قائد القوات البرية العراقية يدعو لـ«أذونات خاصة» للأكراد للدخول إلى كركوك

قيادي كردي لـ «الشرق الأوسط» : المالكي سيخسر طالباني إذا واصل نهجه الحالي

TT

يواصل المقربون من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ونواب من كتلته «دولة القانون» تصعيدهم لحدة المواجهات الإعلامية مع الأطراف الكردية والتي دفعت أخيرا بالاتحاد الوطني الكردستاني، حزب الرئيس العراقي جلال طالباني، إلى الانضمام رويدا رويدا للموقف المتشدد من الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود بارزاني تجاه المالكي.

ففي كل لحظة يخرج أحد المسؤولين العراقيين الموالين للمالكي أو المقربين منه بتصريحات نارية ضد القيادات الكردية دون أن يحرك المالكي ساكنا، مما يرجح لدى الكثير من القيادات الكردية أن تلك التصريحات المعادية تعبر بالفعل عن مواقف المالكي من الأكراد. ففي تصريح سابق تأكدت منه مصادر قيادية داخل الاتحاد الوطني الكردستاني أكد قائد القوات البرية العراقي الفريق أول ركن علي غيدان أثناء ترؤسه لاجتماع قيادة عمليات دجلة قبل عدة أيام «بأنهم سيعملون على أن لا يسمح بدخول الأكراد إلى مدينة كركوك من دون أذونات خاصة وعن طريق ربط الكفيل». ونقل الموقع الإعلامي للاتحاد الوطني الكردستاني عن مصادره في مديرية المخابرات العراقية تأكيده لصدور هذا التصريح، مشيرة إلى أن «قائد القوات البرية أدلى بهذا التصريح فعلا أثناء ترؤسه لاجتماع قيادة عمليات دجلة بحضور قائدها عبد الأمير الزيدي».

واستنكرت الأطراف الكردية الممثلة في مجلس إدارة محافظة كركوك هذا التصريح وقال أحمد العسكري للموقع المذكور إن «هذه التصريحات غير دستورية ولا يستطيع أحد في العراق الجديد أن يقوم بدور دائرة الأحوال المدنية لاستخراج هويات خاصة بالمواطنين تسمح لهم بالتنقل في أرجاء العراق»، مؤكدا أنه في حال دخلت هذه التصريحات حيز التنفيذ الفعلي فإن الكرد سيتخذون جميع الإجراءات والوسائل القانونية والدستورية للرد عليها.

وفي السياق ذاته أثارت التصريحات المستفزة للنائب عن كتلة دولة القانون سامي العسكري، وهو أحد المقربين من المالكي، والتي تطرق خلالها إلى جملة من الأمور التي من شأنها أن تعقد الأوضاع أكثر وتوجهها نحو أفق مظلم غضب القيادات الكردية. وقال أحد القياديين الكرد لـ«الشرق الأوسط» إننا «لاحظنا من خلال الحملة الإعلامية المستمرة ضد قيادة وشعب كردستان، أن معظم الذين يؤججون نار الفتنة بين الفرقاء العراقيين هم من الموتورين، أو هم من ذيول حزب البعث المنحل، أو هم من الانتهازيين الذين يريدون التصيد في الماء العكر لتنفيذ مآربهم الشخصية أو خدمة أجندات خارجية»، مشيرا إلى أن هناك الكثير من القيادات الشيعية التي ناضلت معنا تستنكر مثل هذا التصعيد الخطير الذي من شأنه أن يقلب أوضاع العراق رأسا على عقب.

وقال المصدر القيادي الكردي الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» إن سامي العسكري يقول في تصريحاته بأن التحالف الشيعي الكردي قد انتهى، ونريد أن نسأل السيد المالكي هل هذا هو موقفه أم لا؟ فإذا كان هو ليس مع هذا الموقف فلماذا يعجز عن محاسبة نواب كتلته عن إطلاق مثل هذه التصريحات التي من شأنها أن تستفز القيادة الكردية؟ وإذا كان هو مؤيدا لتصريحات نائبه وموافقا عليها فماذا سيبقى بعد انتهاء التحالف الشيعي الكردي حتى تستمر العملية السياسية والديمقراطية في العراق؟

وكشف المصدر أن هذه التصريحات والحملات المتواصلة من أطراف دولة القانون تثير غضب الرئيس العراقي جلال طالباني الذي يشعر بالانزعاج من توالي هذه المواقف التصعيدية، وهو بالفعل يشعر بالإحباط نتيجة عدم استماع المالكي إلى نصائحه ودعواته المخلصة للتهدئة وعدم تصعيد المواقف لإعطاء فرصة لحل المعضلة العراقية والخروج من أزمة سياسية خانقة في العراق. وأضاف: أن «الرئيس طالباني نصح المالكي بعدم التدخل في ملف قضية نائب الرئيس طارق الهاشمي وترك الأمور للقضاء العراقي وهو قضاء مستقل، لكن المالكي أبى إلا أن يتدخل ويفرض نفوذه السياسي على هذه القضية. وطلب الرئيس طالباني منه التريث بتشكيل قيادة عمليات دجلة، لكنه أصر على موقفه ومضى في تشكيلها دون أي التفات لاحتجاجات القيادة والشعب الكردي، بل إنه أمعن في موقفه المتعنت من هذه المسألة بتعيين عبد الأمير الزيدي وهو من الضباط البعثيين القدماء وأحد أركان عمليات الأنفال ضد الشعب الكردي، وسبق أن قاد الحملة العسكرية ضد مدينة أربيل. والمالكي تدخل أيضا في قضية البنك المركزي وهذا ليس من اختصاصه، بل كان يفترض أن يترك الأمور للجهات المختصة والدولية لإجراء التحقيقات، كل هذه الأمور أشعر الرئيس طالباني بالإحباط، وفي النتيجة فإن المالكي سيخسر بالتأكيد دعم الرئيس له إذا استمر بنهجه الحالي، وسيكون هو الخاسر الوحيد مما يجري حاليا في العراق».

يذكر أن الرئيس العراقي جلال طالباني قد أعلن أول من أمس أثناء اجتماعه بالكادر الإعلامي لحزبه في مدينة السليمانية تأييده للبلاغ الصادر عن رئيس الإقليم مسعود بارزاني حول الموقف الرسمي لقيادة إقليم كردستان من مسألة تشكيل قيادة عمليات دجلة، وشدد في حديثه مع الكادر الإعلامي على أهمية توحيد الموقف الكردي وتقوية العلاقات الاستراتيجية بين حزبه والديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني، مؤكدا أن تعزيز وتطوير التحالف الاستراتيجي بين الحزبين ضرورة ملحة لحماية المكتسبات المتحققة للشعب الكردي.