سعود الفيصل: لا بد من إرادة دولية جادة تضع حدا للمأساة الإنسانية المتفاقمة في سوريا

في كلمته أمام الاجتماع الوزاري العربي ـ الأوروبي بالقاهرة

:الرئيس المصري لدى استقباله الأمير سعود الفيصل في القاهرة أمس (واس)
TT

أكد الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي على ضرورة وجود إرادة دولية جادة تضع حدا سريعا للمأساة الإنسانية المتفاقمة في سوريا و«تمهد الطريق لإزالة طغيان النظام الجائر، والبدء في عملية انتقال السلطة بالاستناد إلى قرار دولي واضح وصريح».

وأعرب الفيصل في كلمته أمام الاجتماع الوزاري العربي - الأوروبي الثاني، الذي عقد أمس في العاصمة المصرية القاهرة، عن تطلعه إلى جهود أوروبية أكثر في اتجاه توحيد الإرادة الدولية لمعالجة الأزمة السورية، وتوفير سبل الدعم اللازم على الصعد السياسية والأمنية والإنسانية في إطار موقف مشترك لمساندة الشعب السوري وتحقيق طموحاته المشروعة.

وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، أكد أن بلاده ما زالت عند موقفها المؤازر للجهود الرامية لحل هذه الأزمة بالطرق الدبلوماسية، ومواجهة هذا التحدي الإيراني الذي يشكل تهديدا واضحا، ليس على أمن واستقرار الخليج فحسب، بل وعلى الأمن الدولي أيضا، وفيما يلي أهم ما جاء في الكلمة: «معالي الممثلة الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي السيدة كاثرين أشتون، معالي الأخ الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية، معالي الدكتور عدنان حسن منصور وزير الشؤون الخارجية والمغتربين لجمهورية لبنان الشقيقة، أصحاب السمو والمعالي.. يسعدني بداية أن أتوجه بالشكر والامتنان لكل من أسهم في الإعداد والترتيب لهذا الاجتماع الأوروبي - العربي المشترك الثاني.

إن حرص الطرفين على عقد هذا الاجتماع يعكس قناعتنا بأهمية الحوار العربي - الأوروبي وجدوى البناء على ما أرسيناه في مالطا، والانطلاق نحو آفاق أرحب في التعاون والتنسيق فيما بيننا إزاء القضايا والمسائل ذات الاهتمام المشترك».

وأضاف وزير الخارجية السعودي أن كل القضايا تم استعراضها في البيان المشترك، وقال: «سوف أكتفي بتناول كل من الأزمة السورية وأزمة الملف النووي الإيراني، باعتبارهما القضيتين الأكثر إلحاحا في الوقت الراهن»، معبرا في الوقت ذاته عن الأمل بأن تحظى كل القضايا المطروحة بالدعم المطلوب، وخصوصا القضية الفلسطينية، بدعم مشروع القرار الذي سيتم التصويت عليه في الأمم المتحدة في التاسع والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

وقال الأمير سعود الفيصل: «لقد مضى على الأزمة السورية المريرة أكثر من عام ونصف شهدت العديد من المبادرات العربية والدولية واللقاءات والاجتماعات على اختلاف أنواعها وتخصصاتها، إلا أن أيا من هذه الجهود لم تستطع تحقيق أهدافها في الإيقاف الفوري للحرب الشعواء التي يمارسها النظام ضد شعبه، أو إنهاء طوفان مئات الألوف من اللاجئين والنازحين، وذلك في ظل غياب إرادة دولية جادة تضع حدا سريعا لهذه المأساة الإنسانية المتفاقمة، وتمهد الطريق لإزالة طغيان النظام الجائر في سوريا، والبدء في عملية انتقال السلطة بالاستناد إلى قرار دولي واضح وصريح من مجلس الأمن».

وشدد بالقول: «إننا نتطلع إلى جهود أوروبية أكثر في اتجاه توحيد الإرادة الدولية لمعالجة هذه المشكلة وتوفير سبل الدعم اللازم على الصعد السياسية والأمنية والإنسانية، في إطار موقفنا المشترك لمساندة الشعب السوري وتحقيق طموحاته المشروعة»، مشيرا إلى أن حكومة بلاده رحبت من جانبها بتشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة الثورية، الذي تم في الدوحة، وقال: «نأمل أن تنضوي تحت لوائه جميع أطياف المعارضة في الداخل والخارج باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري».

وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني الذي شكل ويشكل هاجسا مشتركا، قال الأمير سعود الفيصل: «إن المملكة العربية السعودية ما زالت عند موقفها المؤازر لجهود (5+1) الرامية لحل هذه الأزمة بالطرق الدبلوماسية، ومواجهة هذا التحدي الإيراني الذي يشكل تهديدا واضحا، ليس فقط على أمن واستقرار الخليج، بل وعلى الأمن الدولي عموما، بما في ذلك تأثيراته السلبية على مسألة الانتشار النووي»، وأضاف: «إننا ما زلنا عند اعتقادنا الراسخ بأهمية إعلان منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية بكل أشكالها وأنواعها».

وقال وزير خارجية المملكة العربية السعودية مخاطبا الاجتماع المشترك: «إن التغير والتطور هو سنة الحياة وأي محاولة لمنع التغيير هي من العبث الذي لا طائل منه، ومن طبائع الأمور أن يأتي أي تغيير وتطور من رحم ثقافات الدول وبإرادة شعوبها وبالأسلوب والشكل الذي يتلاءم مع تاريخها وتراثها، وبمعزل عن أي تدخل خارجي يرمي إلى فرض نماذج ونظم قد تكون أثبتت جدواها في البيئات والمجتمعات التي نشأت فيها»، وأضاف: «إن المملكة العربية السعودية تقدر في نفس الوقت أهمية الحوار والتلاقي بين الشعوب والحضارات، ويقود هذا التوجه خادم الحرمين الشريفين من خلال مبادرته للحوار بين أتباع الديانات والثقافات التي تؤكد على أهمية نشر ثقافة التسامح والتفاهم وتعزيز الحوار والتعاون فيما بينها، وقد أثمرت هذه الدعوة عن إنشاء مركز عالمي في فيينا يكون نقطة تلاق للداعين لمبدأ الحوار والمناصرين لقيم التسامح والعيش المشترك، وسوف يتم بمشيئة الله افتتاح مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في يوم الـ26 من شهر نوفمبر الجاري الذي نتطلع أن يكون لبنة قوية لترسيخ مبدأ الحوار والعيش المشترك بين مختلف الديانات والثقافات».

إلى ذلك استقبل الرئيس المصري محمد مرسي أمس بمقر رئاسة الجمهورية في القاهرة، الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، وأوضح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية الدكتور ياسر علي في تصريح أنه تم خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين «البلدين الشقيقين» وسبل تدعيمها وتعزيز التعاون المشترك بينهما في المجالات كافة، فضلا عن الكثير من القضايا التي تهم المملكة ومصر، إلى جانب استعراض جهود اللجنة الرباعية لحل الأزمة السورية ودور المملكة لحل هذه الأزمة.

حضر الاستقبال السفير أحمد بن عبد العزيز قطان سفير السعودية لدى جمهورية مصر العربية مندوب المملكة الدائم لدى جامعة الدول العربية، والدكتور خالد الجندان وكيل وزارة الخارجية السعودية للعلاقات الثنائية.