إسرائيل تهدد بحل السلطة وإسقاط أبو مازن ردا على خطوة الأمم المتحدة

البردويل وليبرمان يدعوان للإطاحة بالرئيس الفلسطيني

TT

هددت إسرائيل رسميا بالرد على مشروع منظمة التحرير الفلسطينية للاعتراف بفلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة، بسلسلة خطوات عنيفة في مقدمتها إلغاء السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وإسقاط الرئيس محمود عباس (أبو مازن). وقال وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان تعقيبا على نشر مذكرة تؤكد هذا الموقف العدواني، إن «عباس يدير عملية إرهاب سياسي ضد إسرائيل بمشروعه في الأمم المتحدة»، وأضاف خلال خطاب له في جامعة أرييل الاستيطانية، أمس، إن عباس «فشل فشلا ذريعا في قيادة الشعب الفلسطيني بكل المقاييس ويسعى لإنقاذ نفسه بتوجيه السهام إلى إسرائيل لعزلها وتهديد شرعيتها في الأمم المتحدة. فهو ينظر إلى ما جرى لسيده الرئيس المصري السابق حسني مبارك وللرئيسين السابقين؛ التونسي زين العابدين بن علي، والليبي معمر القذافي، ويحاول إنقاذ نفسه وعائلته من مصير مشابه. وإسرائيل ترفض أن تدفع ثمن سياسته».

وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد نشرت أمس نص مذكرة وصفتها بأنها مسودة لـ«ورقة موقف» أعدت في وزارة الخارجية الإسرائيلية تقول إنه «في حال حصول السلطة الفلسطينية على مكانة دولة في الأمم المتحدة، فإن (إسقاط سلطة محمود عباس (أبو مازن) سيكون الخيار الوحيد أمام إسرائيل، في هذه الحالة». وجاء في المسودة، التي أعدت تمهيدا للتوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، أن «الرد اللين على هذه الخطوة سيعني رفع العلم الأبيض والاستسلام، اعترافا بعدم قدرة القيادة الإسرائيلية على مواجهة التحدي».

ويتطابق موقف وزارة الخارجية الإسرائيلية مع ما قاله صلاح البردويل القيادي في حركة حماس غزة بأن المطلب الفلسطيني والعربي يجب أن ينصب على إسقاط سلطة أبو مازن حتى لا يبقى معقلا للاستعمار ولتصفية القضية الفلسطينية، زاعما أنه إذا لم يتم إسقاط أبو مازن فلن تقوم للقضية الفلسطينية قائمة، زاعما أن المشروع الوطني الفلسطيني يتعرض لخطر شديد بسبب أبو مازن ونهجه.

وكتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن المسودة، التي كتبت من قبل الطاقم السياسي لوزير الخارجية أفيغدور ليبرمان وتبناها الأخير، «احتواء واقع يعترف فيه بالدولة الفلسطينية من قبل الأمم المتحدة في خطوة أحادية الجانب سوف تحطم الردع الإسرائيلية وتمس بمصداقية إسرائيل، الأمر الذي سيجعل أية تسوية مستقبلية، مقبولة لإسرائيل، غير ممكنة».

كما تضمنت الوثيقة شرحا للأسباب التي تدعو إسرائيل إلى القيام بهذه الخطوة، حيث جاء: «رغم أن الحديث عن خطوة غير بسيطة من جهة الأبعاد التي ستضطر إسرائيل إلى مواجهتها، فإن إسقاط سلطة أبو مازن، هو الخيار الوحيد في هذه الحالة، وأي خيار آخر، احتواء أو رد لين، سيعني رفع الأعلام البيضاء، والاعتراف بأن القيادة الإسرائيلية غير قادرة على مواجهة التحدي».

