باراك يهدد بعدوان واسع على غزة.. ووزير آخر يعتبر التوتر منتهيا

رئيس الائتلاف الحاكم في الكنيست يدعو إلى اغتيال هنية

فلسطيني ينظر عبر ثقوب في سطح منزل خلفتها شظايا الصواريخ التي أطلقها الجيش الإسرائيلي على مخيم جباليا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

يتسابق القادة الإسرائيليون على من يكون أكثر تشددا في مطالبه للانتقام من أهل قطاع غزة، ردا على صواريخ المقاومة التي تطلق باتجاه البلدات الإسرائيلية ولا تتسبب في أي أضرار. فطالب الكثير من الوزراء باجتياح القطاع، بينما طالب رئيس كتل الائتلاف الحاكم، النائب يريف ليفين، باغتيال رئيس الحكومة المقالة، إسماعيل هنية. وبحث رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، مع لجنة الوزراء التسعة الأمنية، التي تقود الحكومة الإسرائيلية في القضايا الاستراتيجية، مختلف المقترحات ورفضت الإفصاح عن قراراتها.

ولوحظ أن الوزراء الذين حضروا الجلسة خرجوا بتصريحات متناقضة، ففي حين قال وزير الدفاع، إيهود باراك، إن «إسرائيل تعرف كيف تختار الوقت المناسب لتنفيذ عملية واسعة النطاق»، قال وزير الدولة، بيني بيغن، إن «التوتر الذي شهدناه في هذه الجولة مع غزة، أصبح من ورائنا». وشدد الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية، على أن إسرائيل ستتخذ كل الخطوات اللازمة للدفاع عن مواطنيها، مدعيا أن على العالم أن يسأل «الإرهابيين» في غزة لماذا «يطلقون الصواريخ على الأبرياء في إسرائيل». وادعى بيريس أن إسرائيل انسحبت من قطاع غزة كليا بمحض إرادتها، وعليه لا يوجد أدنى سبب لإطلاق الصواريخ عليها. وأضاف أنه يتوجب على الفور وقف كل تمويل خارجي لحركة حماس طالما واصلت إطلاق النار، منتقدا قطر على دعمها المالي لحكومة حماس وقال إنه «لا يوجد أدنى شك في أن الأموال التي تبرع بها أمير قطر خلال زيارته الأخيرة لغزة تستغل لتمويل شراء الصواريخ وتنفيذ العمليات ضد إسرائيل».

وكان نتنياهو، قد واصل محاولاته لتجنيد تفهم وشرعية دوليتين لضرب القطاع، تحت ذريعة حق إسرائيل في حماية مواطنيها، في حين قال موقع صحيفة «هآرتس» الإلكتروني، إن «الطيران الإسرائيلي يستعد لتوسيع عملياته في غزة وإن الحكومة تدرس جملة من الخطوات الهجومية ضد حماس والفصائل الأخرى العاملة في القطاع». وأشار الموقع إلى أن هذه الخطوات قد تشمل أيضا العودة إلى سياسة التصفيات الجسدية للناشطين وضرب البنى التحتية ورموز الحكم والسلطة التابعة لحماس. وكشف الموقع النقاب عن إجراء سلسلة من المشاورات الأمنية والسياسية في إسرائيل للبت في طبيعة وشكل الضربة الإسرائيلية ضد حماس. ورفضت الجهات الأمنية الإفصاح عن طبيعة الخطوات المتوقعة التي تم إقرارها، مكتفية بالقول إن إسرائيل لم تستنفذ ردها وإنه يتوقع أن تقوم بعمليات عسكرية كبيرة قريبا. وبحسب الموقع فإن نتنياهو يفضل الآن تكثيف الضربات الجوية، ولكن ما يعيقه هو أحوال الطقس فقط.

