مصر: مرسي يكلف رئيس وزرائه زيارة غزة اليوم للتضامن «في مواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم»

السفير الإسرائيلي غادر القاهرة.. ومصدر دبلوماسي: قد نرفض عودته إذا استمر التصعيد

الرئيس المصري محمد مرسي أثناء اجتماعه بوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء هشام قنديل ومجموعة من المسؤولين أثناء مناقشة آخر التطورات في غزة، بالقاهرة، أمس (إ.ب.أ)
TT

في تطور سياسي غير مسبوق، قال الدكتور ياسر علي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة في مصر، إن الرئيس المصري محمد مرسي كلف رئيس الوزراء، الدكتور هشام قنديل، بزيارة قطاع غزة اليوم (الجمعة)، وتأتي هذه الخطوة عقب بيان ألقاه الرئيس مرسي قال فيه إن «العدوان الإسرائيلي على غزة غير مقبول»، مؤكدا «وقوف الشعب والقيادة والحكومة في بلاده بكل إمكانياتها لمنع العدوان الإسرائيلي وإراقة الدماء». وتعد زيارة قنديل المرتقبة هي الزيارة الأولى من نوعها لمسؤول مصري بهذا المستوى.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس مرسي، كلف قنديل بالتوجه إلى قطاع غزة اليوم، على رأس وفد رفيع المستوى، وأضاف أن زيارة قنديل لغزة تأتي من أجل التأكيد على تضامن مصر مع أهالي غزة في مواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم، وكذلك لتلبية الاحتياجات العاجلة للشعب الفلسطيني.

ووسط مسيرات احتجاجية شعبية عمت أرجاء مصر، دعت مصر أمس الولايات المتحدة إلى ضرورة التدخل لوقف العدوان الإسرائيلي، كما تم الإعلان عن اجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب بمقر الجامعة العربية في القاهرة غدا (السبت).

وبينما طالبت قوى سياسية ومسؤولون كبار في الدولة، بضرورة دعم المقاومة الفلسطينية، ومراجعة اتفاقية السلام مع إسرائيل من أجل ثنيها عن الاعتداءات المتكررة على الفلسطينيين، أعلن مصدر أمني فتح السلطات معبر رفح البري الحدودي مع قطاع غزة، استعدادا لاستقبال الجرحى الفلسطينيين جراء الهجوم الإسرائيلي على القطاع.

وتشهد شبه جزيرة سيناء استنفارا أمنيا مكثفا، تحسبا لأي عمليات مسلحة جديدة، وقالت مصادر أمنية إن «إسرائيل طلبت وقف إطلاق النار مع غزة عبر وسطاء أوروبيين، إلا أن حركة حماس اشترطت لقبول الهدنة، أن تمر عبر الوسيط المصري».

وشدد مرسي في اجتماع طارئ أمس، حضره رئيس الوزراء ووزيرا الدفاع والداخلية لمناقشة تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة، على أن الشعب والقيادة والحكومة تقف بكل إمكانياتها لمنع العدوان الإسرائيلي وإراقة الدماء، مضيفا أن «على إسرائيل إدراك أننا لا نقبل العدوان الذي يؤثر سلبا على الأمن والاستقرار في المنطقة».

وشدد مرسي على حرص بلاده على علاقاتها مع دول العالم وعدم قبولها في الوقت نفسه للحصار الفلسطيني. وقال: «إن هناك تحركات واسعة تتم الآن لمنع التصعيد واستمرار العدوان بهذا الشكل على الفلسطينيين.. وأنه في هذا الإطار، أجرى اتصالات مع كل من الرئيس الأميركي باراك أوباما، وبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، وكاثرين أشتون الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، ونبيل العربي أمين عام الجامعة العربية».

وكان مرسي قد قرر سحب سفير بلاده لدى إسرائيل، كما استدعى السفير الإسرائيلي بمصر لتسليمه رسالة احتجاج. وبينما وصل السفير المصري عاطف سالم، إلى القاهرة صباح أمس، كان السفير الإسرائيلي لدى مصر يعقوب أميتاي، قد غادر القاهرة مساء الأربعاء عائدا إلى بلاده.

وقال مصدر دبلوماسي مطلع: «نحن لم نطلب من السفير الإسرائيلي المغادرة.. عادة ما كان يسافر من القاهرة يوم الخميس ويعود الأحد»، وتابع: «لنر ما إذا كان سيعود الأحد المقبل أم لا».

