماكديل (ولاية فلوريدا) حيث رئاسة القيادة الوسطى.

وقالت كيلي، بعد كشف اسمها، في بيان مشترك مع زوجها، إن صداقة عائلتها مع عائلة بتريوس تعود إلى خمس سنوات. ولم يتحدث البيان عن إشاعات علاقة جنسية بينها وبين بتريوس. وأضافت في البيان الذي أرسلته إلى تلفزيون «إيه بي سي»: «نحترم خصوصيته (بتريوس)، وخصوصية عائلته. ونريد المثل لنا، ولأولادنا الثلاثة».

وقال صديق مقرب من بتريوس للتلفزيون نفسه إنه «من الواضح جدا أن الأمر لم يكن يتعدى الصداقة» بين بتريوس وكيلي.

وبعد استقالة بتريوس يوم الجمعة، كان مسؤولون في «إف بي آي» بدأوا يسربون معلومات عن التحقيقات، مع طلب عدم الإشارة إلى أسمائهم أو وظائفهم.

وكانوا قد قالوا، في البداية، إن بولا برودويل، الصحافية في الاحتياطي العسكري التي كتبت كتابا عن قصة حياة بتريوس، هي عشيقته، وإن «إف بي آي»، في نطاق مراقبتها الأمن الأميركي، تراقب العاملين فيها، والعاملين في مؤسسات خاصة وحكومية، بما في ذلك «سي آي إيه».

في البداية، ركز «إف بي آي» على احتمالات تسرب معلومات سرية من «سي آي إيه». وعلى الرسائل التي كتبتها برودويل نفسها إلى آخرين، غير بتريوس، بما في ذلك أصدقاء ومعارف. وأن برودويل، بسبب كتاباتها في المواضيع الاستخباراتية، كانت تحت مراقبة «إف بي آي» منذ سنوات، وأن التحقيقات زادت بعد تسرب معلومات سرية عن الحرب في أفغانستان عندما كان بتريوس قائدا للقوات الأميركية هناك.

وحسب هؤلاء المسؤولين، لم يظهر موضوع العلاقة الجنسية بين بتريوس وبرودويل إلا في وقت لاحق، وأن قلق «إف بي آي» لم يكن عن العلاقة الجنسية بقدر ما كان عن اختراق «سي آي إيه»، وليس فقط من جانب برودويل، ولكن، أيضا، من أصدقائها ومعارفها، وأيضا من غير هؤلاء في وقت صارت فيه شبكات الإنترنت تكاد تكشف كل شيء.

وكان بتريوس، يوم الجمعة، أرسل رسالة داخلية إلى موظفي «سي آي إيه» قال فيها: «بعد زواج لأكثر من 37 عاما، قمت بتصرف غير حكيم بالاشتراك في خيانة زوجية. مثل هذا السلوك ليس مقبولا منى بصفتي زوجا، وأيضا بصفتي قائدا لمؤسسة مثل مؤسستنا (سي آي إيه)».

وكتب بتريوس، 60 سنة، أنه قابل الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض يوم الخميس (بعد يوم من إعلان فوز أوباما مرة ثانية)، وأنه طلب منه «السماح لي لأسباب شخصية بالاستقالة من منصبي».

في الوقت نفسه، أصدر البيت الأبيض بيانا بقبول أوباما طلب بتريوس، وفي البيان، أشاد أوباما بخدماته العسكرية والاستخباراتية، خاصة دوره في حربي العراق وأفغانستان.

وقالت مصادر إخبارية أميركية إن استقالة بتريوس كانت مفاجأة لأوباما نفسه، رغم أن العلاقة بين الرجلين ظلت متوترة منذ أن صار أوباما رئيسا سنة 2009، وقاد بتريوس حملة لزيادة عدد القوات الأميركية في أفغانستان، ولتأجيل انسحاب القوات الأميركية من العراق، وعلى مضض، قبل أوباما.

وكان أوباما قال في بيان مكتوب بعد استقالة بتريوس: «أثق تماما في أن الوكالة ستواصل تنفيذ مهمتها الأساسية بنجاح.. ولدي ثقة كاملة في مايكل موريل، القائم بأعمال مدير الوكالة».

