طالباني يطالب التحالف الوطني بتوضيح موقفه من تصريحات العسكري

العسكري لـ«الشرق الأوسط»: النزاع بين بارزاني والمالكي وصل إلى مرحلة كسر العظم

TT

طالب الرئيس العراقي جلال طالباني القيادات الشيعية بتوضيح موقفها من التصريحات التي أدلى بها مؤخرا النائب في البرلمان العراقي عن التحالف الوطني (ائتلاف دولة القانون) سامي العسكري، التي وصف فيها التحالف الشيعي - الكردي بأنه «أكذوبة». وقال طالباني الذي يوجد حاليا في مدينة السليمانية في بيان له حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إن «التصريحات التي أطلقها النائب عن ائتلاف دولة القانون سامي العسكري حول أكذوبة التحالف الشيعي الكردي، ليست مجافية للحقيقة والواقع فحسب، بل تمثل عن قصد أو من دونه مسعى لفك عرى هذا الترابط الذي يلعب دورا أساسيا في العملية السياسية».

وأكد الرئيس طالباني أن «الصمت على مثل هذه التصريحات لم يعد ممكنا، وأن استمراره قد يفسر على أنه تغير جذري غير مستحب في المواقف السياسية»، مطالبا «التحالف الوطني الذي ينتمي إليه النائب العسكري بتوضيح موقفهم من مثل هذه التصريحات الخطيرة»، مشيرا إلى أن «التحالف بين الشيعة والكرد أصبح مثالا للروابط بين أجزاء العراق كافة على امتداد التاريخ، وبعد انهيار نظام الطغيان ظل التحالف ركيزة أساسية في التصدي للإرهاب الذي طال جميع العراقيين»، مبينا أن «هذا التحالف لم يكن أبدا تكريسا لتقسيم العراق على أساس طائفي وعرقي، بل على العكس كان يهدف إلى منع عمليات التفرقة».

وكان سامي العسكري القيادي في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية قد اتهم، قبل يومين، الزعامات الكردية بـ«اللعب» على موضوع الخلافات السنية الشيعية، معتبرا أن الحديث عن ائتلاف شيعي كردي «أكذوبة»، وأكد أن الأكراد لم يقطعوا علاقاتهم مع إسرائيل، مما أثر على القيادات الكردية المعروفة بعلاقاتها العميقة مع الزعامات الشيعية منذ سنوات المعارضة.

النائب عن التحالف الوطني والقيادي البارز في ائتلاف دولة القانون سامي العسكري قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس ردا على بيان الرئيس طالباني إن «هذه هي وجهة نظري الشخصية، وهي بالتأكيد ليست ملزمة للتحالف الوطني، ولكن ما أريد أن أقوله هو أن هذا التحالف كان قد نشأ أيام المعارضة ضد نظام صدام حسين، وبالتالي كان له آنذاك ما يبرره»، مؤكدا أنه «بعد سقوط نظام صدام وخلال الفترة الأولى بعد السقوط وفي ظل المقاطعة السنية المعروفة فإن التحالف الكردي - الشيعي كان أيضا له ما يبرره على صعيد التصدي للجهات المناهضة لبناء دولة جديدة وعملية سياسية ناجحة، لكنه بعد مشاركة الجميع، بمن في ذلك السنة، وبشكل كبير جدا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي مبررات هذا التحالف؟ وموجه ضد من؟ هل هو موجه ضد السنة مثلا؟». وأشار العسكري إلى أن «هناك اليوم شركاء ثلاثة في العملية السياسية وبالتالي فإن استمرار الحديث العاطفي وغير الواقعي عن تحالف شيعي - كردي أمر يجافي الواقع».

وأضاف العسكري المقرب من المالكي قائلا: «إذا كان ذلك من الناحية الشكلية فلا مبرر له ولا معنى، أما من الناحية الواقعية فإن النزاع بين رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، الذي هو رئيس الأكراد، وبين رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي هو رئيس الشيعة، وصل إلى مرحلة كسر العظم.. فأين يمكن أن نتلمس هذا التحالف؟».

وكشف العسكري أنه «من خلال تجربتي في البرلمان الحالي ومنذ تأسيسه عام 2010 وحتى اليوم فإنني لا أستطع أن أتذكر موقفا كرديا واحدا وقفه الأكراد مع الشيعة ضد الآخرين، وبالتالي فإنني أعود وأكرر أن استمرار الحديث عن تحالف شيعي - كردي هو أكذوبة». وأشار إلى أنه «حتى في المفاوضات التي نجريها مع الكرد فإنهم يخوفوننا من السنة، وحين يتفاوضون مع السنة فإنهم يتذكرون أنهم سنة أيضا ويخوفونهم (السنة) من الشيعة».

واتهم العسكري رئيس الجمهورية جلال طالباني بـ«الخروج عن دوره كرئيس للجمهورية في الآونة الأخيرة، حيث إن مواقفه الأخيرة تؤكد انحيازه لكرديته وبالتالي بات يفقد الصفة التي كان يتمتع بها سابقا كراعٍ للعملية السياسية وللجميع».

من جهتها أكدت النائبة في البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني آلاء الطالباني، وهي مقربة من الرئيس طالباني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المفارقة اللافتة للنظر أنه في الوقت الذي كانت فيه جميع الكتل السياسية بمن فيها دولة القانون تعول على عودة الرئيس جلال طالباني لحل الأزمة، فإن هذا الأمر تراجع الآن بعد بروز أزمات جديدة وطارئة». وأكدت أن «الرئيس طالباني مستعد لأداء دوره بالكامل ولكن الأمر يتوقف على ما تبديه الكتل الأخرى من تنازلات من أجل إنجاح الحوارات السياسية». واعتبرت الطالباني أن «الأزمة السياسية الحالية انعكست على الأداء البرلماني الذي أصيب بدوره بنوع من الجمود، وذلك من خلال تأخير المصادقة على عدد من أهم القوانين في البلد التي لو تم تشريعها لقطعنا الشوط الأكبر في حسم باقي الملفات».