وفي مقابل هذه «العصا»، يعرض مساعدو ليبرمان في وزارة الخارجية ما سموه «الجزرة»، على الفلسطينيين، حيث قدموا توصيات إلى المستوى السياسي، تضمنت صفقة يتنازل بموجبها الفلسطينيون عن التوجه إلى الأمم المتحدة مقابل قيام إسرائيل بالموافقة على الاعتراف بالسلطة الفلسطينية دولة بحدود مؤقتة في فترة انتقالية إلى حين استقرار الأوضاع في العالم العربي، وإجراء انتخابات جديدة في السلطة، وتوضيح العلاقات بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول كبير في الخارجية قوله إن الاقتراح الإسرائيلي يتضمن «اعتراف إسرائيل بدولة فلسطينية بحدود مؤقتة على أساس مناطق (إيه) في الضفة، التي تقع تحت مسؤولية السلطة الفلسطينية الأمنية والمدنية، ومناطق (بي) التي تقع تحت مسؤولية السلطة المدنية، مع توسيع رقعة سيادتها من 40% حاليا من مساحة الضفة الغربية إلى 50%، لكن من دون تحديد مسبق للمدة الزمنية التي تكون فيها الدولة الفلسطينية ضمن هذه الحدود المؤقتة والانتقال للحدود الدائمة، ومن دون وضع سقف زمني للمفاوضات حول الحدود وباقي القضايا الجوهرية». ويتضمن الاقتراح الإسرائيلي أيضا أن «يلتزم الفلسطينيون بعدم القيام بخطوات من جانب واحد، خاصة عدم التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، كما لا تلتزم إسرائيل من جهتها بتجميد البناء في الكتل الاستيطانية الكبيرة (أرييل) و(معاليه أدوميم) و(غوش عتسيون)». وتابعت الوثيقة أنه في حال «توجه الفلسطينيون إلى الأمم المتحدة في خطوة من جانب واحد ويحصلون على وضع دولة، فيجب النظر إلى ذلك على أنه تجاوز للخط الأحمر وكسر للأدوات، ويلزم برد إسرائيلي شديد».

كما تضمنت الوثيقة تحليلا لاعتبارات أبو مازن التي دفعته للتوجه بهذا الاتجاه في التوقيت الحالي، وادعت أن الاعتبارات الأساسية هي اهتزاز مكانته وسط الجمهور الفلسطيني، في ظل عدم قدرته على مواجهة التحديات الداخلية أمام السلطة الفلسطينية، خاصة التحدي الاقتصادي.

ولفتت «هآرتس» إلى أن الوثيقة لا تزال مسودة فقط، وأن ليبرمان لا يزال يدرسها ويدرس توصياته، وأنه من المقرر أن تتم مناقشتها مرة أخرى في وزارة الخارجية، ليتقرر الموقف النهائي منها وما إذا كان سيتم تقديم التوصيات إلى مجلس الوزراء «التسعة» أو المجلس الوزاري السياسي الأمني الموسع في الحكومة.

وكان طاقم مهني في وزارة الخارجية نفسها، قد أعد وثيقة تتضمن مواقف متناقضة تماما مع الوثيقة الجديدة، ويعتقد أن مساعدي ليبرمان أعدوا الوثيقة الجديدة لتكون بديلا عن وثيقة المهنيين، التي أغاظت ليبرمان في حينه. ونشرت تلك الوثيقة في الشهر الماضي، وانتقدت صراحة الهجوم على السلطة الفلسطينية بسبب توجهها إلى الأمم المتحدة وقالت إن اعتراف العالم بالفلسطينيين إجراء معنوي يجب أن لا يثير غضب إسرائيل، بل يمكن التعايش معه واستغلاله نقطة انطلاق لاستئناف المفاوضات. وحذرت الوثيقة يومها من أن الجهود الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية في هذا الموضوع، قد تنقلب على إسرائيل وتزيد من عزلتها.

في السياق نفسه، هاجمت القيادة الإسرائيلية لحركة «مبادرة جنيف» الإسرائيلية - الفلسطينية وثيقة ليبرمان وقالت إنها تعبر عن غباء مطبق يؤدي إلى إغلاق باب المفاوضات السلمية والتسوية مع الفلسطينيين. وقالت إن تطبيق ما جاء في وثيقة ليبرمان، سيجر المنطقة إلى جولة عنف رهيبة، لذلك فإنها وثيقة تبدو في ظاهرها معادية للفلسطينيين ولكنها معادية أكثر للإسرائيليين.

وأصدر النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي، رئيس الحزب الديمقراطي العربي، طلب الصانع، بيانا اتهم فيه ليبرمان، بالبلطجة السياسية والحزبية. وحذر الصانع من المساس بأبو مازن، مؤكدا أن ليبرمان «يتصرف كرئيس مافيا تنتهج عمل التهديد والوعيد والانتقام». وأضاف أن تصرفات ليبرمان الهمجية تجعل الرئيس الفلسطيني أكثر إصرارا من أي مرة على التوجه للأمم المتحدة من أجل الاعتراف بدولة فلسطين، ومن ثم الدفاع عنها ضد أي هجوم إسرائيلي عدواني.