باريس: هذه هي السيناريوهات المحتملة لما بعد قيام التحالف السوري وسقوط النظام

قالت إن رحيل الأسد سيغير المعطى الاستراتيجي في المنطقة

طفل سوري يبحث في المهملات عن أشياء قد تكون صالحة لإعادة الاستخدام (أ.ب)
TT

تعتبر باريس أن نشوء التحالف الوطني السوري يعد تحولا حقيقيا من شأنه أن يفتح الباب لتغييرات أساسية في المشهد السوري على المستويات السياسية والدبلوماسية والقانونية، وفي ميزان القوى ميدانيا. وتتوقع المصادر الفرنسية أن تنطلق الجهود باتجاه العمل على تشكيل حكومة سورية انتقالية، وبقدر ما يحصل التحالف الجديد على الدعم العربي والدولي بقدر ما يكون قادرا على تشكيل حكومة ذات صدقية وقادرة على التحرك.

وتضع باريس مسارعة الرئيس الفرنسي أول من أمس لإعلان اعتراف بلاده بالتحالف «ممثلا شرعيا ووحيدا» للشعب السوري، وهي الخطوة الأكثر تقدما من بين ما قامت به مجموعة الدول الغربية، وفق ما شرحته مصادر فرنسية رفيعة المستوى، في إطار توفير الدفع السياسي والدعم الضروري للتحالف الجديد.

وتبدو الأمور، من وجهة النظر الفرنسية، واضحة لجهة المصاعب القائمة والمراحل والأشواط الواجب قطعها بالتدريج للتوصل إلى إرساء حكومة سورية انتقالية تتمتع بالاعتراف الدولي، ما يعني انتقال الشرعية من الحكومة السورية الحالية ومن النظام القائم إلى حكومة المعارضة المؤقتة.

وتمثل الجامعة العربية، بحسب ما ذكرته هذه المصادر الفرنسية واسعة الاطلاع، المحطة الأولى في المسار الذي سيقود الحكومة العتيدة إلى الحصول على الاعتراف الدولي بها، والتعاطي معها على أنها الحكومة السورية الشرعية. وقالت هذه المصادر إن باريس ستعمل على أن تعطي الجامعة العربية مقعد سوريا إلى التحالف الجديد، الأمر الذي سيوفر لها الغطاء «الأولي» الضروري.

ولا تتخوف باريس من «تردد» بعض الدول العربية التي يمكن أن تعارض هذا التوجه، مثل لبنان الذي «نأى بنفسه» مجددا عن قرار الجامعة العربية توفير الدعم للتحالف، أو من معارضة الجزائر والعراق، لأن هذه التحفظات كانت قائمة منذ اندلاع الثورة السورية ولم تمنع طرد النظام من الجامعة أو فرض عقوبات اقتصادية عليه أو نقل الملف إلى مجلس الأمن الدولي.

وبعد الجامعة، تعول باريس على اجتماع أصدقاء الشعب السوري، المحطة الثانية لتوفير جرعة ثانية من الدعم الدولي. وجدير بالتذكير أن اجتماع أصدقاء الشعب السوري في شهر يوليو (تموز) الماضي في العاصمة الفرنسية اجتذب 107 دول، فضلا عن الهيئات والمنظمات. وبحسب التوقعات الفرنسية، فإن «الغطاء» الشرعي العربي سيحفز الكثيرين من «الأصدقاء»، إن لم يكن كلهم، على الاقتداء بالجامعة العربية. ويمكن أن تلي ذلك خطوة قطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري التي جمدت حتى الآن من غير أن تقطع.

وفي حال تحقق هذا الهدف، فإن الباب سيكون مفتوحا للذهاب إلى الأمم المتحدة من أجل المطالبة بإبعاد ممثل النظام وإعطاء المقعد السوري لممثل حكومة المعارضة، وذلك تحت بند وجود شك معقول لجهة شرعية وجود ممثل النظام في المنظمة الدولية.. وباستطاعة رئيس التحالف أن يكتب للأمين العام للأمم المتحدة ليبلغه إرسال مثل عن الحكومة السورية «الشرعية» إلى المنظمة الدولية.

انطلاقا من هذه النقطة، سيحيل الأمين العام الموضوع إلى لجنة متخصصة تنظر في ادعاءات الطرفين، بعدها ينقل الملف إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ويجري تصويت لتحديد الجهة التي تمثل سوريا. وبسبب غياب حق النقض (الفيتو)، فإن المصادر الفرنسية تتوقع أن تحصل الحكومة المؤقتة على الاعتراف بها من الأمم المتحدة، الأمر الذي يمنحها الشرعية الكاملة ويؤهلها بالتالي التصرف كحكومة كاملة الصلاحيات؛ بما فيها طلب تزويدها بالسلاح الذي تريده.

وفائدة هذا التطور أنه يتجاوز موضوع «الأساس القانوني» الذي يمنع الكثير من الدول من مد المعارضة بالسلاح الذي تحتاجه للدفاع عن المناطق التي تتعرض لقصف النظام، أو حماية المناطق التي حررت.. إذ أن أي قرار أو أي طلب صادر عن «سلطة شرعية» هو قرار أو طلب شرعي. وعندها، تستطيع كل دولة أن تتخذ القرار الذي ترتئيه في موضوع إمداد المعارضة بالسلاح. وقد أشار الرئيس هولاند مساء الثلاثاء في مؤتمره الصحافي لهذا الأمر عند قوله إن موضوع التسليح «سيعاد طرحه».

غير أن المصادر الفرنسية تعترف بأن هذا السيناريو يمكن أن يلاقي بعض العراقيل، ومنها ردة فعل بعض الجهات «المتحفظة» نوعا ما على قيام التحالف الوطني السوري والشروط التي تضعها عليه من أجل الاعتراف به اعترافا كاملا كما فعلت فرنسا. إضافة إلى ذلك، قد تبدي بعض الدول من العالم الثالث - خصوصا من أفريقيا - تخوفا من هذه «السابقة» على الأنظمة القائمة لديها، بيد أن الحسابات التي تجرى تبين أن قرارا يقدم بهذا المعنى إلى الجمعية العامة مؤهل لأن يحصل على الأكثرية التي يحتاج إليها ليصبح نافذا.