وأول من أمس، السبت، كشف مسؤولون في «إف بي آي» معلومات جديدة، منها وجود امرأة ثالثة، غير برودويل وزوجة بتريوس. ومن دون الإشارة إلى اسمها، قال المسؤولون إنها كانت أرسلت شكوى إلى «إف بي آي» بأن برودويل أرسلت لها رسائل إلكترونية هددتها، وأن «إف بي آي»، في البداية، اعتقد أن الموضوع ليس إلا منافسة امرأتين حول رجل. حتى اكتشف «إف بي آي»، بعد الاطلاع على رسائل إلكترونية في كومبيوتر برودويل، أن الرجل هو بتريوس.

وتشهد لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ اليوم (الثلاثاء) جلسة مغلقة حول أحداث الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي التي وقعت في 11 سبتمبر (أيلول) الماضي، ومقتل أربعة دبلوماسيين أميركيين من بينهم السفير كريستوفر ستيفنز. ويدور جدل كبير حول غياب وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن الجلسة، حيث تقوم بزيارة إلى أستراليا وتايلاند وكمبوديا تستغرق أسبوعا. كما تلقي استقالة مدير وكالة الاستخبارات المركزية ديفيد بتريوس - إثر فضيحة جنسية - ظلالا من الشكوك حول دور المخابرات في قضية الهجوم على القنصلية ببنغازي، وتوقيت الاستقالة التي جاءت بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية، وما كان بتريوس يعلمه حول الحادث وملابسات تركه لمنصبه.

وكان من المقرر أن يشهد بتريوس أمام الكونغرس حول تفاصيل حادث بنغازي وأن يعرض النتائج التي توصلت إليها تحقيقات المخابرات الأميركية التي جرت على أرض الواقع في القنصلية الأميركية في ليبيا. ويلقي مايك موريل - الذي حل محل بتريوس في المخابرات الأميركية - بشهادته خلال الجلسة.

ويلقي باتريك كنيدي نائب وزيرة الخارجية، وإريك بوزويل مساعد وزيرة الخارجية بإفادتهما حول الحادث أربع مرات خلال الأسبوع الحالي. المرة الأولي أمام لجنة العلاقات الخارجية اليوم، ثم أمام لجنة الأمن الداخلي والشؤون الحكومية بمجلس الشيوخ يوم الأربعاء، ثم أمام لجنة الأمن بمجلس النواب في جلسة مغلقة يوم الخميس. ثم يوم الجمعة، حيث يدلي نائب وزيرة الخارجية باتريك كنيدي بإفادته حول الحادث لرئيس وأعضاء مجلس النواب الأميركي. وأعلنت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ أن كلا من جيمس كلابر مدير الاستخبارات الوطنية وماثيو أولسن مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب سيشاركان في الجلسات المغلقة حول أحداث بنغازي. وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند أن الكونغرس طلب أن تكون كافة الجلسات مغلقة ومحاطة بسرية عالية، وأشارت إلى أن الكونغرس لم يطلب شهادة وزيرة الخارجية الأميركية التي أطلعت الكونغرس أنها ستكون في خارج البلاد. وقد أثار غياب كل من كلينتون وبتريوس عن الشهادة أمام جلسات الكونغرس غضب عدد من المشرعين الأميركيين.

وقالت الينا روس ليتينن رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب «إن غياب كلينتون وبتريوس مخيب للآمال لأننا لم نتلق أي رد من وزارة الخارجية حول الحادث، بينما نحصل على مزيد من التفاصيل عن الحادث من الصحافة أكثر مما نحصل عليه من الإدارة الأميركية». وأوضحت رئيسة لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ ديان فاينشتاين إنها لا تعتقد بوجود علاقة بين استقالة بتريوس والهجوم على القنصلية الأميركية، لكنها قالت: «لدي أسئلة حقيقية حول الموضوع، وأعتقد أنه يجب النظر إلى التوقيتات أيضا، وهناك كثير من الأسئلة التي لم يتم الإجابة عنها». فيما لم يستبعد السيناتور ساكسبي تشامبليس أن يطلب الكونغرس شهادة بتريوس حول بنغازي كمواطن مدني.