«الأمير الأحمر» الغامض يتولى قيادة الصين

تشي جينبينغ
TT

يعد الزعيم الجديد للصين، تشي جينبينغ، شخصية غامضة ترتبط إلى حد كبير بمسيرة رجل دولة عرف كيف يرتقي بمهارة وحذر عبر كل درجات هرم النظام الشيوعي. وهو أول قيادي يولد بعدما أسس ماو تسي تونغ النظام في 1949، وهو ابن أحد أبطال الثورة الذين يطلق عليهم اسم «الأمراء الحمر» الذين يشكلون القيادة الجديدة لثاني قوة عالمية.

وخلافا للهيئة الصارمة لسلفه هو جينتاو، يعتبر تشي (59 عاما) أكثر بشاشة وطبيعية. وأثبت ذلك أمس عندما بدا مرتاحا في أول ظهور في ثوب القائد الأعلى وقد علت ملامحه ابتسامة عندما ألقى كلمة خلت من اللغة اللينينية المعهودة في أعلى أوساط الحزب.

لكن وراء المظاهر يظل الرجل لغزا في الأساس، حتى إن زوجته بينغ ليونان المغنية في جيش التحرير الشعبي أكثر منه شهرة في الصين. وقد رزق الزوجان ببنت تدعى تشي مينزي تدرس في هارفارد بالولايات المتحدة تحت اسم مستعار. وقد تصدع اللغز الذي يحيط بتشي في يونيو (حزيران) الماضي عندما كشفت وكالة «بلومبيرغ» ثروة أقاربه الطائلة (376 مليون دولار)، لكن سرعان ما سقط التحقيق تحت الرقابة في الصين.

وزاد تشي شخصيا في اللغز مطلع سبتمبر (أيلول) عندما اختفى من دون أي تفسير نحو 12 يوما مثيرا عدة تكهنات حول حالته الصحية.

فاجأ تشي الجميع في 2009 عندما هاجم خلال زيارة إلى المكسيك بلهجة حادة «الأجانب، أصحاب البطون المليئة، الذين ليس لهم ما يفعلون سوى التهجم» على الصين. وأفادت برقية كشفها موقع «ويكيليكس» بأن تشي تحدث مع دبلوماسيين أميركيين عن شغفه بأفلام الحرب الهوليودية، ويبدو أنه يفضل فيلم «يجب إنقاذ الجندي رايان» للمخرج سبيلبرغ. وللإلمام بلغز تشي يجب العودة إلى سنوات شبابه الغامضة. فقد كان أبوه تشي جونغشون أحد مؤسسي الحركة المسلحة الشيوعية في الشمال، لكنه سجن في عهد ماو قبل أن يرد له الاعتبار مع عودة دينغ سياوبينغ إلى السلطة. وعانت بقية العائلة من الثورة الثقافية (1966 - 1976) عندما أرسلت أمه تشي إلى معسكر أشغال شاقة وقتلت أخته غير الشقيقة. وتفيد النبذة الرسمية بأن تشي اغتنم في شبابه المكتبات المهجورة ليتثقف، فعكف على قراءة كل ما عثر عليه من كتب، وأرسلوه إلى الريف عندما كان مراهقا إلى قرية شانشي (شمال) التي تتميز منازلها بأنها كهوف «لإعادة تربيته» بين الفلاحين على غرار ملايين طلاب الثانويات والجامعات. واستاء من الظروف الصعبة وريبة القرويين ففر بعد بضعة أشهر، لكن قبض عليه وأودع في معسكر أشغال شاقة قبل عودته إلى أشغال الريف في شانشي، وانضمامه إلى الحزب في 1974. والتحق سنة 1975 بجامعة تسينغوا الشهيرة في بكين (بتوصية من الحزب الشيوعي) وتخرج بشهادة مهندس في الكيمياء وهي مهنة لم يمارسها أبدا.

تولى أول مناصبه بفضل علاقات والده، ثم تحول بنجاح إلى أحد الكوادر الشيوعيين متمسكا بالتكتم ومتفاديا العقبات. وعاد تشي إلى البيئة المفضلة في طفولته، ثم تزوج من ابنة سفير الصين في بريطانيا قبل أن يطلقها بعد ثلاث سنوات. وفي 1985 انتقل إلى أيوا في أميركا العميقة لدراسة الزراعة الأميركية.

ثم تابع صعوده، فعين حاكما لإقليم فيجيان سنة 2000، ثم في 2002 زعيم الحزب في جيجيانغ، وهما الولايتان اللتان تعتبران واجهة الإصلاحات في الصين. ودعاه هو جينتاو في 2007 لتنظيف شنغهاي حيث أطاحت فضيحة فساد بزعيم الحزب فحل محله. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2007، انضم تشي إلى اللجنة الدائمة للمكتب السياسي الذي يعد نواة الحكم في الصين. وبعد أن كان الرجل رقم ستة من بين تسعة، واصل صعوده حتى أصبح في مارس (آذار) 2008 نائب الرئيس، ثم نائب رئيس اللجنة العسكرية الكبيرة النفوذ في أكتوبر 2010، وتحول إلى مساعد هو جينتاو.