3 أحزاب سياسية سودانية معارضة توقع في لندن على بيان للعمل المشترك حول قضايا الانتقال السياسي وترتيبات النظام الجديد المنشود

البشير يعود إلى الخرطوم «صامتا».. والإسلاميون يعقدون مؤتمرهم اليوم

TT

في تطور جديد حول العمل المشترك للأحزاب والقوى السياسية السودانية المعارضة، وقعت ثلاثة أحزاب سياسية سودانية معارضة مساء أول من أمس في لندن على بيان مشترك للعمل على معالجة قضايا البديل الديمقراطي لنظام المؤتمر الوطني الحاكم في السودان لأكثر من 23 عاما.

وجاء التوقيع على هذا البيان المشترك بعد سلسلة من الاجتماعات، حيث عقد السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي والدكتور علي الحاج محمد، مساعد الأمين العام للمؤتمر الشعبي والسيد ياسر سعيد عرمان، الأمين العام للحركة الشعبية في السودان، مباحثات تناولت القضايا القومية الملحة في السودان، وعلى رأسها قضايا الانتقال السياسي وترتيبات النظام الجديد المنشود، وتم الاتفاق على عدد من هذه القضايا، منها ما يتعلق بالوضع السياسي، إذ ثمن المتحاورون عاليا دعوة السيد الصادق المهدي إلى الاعتصام السياسي في الميادين العامة، في حالة استمرار النظام في العناد والانفراد، واتفقوا على تصعيد وتيرة العمل السياسي السلمي من أجل تهيئة البلاد لاستقبال التغيير الوشيك من خلال استكمال الحوار حول قضايا التحول والفترة الانتقالية والوثائق التي تقدمت بها قوى المعارضة بجميع أطيافها.

وأشار البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إلى ضرورة توحيد القوى الوطنية المعارضة. كما أمن الجميع على أن الوضع السوداني الراهن يتطلب تسريع خطوات توحيد القوى السياسية الوطنية، ممثلة في قوى الإجماع الوطني والجبهة الثورية وحركات الشباب والنساء والطلاب والنقابات وكافة القوى السياسية وقوى المجتمع المدني الراغبة في التغيير وصولا إلى مؤتمر دستوري قومي جامع.

وتعهد المتحاورون من خلال هذا البيان بتطوير خطاب كثيف إلى أعضاء الأسرة الدولية بصفة عامة ودول الجوار الإقليمي بصفة خاصة بغرض إجلاء الرؤى الوطنية حول القضايا التي تواجه السودان والمخاطر التي تجرها إليه سياسات نظام الحكم الحالي.

يذكر أن هذا البيان وقع عليه عن حزب الأمة القومي نصر الدين الهادي المهدي، نائب رئيس الحزب، وعن المؤتمر الشعبي الدكتور علي الحاج محمد، مساعد الأمين العام للمؤتمر الشعبي، وعن الحركة الشعبية في السودان ياسر سعيد عرمان، الأمين العام للحركة. وقد شهد مراسم التوقيع على البيان عدد من الصحافيين والإعلاميين مساء أول من أمس في لندن.

من جهة أخرى، وصل الرئيس السوداني عمر البشير إلى الخرطوم قادما من المملكة العربية السعودية، بعد زيارة استغرقت ثمانية أيام أجرى خلالها جراحة في الحلق بأحد المستشفيات السعودية في الرياض، وصفت بـ«الناجحة».

وثارت تكهنات كثيرة حول الداء الذي أصاب الرئيس البشير، ومنعه الأطباء بسببه عن الكلام، وتراوحت بين إصابته بالتهابات في الحلق، وبين إصابته بارتخاء في الحبال الصوتية، وبين ورم «خبيث» في الحبال الصوتية. ولوح البشير بعصاه لمستقبلية فور هبوطه من الطائرة، والتقى كبار مستقبليه في صالة كبار الزوار، ثم غادر على عربة مكشوفة ملوحا بعصاه لحشد يقدر بنحو ثلاثة آلاف جاءوا لاستقباله بمطار الخرطوم.

ولم يخاطب البشير مستقبليه في المطار كعادته في مثل هذه اللقاءات، وخرج موكبه دون تصريحات، وقالت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» إنه عاد «سالما معافى». ورددت الجماهير التي حشدت للقاء البشير شعارات من قبيل «عودا حميدا للرئيس»، فيما ردد البعض «حمدا للعودة رغم كيد الحاقدين»، وكأنها كانت ترد ما تناقله البعض في الخرطوم بأن الرئيس «لن يعود».

وكان على رأس مستقبليه نائبه الأول علي عثمان محمد طه وعدد من كبار الوزراء والمسؤولين في الحزب الحاكم والدولة.