وأكد المصدر في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن «الخطوات التصعيدية ردا على العدوان الغاشم على غزة متاحة وكثيرة، وأن فترة وشراسة الهجوم هي التي ستحدد تدرجها خلال الفترة المقبلة».

وشدد المصدر على أنه «في حالة استمرار الهجوم، فسيكون متاحا أيضا اعتبار السفير الإسرائيلي في القاهرة شخصا غير مرغوب فيه، أو طرده، والاثنان لهما نفس النتيجة من الناحية القانونية، لكن استعمال الطرد يكون أكثر إهانة، ثم تجميد العلاقات الاقتصادية».

من جانبه، طالب وزير الخارجية محمد كامل عمرو، الولايات المتحدة بالتدخل الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، محذرا من مغبة تصاعد العملية العسكرية. وأكد عمرو، في اتصال هاتفي مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أنه ما لم يتوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، فإن الأمور ستتصاعد بصورة تخرجها عن نطاق السيطرة.

وفي غضون ذلك، قطع اللواء محمد رأفت شحاتة، رئيس المخابرات العامة، زيارته إلى تركيا وعاد إلى القاهرة أمس.

وخرجت عشرات المسيرات الغاضبة احتجاجا على القصف الإسرائيلي في محافظات مصر أمس، واتجهت إحدى هذه المسيرات، التي دعت لها جماعة الإخوان المسلمين، من أمام مسجد عمر مكرم بميدان التحرير إلى مقر جامعة الدول العربية، يتقدمها مستشار رئيس الجمهورية محمد عصمت سيف الدولة.

وطالب المتظاهرون الحكومة بغلق السفارة الإسرائيلية، وقطع جميع العلاقات مع إسرائيل، وإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، وفتح المعابر لتوصيل المساعدات إلى فلسطين على مدار اليوم.

وفي السياق ذاته، طالب الدكتور عصام العريان، أحد مستشاري رئيس الجمهورية، بإجراء استفتاء شعبي على عودة البرلمان، لاتخاذ موقف حاسم ومناقشة العدوان على غزة، وقال العريان: «هل يتصور وطني أن تكون حدودنا الشرقية تشهد بداية حرب وليس لدينا برلمان.. لماذا يستفتي الرئيس الشعب على عودة البرلمان الذي انتخبه 32 مليون مصري».

إلا أن العريان اعتبر، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن «معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية ليس لها علاقة بما يحدث في غزة»، مشيرا إلى أن «ما يحدث هو خرق إسرائيلي للإطار الأشمل وهو اتفاقية كامب ديفيد، الذي ينص على ضرورة حل القضية الفلسطينية برعاية أميركية، التي يجب أن تتحمل مسؤوليتها وإجبار إسرائيل على وقف هذا العدوان فورا».

وأصدر وزير الأوقاف طلعت عفيفي، بيانا أمس طالب فيه المقاومة الفلسطينية بأن «تجمع صفها، لضرب العمق الصهيوني ضربات موجعة»، داعيا الرئيس مرسي إلى «الوفاء بما وعد به بعدم السماح بقتل الفلسطينيين».

وتنظم حركات وقوى سياسية إسلامية في مصر، اليوم (الجمعة)، عدة فعاليات احتجاجية لوقف العدوان على غزة، ودعت جماعة الإخوان المسلمين لتنظيم وقفات احتجاجية أمام المساجد الكبرى بكل المحافظات، على أن يكون الحشد الرئيسي بعد صلاة الجمعة بالجامع الأزهر في القاهرة.

إلى ذلك، أعلنت جامعة الدول العربية أنه تقرر عقد اجتماع فوري لوزراء الخارجية العرب غدا (السبت) لبحث تطورات العدوان الإسرائيلي على غزة، بناء على طلب الرئيس المصري والرئيس الفلسطيني. وقال السفير أحمد بن حلي، نائب الأمين العام للجامعة، إن «هذا الموعد تم بالتشاور بين الأمين العام الدكتور نبيل العربي وعدد من القادة ووزراء الخارجية العرب».

وأشاد موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، لـ«الشرق الأوسط»، بالموقف المصري، وأضاف: «إنه لن يقف عند هذا الحد، وإنما سيكون الموقف متحركا وفقا لما يحدث على الأرض»، مشيرا إلى «أن مصر قادرة على الرد وردع العدوان الإسرائيلي»، وأن «التحرك العربي سيكون نشطا ولن يقف متفرجا على ما يحدث في غزة، فالعرب لديهم وسائل كثيرة دبلوماسية وسياسية واقتصادية وعسكرية، وعليهم الاتفاق على الوسيلة المناسبة».