تونس: «النهضة» تعارض أي تحوير وزاري يمس وزارات السيادة

قيادي في الحركة لـ «الشرق الأوسط» : حكومة إنقاذ وطني أو وحدة وطنية.. وكل ما يشاع دعايات لا أصل لها

TT

عارضت حركة «النهضة» وهي الفائزة بالأغلبية في حكومة الترويكا بتونس، إجراء أي تعديل على الوزارات واعتبرت الأمر بمثابة «الخط الأحمر»، على حد تعبير بعض قيادات الحركة. وتنادي الحركة فقط بسد الشغورات الحاصلة على مستوى وزارتي المالية والإصلاح الإداري بعد استقالة وزير المالية حسين الديماسي، والإصلاح الإداري محمد عبو، وتوافق كذلك على إمكانية تحوير بعض الوزراء الآخرين ممن لم تعرف مصالحهم الإدارية تحقيق أهداف التنمية والتشغيل.

وتطالب المعارضة في تونس بإجراء تعديل وزاري وتلقى دعوتها مساندة من حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» شريك حركة النهضة في الائتلاف الثلاثي الحاكم. وتصر المعارضة على تحييد وزارات السيادة، خاصة وزارات الداخلية والدفاع والعدل والخارجية (كلهم وزراء من قيادات حركة النهضة)، قبل أشهر من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة (23 يونيو/ حزيران هو التاريخ المقترح إلى حد الآن).

وبقيت تركيبة حكومة حمادي الجبالي على ما هي عليه بعد أشهر من وعد الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة بإجراء تحوير وزاري بمجرد الانتهاء من أشغال المؤتمر التاسع لحركة النهضة الذي تم خلال الفترة ما بين 12 و16 يوليو (تموز) الماضي.

وحول إمكانية إجراء تعديل وزاري ومدى التزام كل طرف سياسي بهذا المطلب، قال الحبيب اللوز القيادي في حركة النهضة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة لن توافق على تكوين حكومة إنقاذ وطني أو حكومة مصالحة أو وحدة وطنية، واعتبر كل ما يشاع في الساحة السياسية التونسية مجرد «دعايات لا أصل لها». وأضاف اللوز أن «حركة النهضة لن تذهب في اتجاه تلك الحلول كما أن أحزاب الائتلاف الثلاثي الحاكم ليس من صالحها التوجه نحو هذا الاختيار».

وصرح اللوز أن حكومة حمادي الجبالي بقيادة حركة النهضة قد أنجزت الكثير وستواصل تنفيذ المشاريع التي وعدت بها في حملتها الانتخابية وضمن ميزانية الدولة للسنة الجارية. وحسب مصادر سياسية متعددة، لن توافق حركة النهضة بالخصوص على مثل تلك المقترحات وهي تخشى سيطرة المعارضة على مفاصل الدولة وتمكنها من وزارات السيادة بما يجعل قيادة المرحلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة بين يدي أطراف معارضة للائتلاف الثلاثي الحاكم.

وكانت مصادر حكومية قد أقرت مناقشة مجموعة من المواضيع السياسية العاجلة خلال اجتماعات عقدتها الأسبوع الماضي وتطرقت إلى مسائل الإشراف على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهيئة العليا للإعلام والهيئة المستقلة للقضاء. ونفت تلك المصادر أن يكون التعديل الوزاري من بين القضايا التي تم التطرق إليها ما عدا سد الشغور الحاصل على مستوى بعض الوزارات. ولم تنف حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم موافقتها المبدئية على توسيع دائرة الحكم وتشريك أحزاب سياسية قد لا تكون ممثلة في المجلس التأسيسي (البرلمان) في تسيير شؤون البلاد. وتسعى حركة النهضة خلال هذه الفترة إلى حسم مسألة مرشحها للانتخابات الرئاسية المقبلة، وتشير تقارير مقربة من الحركة إلى أن أسماء عديدة مطروحة للمنافسة، وأن تسجيل اسم أول رئيس تونسي منتخب مباشرة من قبل التونسيين قد يغري كثيرا من القيادات للمنافسة على الترشح في انتظار الحسم من القواعد الانتخابية.

من ناحية أخرى، لم تتمكن الترويكا المعارضة المكونة من حركة «نداء تونس» و«الحزب الجمهوري» و«المسار الديمقراطي الاجتماعي»، من ترويج خطاب موحد، وهو ما ينبئ بوجود بوادر انشقاق في صفوفها خلال المرحلة المقبلة. فقد سارع الحزب الجمهوري إلى دعوة مكتبه السياسي إلى اجتماع طارئ وذلك بعد ورود أنباء عن اعتزام الباجي قائد السبسي الترويج لفائدة الطيب البكوش الأمين العام لحركة «نداء تونس» مرشحا لرئاسة الجمهورية خلال زيارته الأخيرة إلى فرنسا، ويكون بذلك قد خالف الرؤية الجماعية التي كانت تسوق لمرشح وحيد للجبهة المعارضة للائتلاف الثلاثي الحاكم ممثلا في حركة النهضة وحزبي المؤتمر والتكتل. وكان الحزب الجمهوري الذي يتزعم برنامجه السياسي أحمد نجيب الشابي قد دعا في أكثر من مناسبة إلى ترشيح شخصية سياسية وحيدة للمعارضة ويقترح الحزب الجمهوري الشابي نفسه مرشحا أساسيا لهذا المنصب.

في غضون ذلك، تدفع أطراف سياسية داخل الحزب الجمهوري إلى فك التحالف مع حركة «نداء تونس» بعد نجاحها في خلق استقطاب سياسي ثنائي بينها وبين الائتلاف الثلاثي الحاكم الذي تتزعمه حركة النهضة، بالإضافة لنجاح حركة «نداء تونس» في جذب آلاف المنخرطين بعد نحو خمسة أشهر من تأسيسها. ويتهم الحزب الجمهوري تلك الحركة بعدم وضوح برنامجها السياسي وعدم إيلاء أهمية كبرى لعملية التحالف معه ومع المسار الديمقراطي والاجتماعي من أجل خلق جبهة سياسية قادرة على الحد من هيمنة التيار الإسلامي على الحياة السياسية.

وترى تحليلات سياسية أن حركة «نداء تونس» قد استغلت التحالف من أجل إرساء قواعدها على مستوى الجهات وتسعى إلى فض ذاك التحالف لشعورها بإمكانية زحزحة «عرش حركة النهضة» دون الحاجة لأطراف سياسية أخرى. ولا تزال حركة «نداء تونس» تلاقي صعوبات في تنظيم اجتماعاتها حيث تتهمها رابطات حماية الثورة باحتضان بقايا النظام السابق في صفوفها، وواجهت منذ تأسيسها محاولات لمنعها من عقد اجتماعات شعبية في أكثر من مدينة من بينها صفاقس ونابل وأريانة.