مصر: القوى المدنية تجمد مشاركتها في «تأسيسية الدستور» وتهدد بالانسحاب

الرئاسة قالت إن «الجمعية مستمرة.. ولن نتدخل في أعمالها»

TT

صعدت القوى المدنية الممثلة في الجمعية التأسيسية للدستور الجديد في مصر، من موقفها الرافض للمسودة الأولية للدستور، وقررت تجميد مشاركتها في أعمال الجمعية حتى تتم الاستجابة لمطالبها، وأهمها إقرار التعديلات التي قدمتها على عدد من المواد، وأمهلت رئيس الجمعية، التي يسيطر عليها الإسلاميون 48 ساعة لتحقيق مطالبها، أو الانسحاب النهائي منها.

وبينما حذر المراقبون من فشل الجمعية في التوافق على الدستور، قبل أقل من شهر على انتهاء المهلة القانونية لاستمرارها، والمحددة في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وفقا للإعلان الدستوري الجاري العمل به حاليا، قال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية الدكتور ياسر علي أمس، إن «عمل الجمعية مستمر»، مشددا على رفض الرئاسة التدخل في أعمالها.

وأعلن 25 عضوا من أعضاء الجمعية التأسيسية، البالغ عددهم 100 عضو، أمس تعليق مشاركتهم في أعمال اللجنة العامة للجمعية، وهددوا بالانسحاب رسميا اعتبارا من يوم الأحد المقبل، ما لم تتم الاستجابة لمطالبهم وتنفيذ ملاحظاتهم. ومن بين هؤلاء الأعضاء المرشح الرئاسي السابق عمرو موسى، ورئيس حزب الوفد السيد البدوي، ورئيس حزب غد الثورة أيمن نور.

وأصدر هؤلاء الأعضاء، بيانا برروا فيه قرارهم بعدم قيام الجمعية بكامل أعضائها بمناقشة مشروع الدستور، والاكتفاء بتمرير المواد الواردة من اللجان دون مناقشة جادة، وتكليف مجموعة مصغرة يمثل أعضاؤها اتجاها محددا (إسلاميا) يقتصر عليه إبداء الرأي النهائي في مواد الدستور، ومنع بعض أعضاء الجمعية التأسيسية خصوصا ممن لا ينتمون إلى هذا الاتجاه من طرح آرائهم ومقترحاتهم بحرية، بل عدم الاستماع إليهم عن طريق إحداث الجلبة والفوضى خلال الجلسات.

وأشار البيان إلى أن قرار التجميد يأتي في ضوء تشكيل لجنة صياغة نهائية مصغرة وصفوها بأنها تحكمية وغير ديمقراطية مكونة من شخصيات كان لها مواقف متشددة من عدد من المواد التي سوف تطرح عليها مرة أخرى لتعيدها لسيرتها الأولى وصرف النظر عن نتائج المناقشات الجادة والمعنية التي جرت خلال الشهور والأسابيع الماضية، واتضح ذلك من تحوير صياغة مواد بعينها تتصل باستقرار المجتمع وقيمه لتسمح صراحة بوضع سلطة حماية قيم المجتمع في يد جماعات وأشخاص من المجتمع وبالتوازي مع الدولة.

من جانبه، حذر الدكتور محمد سعيد، أحد أعضاء الجمعية المهددين بالانسحاب، وممثل اتحاد شباب الثورة، من تجاهل مطالب القوى المدنية، مؤكدا أن ذلك يعني انفجار الموقف نهائيا والبدء من النقطة (صفر). وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «إن هناك مشاورات جارية الآن معنا لإثنائنا عن موقفنا، مقابل تحقيق بعض المطالب لكنها لم تصل إلى جديد، ولم تقدم حتى الآن أي تنازلات حقيقية من جانب القوى الإسلامية».

وقال تامر القاضي المتحدث باسم اتحاد شباب الثورة «إن الانفجار في الجمعية التأسيسية متوقع في ظل حالة الاستقطاب والتنازع السياسي داخل الجمعية وخارجها مما يجعل المناخ الذي يتم فيه عمل الدستور غير صحي على الإطلاق وسينتج عنه دستور مشوه لن يعبر عن أحد».

وأضاف أن «اتساع هوة الخلاف بين القوى السياسية، وإعلان القوى المدنية عن تجميد عضويتها والانسحابات المتكررة يعد مؤشرا خطيرا لا ينم عن الوصول لتوافق حول الدستور في المستقبل».

في المقابل، قال محمد محسوب وزير الدولة للشؤون النيابية والبرلمانية، وعضو الجمعية التأسيسية، إنه راجع قرار بعض الأعضاء الذين جمدوا عضويتهم، مؤكدا أن «قرارهم له أبعاد سياسية ولا علاقة له بالدستور»، مطالبا إياهم بضرورة قراءة مسودة الدستور التي تتطور يوما بعد يوم».

ودعا محسوب، في تغريداته على موقع «تويتر»، جموع المصريين لـ«المساهمة في نقل مصر إلى حالة دستورية»، مشيرا إلى أن «وضعها خارج إطار دستوري معقول يهدد مستقبلها ومستقبل الجميع».

وتابع قائلا: «تمنيت أن تنشر الأطراف المعترضة على التأسيسية مسودة لدستور يمكن على أساسه تعديل ما تراه من عيوب في مسودة التأسيسية بدلا من الكلام المرسل». وأضاف: «الحقيقة أن الأحزاب الإسلامية لم يعد لها شيء في الدستور مما اقترحته سوى المادة 220»، التي تفسر مدى التزام التشريع بالشريعة الإسلامية.

من جهته، علق المتحدث باسم رئاسة الجمهورية الدكتور ياسر علي على الأزمة، قائلا: «إن عمل الجمعية مستمر»، رافضا تدخل الرئاسة في أعمالها. وأضاف: «الهدف من اللقاءات التي يجريها الرئيس مع مختلف القوى الوطنية هو تقريب وجهات النظر من خلال مؤسسة الرئاسة والوصول إلى توافق حول المواد المختلف عليها».

وأشار علي، في تصريح صحافي له أمس، إلى أن «الرئاسة ستواصل الحوار من أجل تحقيق الهدف المنشود وهو تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، مما يؤهل إلى الانطلاق بقوة إلى مرحلة من الانتعاش الاقتصادي وتدفق الاستثمارات والسياح وهو هدف يتفق عليه الجميع».