أطراف معنية بالأزمة السورية تكشف عن ازدياد العمليات العسكرية الإيرانية ضد المناوئين لنظام الأسد

تقارير كشفت بناء «شبكة اتصالات مؤمنة» من البحر المتوسط لطهران.. وملاحقة الطائرات من دون طيار للمعارضين

جانب من تقارير تتحدث عن ازدياد التدخل الإيراني في سوريا
TT

كشفت تقارير موجهة إلى أطراف معنية بالأزمة السورية عن تزايد العمليات العسكرية التي ينفذها الحرس الثوري الإيراني داخل سوريا، وقيامه أخيرا ببناء شبكات اتصالات «مؤمنة بالكامل» تربط عددا من مراكز القيادة التابعة للحرس الثوري الإيراني من شواطئ البحر المتوسط حتى العاصمة طهران، إضافة إلى التوسع في استخدام الطائرات من دون طيار لتعضيد نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد.

وجاء في تقرير من التقارير الثلاثة التي تلقتها أطراف عربية قبل يومين، ولم يتم الكشف عنها من قبل، أن قيادات عسكرية في طهران أصدرت تعليمات للحرس الثوري عبر شبكة الاتصالات التي تم بناؤها في سوريا ولبنان، من أجل تعضيد الأسد والبدء في استخدام طائرات من دون طيار لمراقبة تحركات المقاتلين السوريين المناوئين للنظام السوري، ومراقبة اتصالات المعارضين وتمريرها إلى الاستخبارات السورية. وتحدثت التقارير أيضا عن ضعف وتشتت قوات الأسد؛ خاصة في الأشهر الثلاثة الأخيرة، لكنها قالت إن معاضدة نظام إيران وحزب الله اللبناني له تسببت في توجيه ضربات موجعة لقوات المعارضة السورية.

وقالت مصادر عربية شاركت في الاجتماعات التي عقدتها الجامعة العربية أول من أمس إن أطرافا معنية بالأزمة السورية تلقت على الأقل ثلاثة تقارير في الأسبوعين الأخيرين تفيد بتوسع الجانب الإيراني في معاضدة نظام الأسد، من بينها تقريران أعدتهما جهات عربية بالمنطقة، وتقرير أعده معارضون إيرانيون لنظام طهران. وأشارت التقارير إلى انخراط قوات من حزب الله في معارك دفاعية وهجومية ضد الجيش الحر، خاصة في مدينة حمص ومنطقة الزينبية بدمشق، إضافة لعمليات تفتيش وتأمين للحدود اللبنانية - السورية وطريق لبنان إلى دمشق.

وقالت منظمة «مجاهدين خلق» إنها شاركت بالفعل في إعداد بعض هذه التقارير وقدمتها لمعارضين سوريين قبل عدة أيام، لكن لم يتم كشف النقاب عنها بعد.

من جانبها، أكدت السيدة دولت نوروزي، ممثلة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بريطانيا، لـ«الشرق الأوسط»: «حصلنا من جديد على معلومات موثقة وخطيرة عن تغلغل الحرس الثوري الإيراني في سوريا».

وكانت نوروزي كشفت من قبل عن معلومات مهمة عن عناصر الحرس الثوري المعتقلين في سوريا، كما سبق للمنظمة تقديم معلومات حساسة عن المشروع النووي الإيراني. وجاء في التقارير الجديدة، التي اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخ منها ليلة أول من أمس، أن قوات جوية تابعة للحرس الثوري الإيراني منتشرة في أنحاء سوريا لمتابعة العمليات ضد الجيش الحر، يساندهم في ذلك أيضا 12 طيارا من الحرس الثوري الإيراني ومهندسون اختصاصيون وفنيون من مجموعة تدعى «بهباد» pahbad (الاستطلاع الجوي الفني بواسطة طائرات دون طيار).

وقالت التقارير إن عددا من قوات الحرس الثوري الإيراني يوجد في قصر إقامة بشار الأسد نفسه بغرض حمايته، مشيرة إلى أن عددا من قادة القوة البحرية التابعة للحرس الثوري وصلوا إلى سوريا، وأن «هؤلاء القادة يوجدون حاليا في محافظة اللاذقية وفي طرطوس على شاطئ البحر المتوسط بسوريا. ويقوم هؤلاء بتنفيذ عمليات مشتركة مع القوة البحرية السورية».

وقالت مصادر عربية وأخرى في المعارضة السورية إنه تم تمرير ما وصل إليها من تقارير لبعض الجهات الدولية المعنية بالأزمة، بمن في ذلك المبعوث الأممي - العربي المشترك الأخضر الإبراهيمي الذي شارك في اجتماعات في القاهرة اليومين الماضيين. وجاء في التقارير أن بشار الأسد، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، وماهر الأسد قائد الجيش السوري أصدرا أمرا رسميا إلى قيادة الجيش وإلى الهرم القيادي للجيش السوري بأن تضع نفسها تحت إمرة قيادة قوات الحرس الثوري الإيراني في العديد من العمليات. وأضافت التقارير أن «هذا الأمر هو الآن ساري المفعول في الهرم القيادي للجيش السوري، والهيمنة الآن لقيادة الحرس الثوري الإيراني».

