لندن: الإفراج عن أبو قتادة اليوم بعد أن كسب استئنافا ضد ترحيله للأردن

حظر تجول بـ «حلقة الكترونية» لمدة 16 ساعة.. وممنوع عليه التواصل مع «القاعدة» والخطابة وإصدار الفتاوى واستخدام الجوال والإنتر نت

أبو قتادة في طريقه إلى السجن بعد اعتقاله في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT

أمر القضاء البريطاني أمس بالإفراج بكفالة عن الإسلامي أبو قتادة بعدما قبل استئنافه ضد تسليمه إلى بلده الأردن الذي يطالب به لاحتمال تورطه في مؤامرة. ويفترض أن يتم اليوم الإفراج عن أبو قتادة الذي حكم عليه غيابيا في الأردن في 1998 بالأشغال الشاقة 15 عاما بتهمة الإعداد لاعتداءات، كما أعلنت اللجنة الخاصة لطلبات الهجرة، المسؤولة عن الملفات الحساسة المتصلة بالأمن القومي.

ولم يكن أبو قتادة حاضرا لدى إعلان القاضي جون ميتينغ قراره. ومنذ 1993 يعيش أبو قتادة، الذي كان يعتبر الزعيم الروحي لتنظيم القاعدة في أوروبا والبالغ الخمسين من العمر، في بريطانيا حيث طلب حق اللجوء. وأمضى القسم الأكبر من السنوات السبع الأخيرة في السجن حتى وإن لم توجه إليه قط تهم لوقائع حصلت في هذا البلد.

وقال إسلاميون حضروا المحاكمة أمس لـ«الشرق الأوسط» إن أبو قتادة سيفرج عنه بكفالة اليوم، وقيود الإقامة الجبرية لمدة 16 ساعة في اليوم وكذلك «الحلقة الإلكترونية» في قدمه، ومن حق الشرطة أن تفتش منزله في أي وقت، وقائمة طويلة من أسماء قيادات الحركة الأصولية ممنوع عليه التواصل معها عبر الهاتف أو الإنترنت مثل أيمن الظواهري زعيم «القاعدة»، وكذلك عدد آخر من الإسلاميين في بريطانيا وخارجها، وممنوع عليه الخطابة وإصدار الفتاوى، وانتقد محامو أبو قتادة في الأشهر الماضية «أطول فترة حبس إداري على حد علمهم في تاريخ بريطانيا المعاصر».

إلى ذلك، عبرت الحكومة الأردنية عن خيبة الأمل من قرار الحكم البريطاني الذي صدر بحق عمر محمود عثمان، المكنى بأبو قتادة، وعدم إرساله إلى الأردن. وأكد وزير العدل غالب الزعبي في تصريح صحافي أمس، أن الحكومة الأردنية كانت قد قدمت الضمانات الكافية لمحاكمة عادلة لأبو قتادة حال عودته إلى الأردن، مبديا استعداد الحكومة للعمل على دراسة هذا الحكم دراسة كافية وشاملة مع الحكومة البريطانية. كما أبدى استعداد الأردن للعمل مع السلطات البريطانية بشأن الخطوات اللاحقة بهذا الموضوع.

ويأتي قرار المحكمة البريطانية بعد نحو 9 أشهر على الحكم الذي أصدرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان واعتبرت فيه أن أبو قتادة لن يواجه سوء المعاملة في حال أعادته بريطانيا إلى الأردن، وأن مذكرة التفاهم التي وقعها البلدان حوله تتوافق مع المعايير الأوروبية لحقوق الإنسان. ويحتجز أبو قتادة، الذي منحته بريطانيا اللجوء عام 1994، في سجن لونغ لارتن، بعد اعتقاله من قبل وكالة الحدود البريطانية في السابع عشر من أبريل (نيسان) الماضي بعد نحو شهرين على إخلاء سبيله من السجن بكفالة.

