الزعيم الجديد للصين يشدد على محاربة الفساد ويقر بمواجهة «تحديات كبرى»

تشي يخلف جينتاو في رئاسة الحزب والدولة.. ومحللون يستبعدون تغييرات جذرية

تشي (الرابع يمينا) يتوسط أعضاء اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي، في بكين أمس (أ.ف.ب)
TT

خلف تشي جينبينغ أمس هو جينتاو على رأس الحزب الشيوعي الصيني وأصبح بالتالي رئيسا للصين - البلد الكبير الذي يمر بمرحلة تحولات كبرى، ويواجه تحديات عدة، أبرزها الإصلاح ومحاربة الفساد. وفور تعيينه، خرج الزعيم الجديد أمام الصحافة برفقة المجموعة القيادية الجماعية الجديدة، التي ستتولى حكم الصين خلال السنوات الخمس أو العشر المقبلة والتي كان تعيينها مدار مناقشات مكثفة خلال المؤتمر الثامن عشر للحزب.

وأمام عدسات المصورين والصحافيين، اعتلى تشي منصة قصر الشعب وخلفه سار القادة الستة الآخرون الذين يشكلون «اللجنة الدائمة» للمكتب السياسي للحزب. وبعد أن تولى التعريف بالقادة الستة المنتخبين، ألقى تشي خطابا مقتضبا، حذر فيه من أنه والفريق القيادي الجديد أمام «مسؤوليات هائلة»، مقرا أيضا بأن الحزب الشيوعي يواجه «تحديات كبرى» أحدها الفساد. وأضاف أن القادة الجدد للبلاد سيعملون من أجل «ضمان حياة أفضل» للشعب.

وحتى الرئيس المنتهية ولايته هو جينتاو، شدد في خطاب له على محاربة الفساد، ودعا خلفه تشي إلى «تنظيف» البيت الصيني المنخور بالفساد، وقال: «إذا فشلنا في معالجة هذه المسألة، قد يشكل هذا الفشل نكبة لحزبنا وربما يؤدي إلى انهياره وانهيار الدولة».

وخلافا لما درجت عليه العادة، لم يرد في خطاب تشي أي إشارة إلى أسلافه أو أي من المجاملات المعهودة، مما أثار ترحيب قسم من مستخدمي الإنترنت في الصين، وكتب أحدهم معلقا: «منذ زمن طويل، لم نسمع خطابا مباشرا كهذا وليس خطابا سياسيا خشبيا ومتكلفا».

ومع تشكيل الإدارة الجديدة للحزب الشيوعي الحاكم، انتهت أعمال المؤتمر الثامن عشر للحزب، الذي طغت عليه قضايا فساد واستغلال سلطة، أبطالها أعضاء قياديون في الحزب ومسؤولون بارزون في الدولة. وصباح أمس، اجتمعت اللجنة المركزية الجديدة للحزب، المكونة من 205 أعضاء تم انتخابهم الأربعاء خلال المؤتمر العام، وانتخبت أعضاء المكتب السياسي الجديد المكون من 25 عضوا تقريبا. وهذا المكتب السياسي هو الذي انتخب أعضاء «اللجنة الدائمة»، التي خفض عدد أعضائها من تسعة إلى سبعة، بينهم تشي.

وينظر إلى تشي عادة على أنه يقوم بتسويات ومقبول من الأجنحة «الإصلاحية» و«المحافظة». لكن محللين كثيرين استبعدوا حدوث تغييرات جذرية في البلاد في ظل قيادته. وقال جان - بيار كابيستان، خبير شؤون الصين في جامعة هونغ كونغ المعمدانية، إن الفريق القيادي الجديد «ليس مستعدا لإجراء إصلاحات كبيرة باستثناء المجال الاقتصادي، ربما، لأن هناك حاجة لذلك. أما على الصعيد السياسي، فإنهم محافظون للغاية».

وبينما عبر الزعيم الجديد للبلاد في خطابه عن عزمه على إعادة «الفخر التاريخي والقومي» للصين، توقع مراقبون أن تظل الصين قوة موازية للولايات المتحدة وأن تواصل ضغوطها على الاتحاد الأوروبي الذي يعد السوق الأولى لصادراتها للخروج من أزمة الديون. وبرأي هؤلاء، سيتعين على تشي أن يعيد ابتكار النموذج الصيني، لأن المؤتمر الشيوعي قرر أن الصين المستقبلية تريد أن تنافس أكثر الاقتصادات الغربية تطورا. إلا أن تشي الذي يراقبه قرابة نصف مليار مستخدم للإنترنت، يواجه ترقب الطبقة المتوسطة التي تشكل 700 مليون مستهلك، غالبيتهم بعيدون عن المثال الشيوعي وفي بلد يتصاعد فيه الاستنكار إزاء الثراء الفاحش أحيانا للطبقة الحاكمة الجديدة. وتزيد كل هذه الهوامش الضيقة المتاحة أمام تشي للمناورة من صعوبة إجراء تطوير سياسي جريء.

وفي أول رد فعل على تولي القيادة الجديدة في الصين، أعربت وزارة الخارجية اليابانية عن «أملها» في إقامة علاقات «مفيدة للجانبين». كما وجه الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون «تهنئته الحارة» إلى تشي، وأضاف أن كوريا الشمالية والصين «تربط بينهما الجبال والأنهار نفسها». وبدورها، قالت موسكو إن اختيار قيادة جديدة في الصين سيؤدي إلى تعزيز العلاقات بين البلدين.

وفي ظل التغيير الجديد، سيتولى لي كيبيانغ منصب رئاسة الحكومة محل وين جياباو في مارس (آذار) المقبل. ويفترض أن ينتقل جينتاو الذي سيظل رئيسا للبلاد حتى مارس، إلى كواليس السلطة على غرار الرئيس الأسبق جيانغ زيمين (1993 - 2003)، وذلك بعد أن تنحى أمس عن رئاسة اللجنة العسكرية المركزية التي تسيطر على الجيش أمام تشي.