وأضافت التقارير أن أربع قيادات لقوات الحرس الثوري الإيراني موجودة حاليا في سوريا، وهي «قوة القدس» و«القوة الجوية» و«القوة البرية» و«القوة البحرية». وأشارت التقارير إلى أن هذه المعلومات تدل على المشاركة الواسعة للقوات العسكرية التابعة للنظام الإيراني في الحرب في سوريا وقمع شعبها هناك، وتؤكد على الاضطلاع الشامل للقوة العسكرية الرئيسية لنظام طهران في الحرب السورية. وأضافت: «يوجد عدد من قادة الاستخبارات والعمليات وقادة المدفعية وقادة وحدات الاختصاص».

وعن التقرير الجديد الذي أعدته المعارضة الإيرانية، أوضحت السيدة نوروزي قائلة إن منظمة «مجاهدين خلق» حصلت على التقرير من داخل إيران.. «ويحمل معلومات حول الحجم الحقيقي لتدخل نظام ولاية الفقيه وقوات الحرس الثوري الإيراني في سوريا للدفاع عن نظام بشار الأسد». وفي ما يتعلق بالمصادر التي اعتمد عليها التقرير الجديد، قالت السيدة نوروزي: «اعتمد التقرير على معلومات من داخل أجهزة النظام الإيراني ومن خلال شبكة الاستخبارات الاجتماعية التابعة لمنظمة (مجاهدين خلق)، ويؤيد هذه التقارير بعضها بعضا، ونتج عنها معلومات جديدة يتم الكشف عنها للمرة الأولى». وتابعت السيدة نوروزي قائلة إنه من بين هذه المعلومات «تشكيل الهيئة العسكرية المشتركة السورية - الإيرانية في سوريا، التي تم تشكيلها بين الجيش السوري الحكومي والقيادة العامة للحرس الثوري الإيراني، وتشرف على تنفيذ الغارات الجوية والقصف الجوي والهجمات البرية والعمليات الاستخباراتية ضد الجيش الحر والثورة السورية».

وتضمن التقرير الأخير أسماء قيادة قوات الحرس الثوري الإيراني في سوريا ممن قال إنهم «يتولون التنسيق والعمليات بصورة مباشرة»، لكن التقرير أشار في البداية إلى من سماهم «القادة الأقدمين الموجودين في سوريا بصورة مستمرة»، وهم «العميد ح.هـ» وعميد يحمل اسما حركيا هو «ذاكري» بينما اسمه الحقيقي «العميد م.ر.ز»، ويوجود في مقر الهيئة المشتركة مع الجيش السوري ويعمل مديرا لتنسيق قوات الحرس الثوري الإيراني في سوريا ويحمل هذا الرجل العديد من الأسماء الحركية منها «أبو جواد» و«أبو محمد» و«حيدر»، وهناك أيضا «العميد س.ر.م.ع» ويوجود في سفارة إيران بدمشق ويعمل بها منذ نحو 15 سنة.. وقال التقرير إن 10 من قادة الحرس الثوري الإيراني (قوة القدس) في سوريا يعملون تحت قيادته.

وزودت إيران النظام السوري بمضادات للرادارات التي يملكها الجيش الحر بما أدى للتشويش عليها وسهولة استهدافها على أيدي القوة الجوية للحرس الثوري العاملة في الداخل السوري، خاصة أن التقارير تتحدث أيضا عن انتشار مجموعات لطيران الاستطلاع الجوي التابعة لقوات الحرس الثوري الإيراني، برئاسة «العميد ن»، في سوريا، قادمة من مدن إيرانية منها «كاشان» و«أصفهان» و«أهواز» و«كرمانشاه» و«طهران»، ومن بين هذه القوة «طائرات من دون طيار» إيرانية.

وتحدثت التقارير عن تنفيذ الحرس الثوري الإيراني العديد من العمليات ضد الجيش الحر، من بينها عملية تم فيها استخدام سيارات بعد طلائها بلون وعلامات سيارات الأمم المتحدة. وقال تقرير أعدته المعارضة الإيرانية: «نفذت قادة القوة البرية للحرس (الثوري) عملية مشتركة مع قادة الجيش الإسلامي ضد الجيش الحر. إنهم اعتمدوا على تكتيكات خاصة ونجحوا في اعتقال عدد من أفراد قادة الجيش الحر. وحسب الخطة، فإن عددا من عناصر الجيش النظامي ذهبوا للاجتماع مع قادة الجيش (الحر) تحت غطاء وفد من الأمم المتحدة مستخدمين سيارات زوروها لتكون شبيهة لتلك التابعة للأمم المتحدة». وتم في هذه العملية وفقا للتقرير نفسه اعتقال 29 شخصا من القادة المنتمين للجيش الحر، إلا أن المصادر العربية التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» في القاهرة قالت إن هناك تقارير أخرى مماثلة و«تتحدث عن فظائع ارتكبتها قوات موالية للأسد» تم تسليم نسخ منها للإبراهيمي.

ورصدت التقارير التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» نقل إيران مجموعات من حزب الله إلى إيران لتدريبهم على مقاتلة الجيش الحر داخل سوريا، منذ شهر سبتمبر (أيلول)، حتى عودتهم يوم 27 الشهر الماضي. وتنتمي عناصر حزب الله إلى مناطق «البقاع» و«بعلبك» وغيرها من المنطقة الجنوبية في لبنان.

وطلبت «الشرق الأوسط» تعليقا من مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة حول التقارير المشار إليها، إلا أن المكتب (الذي يعمل بمثابة سفارة) أرجأ التعليق إلى وقت لاحق لم يحدده.