وظل أبو قتادة الذي وصفه قاض إسباني ذات مرة بأنه «اليد اليمنى لأسامة بن لادن في أوروبا» يخرج ويدخل السجن في بريطانيا منذ اعتقاله عام 2002 وأمضى سبع سنوات مسجونا دون توجيه اتهام له. وقالت وزارة الداخلية في بيان إنها تعارض بشدة الحكم وستطلب السماح لها باستئنافه. من جهته قال الإسلامي المصري الدكتور هاني السباعي الذي حضر جلسة محكمة الهجرة أمس لـ«الشرق الأوسط» إن هناك شروطا فرضت على أبو قتادة للحد من حركته قبل الإفراج عنه من السجن البريطاني اليوم، مشيرا إلى أن القاضي ناقش شروط الكفالة مع هيئة الدفاع عن أبو قتادة. إلا أنه قال رغم الشروط الأمنية التي فرضت على أبو قتادة، إلى أنه سيكون أفضل بكثير من ترحيله للأردن. وأوضح السباعي أن قبول الاستئناف ضد ترحيل أبو قتادة يخفف كثيرا من صدمة المسلمين في بريطانيا التي جاءت بسبب ترحيل أبو حمزة المصري وأربعة آخرين إلى الولايات المتحدة أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتسعى الحكومة البريطانية إلى ترحيل أكبر عدد ممكن من المتهمين بقضايا الإرهاب إلى خارج أراضيها لتخفيف الأعباء عنها وللتخلص من الدعاة المتطرفين الذين أسسوا حالة إسلامية متشددة باتت تعرف منذ تسعينات القرن الماضي بـ«لندنستان». لكنها تواجه عقبات قضائية محلية وأوروبية، وهو ما يعزز مطالبة شريحة سياسية مهمة بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وبالتالي الخروج من نطاق صلاحيات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان رفضت سبتمبر (أيلول) الماضي طلبات الاستئناف ضد حكم سابق أجازت فيه تسليم أبو حمزة المصري (54 عاما) وبابر أحمد (38 عاما) وسيد طلحة إحسان (33 عاما) وعادل عبد الباري (52 عاما) وخالد الفواز (50 عاما) إلى الولايات المتحدة.

في فبراير (شباط) 2001 تعرض أبو قتادة للاعتقال والاستجواب لصلته المزعومة بخلية إرهابية ألمانية قبل أن تسقط عنه كل التهم لعدم كفاية الأدلة. وفي أكتوبر 2002 اعتقل مرة أخرى في منطقة بجنوب لندن وزج به في سجن بلمارش، وهناك بدأ معركة قانونية طويلة ضد ترحيله من بريطانيا، مبديا خشيته من تعرضه للتعذيب إذا أبعد إلى الأردن الذي سبق أن أصدر عليه حكما بالسجن في قضيتين نظرت فيهما محكمة أمن الدولة الأردنية عامي 1997 و2000. وظل أبو قتادة قابعا في السجن منذ عام 2002 وحتى 2005 حيث أطلق سراحه بموجب شروط كفالة صارمة، ثم أعيد اعتقاله بعد ذلك بخمسة أشهر وبقي في السجن حتى مايو (أيار) 2008.

وفي 26 فبراير 2007 قضت إحدى المحاكم البريطانية بجواز ترحيله إلى الأردن، وفي أبريل (نيسان) 2008 كسب استئنافا ضد الحكم بإبعاده لكنه بقي في السجن. وفي مايو من العام نفسه أطلق سراحه بكفالة قبل أن تلغى الكفالة في نوفمبر (تشرين الثاني) من ذلك العام ويعاد إلى السجن مرة أخرى في انتظار إبعاده من بريطانيا. وتم الإفراج عن أبو قتادة يوم 13 فبراير 2012 بموجب شروط كفالة صارمة بقرار من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قضى بعدم جواز إبعاده إلى الأردن. لكنه اعتقل مجددا يوم 17 أبريل 2012 ويواجه احتمال ترحيله إلى الأردن.

وأعلنت الحكومة البريطانية رفضها للقرار القضائي، وقال متحدث باسم مكتب الشؤون الخارجية: «الحكومة تعارض هذا الحكم بشدة.. لقد تلقينا تأكيدات، ليس فقط في ما يتعلق بأسلوب معاملة أبو قتادة نفسه، وإنما بشأن شرعية الإجراءات القانونية التي ستتبع عند تقديمه للمحاكمة»، في حال تم ترحيله للأردن.

وأكد المتحدث البريطاني أن الحكومة ستتقدم بطعن على الحكم الصادر لصالح أبو قتادة، واسمه الأصلي عمر محمود عثمان، والذي أعادت السلطات البريطانية اعتقاله في 17 أبريل (نيسان) الماضي، تمهيدا لترحيله إلى بلده الأصلي، حيث يواجه اتهامات بالإرهاب.