وانشغلت الخرطوم طوال الأسبوعين الماضيين بمرض الرئيس البشير، وما إذا كان سيعيق أداءه لمسؤولياته كرئيس، وطرحت فكرة «الرئيس البديل» بقوة، بيد أن عودته السريعة أجهضت كثيرا من التكهنات التي تقول بعدم عودته، وأكدت أن حالته الصحية في حدودها الدنيا ليست سيئة كما حاولت تقارير تصويرها.

إلى ذلك، قال النائب الأول للرئيس، علي عثمان محمد طه في خطابه إلى «البرنامج الفكري» في الخرطوم، بمناسبة المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية السودانية اليوم، إن الحرية التي «يتمتع» بها السودان يجب أن لا تدفع الحاكمين للغرور وفرض الوصاية على الناس.

وندد طه بما سماه «ضرر الاستبداد والظلم»، وقال إنه ينجم عن إحساس الحكام بأن حكمهم اجتهاد منهم، ودعا إلى الرجوع لمقاصد الشرع في قضية السلطة والحاكمية والدولة.

وأضاف طه إن النظام الإسلامي لا يفرق بين مسلم وغير مسلم، وإن النظام في السودان ساوى بين المواطنين في الوظائف والواجبات العامة، وقال: «اتخذنا مبدأ المواطنة التي تكفل الحقوق والواجبات منهجا».

ويشغل طه وظيفة الأمين العام للحركة الإسلامية السودانية التي تعقد مؤتمرها العام لاختيار أمين عام جديد، بعد أن عدلت دستورها لتمنع تولي الوظائف فيها لأكثر من دورة واحدة، وكان طه أبدى في وقت سابق زهده في تولي الأمانة العامة للحركة مرة أخرى.

ويبدأ اليوم مؤتمر الحركة الإسلامية الثامن الذي يصفه مراقبون بأنه «مفصلي» وعلامة فارقة بين مرحلتين من مراحل حكم الإسلاميين للسودان، وتتضمن أجندته اختيار أمين عام بديلا للأمين الحالي طه، ورئيس مجلس شورى.

وينعقد المؤتمر عقب دعوات أطلقها موالون للحركة يطالبون فيها بالتغيير، وسط حالة «تململ» عامة وسط عضويتها، بلغت حد كتابة مذكرات احتجاج حادة إلى قيادتها، تطالب بالفصل بين الحركة والحزب الذي تحكم باسمه (المؤتمر الوطني)، وبتجديد الطاقم الحاكم في الدولة والحزب، وأشهرها المذكرة المشهورة بمذكرة «الألف أخ».

بيد أن هناك أصوات تعلو تطالب بإبقاء طه على رأس الحركة الإسلامية تجنبا لخلافات قد تؤدي إلى انقسام جديد في جسم الإسلاميين السودانيين، شبيه بالانقسام الذي شهدته عام 1999م، وعرف بـ«المفاصلة»، وخرج بموجبه الدكتور حسن الترابي الأمين العام للحركة الإسلامية، ولو استدعى الأمر تغيير الدستور المقترح.

ويتمسك قادة كثر في الحركة بأهمية احترام الدستور لحفظ الحقوق داخل الحركة، وإتاحة فرص متساوية لكل العضوية، ويبرز بين المرشحين لتولي منصب الأمين العام الدكتور غازي صلاح الدين العتباني، والبروفسور حسن عثمان رزق، وآخرون.

وعلى صعيد آخر، عقدت السفارة السودانية في لندن مؤتمرا صحافيا أمس، تحدث فيه عبد الله الأزرق السفير السوداني في لندن عن التحديات التي تواجهها بلاده، وفند تصريحات لويس أكامبو، المدعي السابق للمحكمة الدولية حول الرئيس السوداني عمر البشير والحكومة السودانية في ما يتعلق بأحداث دار فور بأنها لا تستند إلى حقائق ووقائع، ووصفها بأنها مجرد ادعاءات وأكاذيب ملفقة. وأكد أن مصنع اليرموك لا علاقة له بإيران، بل إنه شاهد عيان عند إنشاء هذا المصنع عندما كان سفيرا للسودان لدى بلغاريا، فكلف من قبل حكومة بلاده بمتابعة إجراءات التشييد مع الحكومة البلغارية آنذاك. وجدد اتهام السودان لإسرائيل بالاعتداء على هذا المصنع مؤخرا، وطالب المجتمع الدولي بإدانة الاعتداءات الإسرائيلية على بلاده، باعتبار أن مثل هذه الممارسات العدوانية يجب إدانتها وشجبها من المجتمع الدولي ومعاقبة المعتدين الذين يهددون السلام العالمي.