وبحسب «هآرتس» فإنه إلى جانب التخبط في إسرائيل بشأن الخطوات القادمة وطبيعتها فإن الأحوال الجوية تفرض من جانبها قيودا لا يمكن تجاهلها، إذ كان للأجواء الماطرة والغائمة في غزة أثر كبير على تقييد حرية الطيران وردعه عن القيام بعملية واسعة. لكن الموقع أشار إلى أنه من الجائز أن تكون التهديدات التي وجهت لقادة حماس شخصيا قد دفعتهم إلى توخي الحذر. وقال إن قادة الفصائل أقروا أمس الاقتراح المصري بالتهدئة والوقف الفوري لإطلاق النار.

وأوضحت «هآرتس» أن الهدف من الحملة الإسرائيلية القادمة «ضمان الهدوء على الحدود واستعادة قوة الردع الإسرائيلية، في مواجهة حماس، التي تآكلت منذ حرب 2008 وليس تصفية حكم حماس». وأضافت أن إحدى المشكلات التي يواجهها نتنياهو في هذا السياق تتعلق بما إذا كانت الرسالة قد استوعبت في الطرف الآخر، فبعد أشهر من التهديدات برد حقيقي من شأن حماس أن تعتقد أن تهديدات نتنياهو فارغة المضمون.

ونقل على لسان مصادر عسكرية وخبراء استراتيجيين قولهم إن الدوافع والخلفيات الداخلية للتصعيد من جانب حماس، فإن التوقيت الحالي لوقف التصعيد في القطاع قد يكون مناسبا لحماس، خاصة بعد أن سجلت عدة نقاط لصالحها دون أن تدفع ثمنا باهظا. ولكن في حال قررت إسرائيل الرد بقسوة فإن حماس تملك هي الأخرى سلاحا يمكن وصفه بأنه سلاح يوم القيامة، وهو صواريخ الفجار الإيرانية التي يصل مداها إلى 75 كيلومترا ويمكنها أن تطال كل نقطة في مدن المركز الإسرائيلية المعروفة باسم «غوش دان» حتى شمال تل أبيب، في حال إطلاقها من شمال القطاع.

لكن ثمة خلفية تكتيكية للمواجهة الحالية بين حماس وإسرائيل، تتعلق بالشريط الفاصل الواقع خلف السياج الحدودي الذي تسميه إسرائيل «منطقة أمنية خاصة» وتمتد على عرض مئات الأمتار غرب السياج الحدودي وتسعى إسرائيل إلى منع دخول الفلسطينيين إليها وإن اضطرها ذلك أحيانا إلى استخدام القوة. فإسرائيل تريد إبعاد الخلايا الفدائية عنه قدر الإمكان، بعيدا عن مسار دورياتها، من جهة، وضمان قدرة تفكيك العبوات الناسفة التي تزرعها خلايا فلسطينية.

في المقابل، تسعى حماس لمنع الجيش الإسرائيلي من دخول هذه المناطق، إذ إن قسما كبيرا من ضربات حماس استهدف هذه المنطقة لكن بعضها اجتاز الجانب الآخر من السياج الحدودي في الجانب الإسرائيلي.

من جهة ثانية، خرجت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، بمقال لمحررها السياسي، إيتان هابر، نشرته على صفحتها الأولى يحذر من مغبة القيام بعملية احتلال ثانية لغزة. وكتب يقول: «أن نحتل غزة من جديد. وأن نضربهم سريعا وبقوة، كما تم الاقتراح أمس. فهذا كلام غوغائي سيحظى بهتاف عاصف من (رجل الشارع). حسن، سنحتل غزة، وماذا سيكون آنذاك؟ هل نطعم مليونا ونصف المليون إنسان مرة أخرى؟ هل نهتم بمياه المجاري لديهم وبالفصول الدراسية وبأرغفة طازجة كل يوم؟ لقد شاهدنا هذا الفيلم من قبل عشرات السنين وكلفنا مليارات وانخفاضا في مستوى حياتنا.