أحمد معاذ الخطيب في الإليزيه اليوم والمباحثات تشمل تشكيل الحكومة الانتقالية

باريس تسعى لإقناع الأوروبيين في موضوعي الاعتراف بالائتلاف السوري وتسليح المعارضة

TT

تعول باريس على اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين يوم الاثنين المقبل في بروكسيل من أجل السعي لإحداث تغييرات في مواقف الدول الأوروبية ومحاولة استقطابها نحو المواقف الفرنسية إزاء نقطتين أساسيتين تخصان المعارضة السورية، وهما الاعتراف بها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب السوري، ورفع الحظر الأوروبي لتصدير الأسلحة، أقله جزئيا، إليها بشكل يمكن دول أوروبا أو الدول الراغبة من بينها من تقديم الأسلحة الدفاعية التي تحتاجها المعارضة المسلحة.

وقللت مصادر فرنسية واسعة الاطلاع من شأن «التمايز» بين المواقف الفرنسية «المتقدمة» أو «الرائدة» من جهة ومواقف الشركاء الأوروبيين والولايات المتحدة من جهة أخرى. وأفادت هذه المصادر بأن ثمة اتفاقا واسعا على أن تشكيل «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية» يعد خطوة مهمة ويستجيب لما تطلبه الأسرة الدولية من المعارضة منذ أشهر ويدحض الحجة التي كان الغرب يتلطى بها من أجل عدم التحرك.

وترى المصادر الرسمية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن عددا من البلدان بحاجة إلى بعض الوقت من أجل «هضم» المعطى الجديد المتمثل في توحيد المعارضة، وأن مواقفها «ليست بعيدة كثيرا» عن المواقف الفرنسية، وربما تكون بحاجة إلى بعض «الضمانات» من كيان المعارضة السوري الجديد، الأمر الذي تطلبه واشنطن ولندن وبرلين لترى فيه «بديلا ذا مصداقية» عن نظام الرئيس بشار الأسد. وتتمحور هذه المطالب حول ثلاث نقاط لخصها وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي في باريس يوم الخميس كالتالي «التزام واضح باحترام اللعبة الديمقراطية، وتبني السعي لدولة القانون، وأخيرا التزام بالمحافظة على التعددية الدينية والإثنية لسوريا». ووضعت الدبلوماسية الفرنسية ما يشبه «خريطة طريق» للتحرك على المستويات العربية والإقليمية والدولية «للترويج» للائتلاف الجديد الذي ترى في ولادته «فرصة يتعين مواكبتها وعدم إضاعتها لأنها قد لا تتكرر في المدى المنظور». وتقوم الخطة على العمل لدى دول الجامعة العربية لتتبنى موقفا واضحا وإيجابيا من الائتلاف على غرار موقف بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ثم لدى الاتحاد الأوروبي، ولدى مجموعة «أصدقاء الشعب السوري»، ليتم التوجه بعدها إلى الأمم المتحدة من أجل «تثبيت» شرعيته بشكل نهائي. وإذا ما تم للائتلاف ذلك، فإن كل الأمور العالقة تصبح عنده، خصوصا توافر القاعدة القانونية المفقودة اليوم لطلب المساعدة العسكرية الثنائية والمتعددة أو من الأمم المتحدة. فضلا عن ذلك، فإن توافر الشرعية الدولية ستكون له تبعات قانونية، مثل احتلال مقعد سوريا في المحافل الإقليمية والدولية وتسلم السفارات والتصرف بالأموال السورية المجمدة وخلافها. غير أن تحقيق هذه الأهداف المهمة يفترض قيام حكومة انتقالية سيكون البحث فيها أحد أهم المواضيع التي سيتناولها الرئيس هولاند صباح اليوم مع أحمد معاذ الخطيب الذي يستقبله في قصر الإليزيه. وهولاند هو أول رئيس دولة غربي يستقبل الخطيب بصفته الجديدة. وأصدرت الرئاسة بيانا جاء فيه أن الرئيس هولاند ورئيس الائتلاف السوري «سيتناولان سبل ووسائل حماية المناطق المحررة وتقديم المساعدة الإنسانية للاجئين وتشكيل حكومة مؤقتة».

أما موضوع توفير المساعدات العسكرية أو الأسلحة الدفاعية وفق كلام الوزير فابيوس، فالأمر يبدو أكثر تعقيدا باعتراف الوزير نفسه نظرا للعقبات القانونية والسياسية على السواء. فمن الناحية القانونية، يتعين أن يوافق أعضاء الاتحاد الأوروبي، الذي فرض حظرا على تصدير السلاح إلى سوريا في ربيع العام 2011، بالإجماع على رفع الحظر إن كان بشكل جزئي أو بشكل كامل. وهذا يعني، من الناحية العملية، أن للأعضاء الـ27 جميعا حق النقض. ولذا يتعين القيام بعمل جاد وشاق لتحقيق غرض كهذا خصوصا أن هناك «تحفظات» غربية بشأن الجهة التي ستتسلم السلاح ومخاطر وقوعه في أيد جهادية معادية للغرب ومصالحه. ولا شك أن ما حصل في ليبيا وتحديدا مهاجمة القنصلية الأميركية ومقتل السفير الأميركي يدفع العديد من الغربيين لمضاعفة الحذر. وتقول المصادر الفرنسية إنها «تعي» قلق بعض الدول لجهة مصير السلاح الذي سيعطى للمعارضة، وتعتبر أن رفع الحظر جزئيا سيطلب كثيرا من الوقت. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية فيليب لاليو أمس إن بلاده «لا تتوقع» قرارا بشأن السلاح في اجتماع بروكسل يوم الاثنين المقبل أو الأيام اللاحقة، علما بأن جهات أوروبية أخرى على رأسها بريطانيا تطرح موضوع التسليح مباشرة ومن غير مواربة. بيد أن فرنسا جهزت الرد على هذه المخاوف والتساؤلات بقولها إن «دعم الائتلاف الجديد هو أحد السبل الأنجع لمناهضة نفوذ التيارات الجهادية بدل ترك الساحة مفتوحة لها من غير منازع». كما أن باريس ترى ضرورة تشكيل قيادة عسكرية موحدة ليست مفروضة من فوق (الأمر الذي ثبت فشله مع قيادات موجودة في الخارج)، وإنما نابعة من القوى الموجودة على الساحة في المدن ثم في المناطق، وهو ما من شأنه تقوية مواقع القوى الثورية على حساب الجماعات الإسلامية التي يتخوف منها الغرب ومن ذهاب السلاح إليها.

ووفق تقديرات المصادر الفرنسية فإن ثلاثة أرباع المقاتلين ليسوا من الجهاديين، وبالتالي فمن الممكن مد يد المساعدة إليهم لتمكينهم من السيطرة الميدانية. غير أنهم يعترفون بأن «الخطر موجود» لكن يتعين ركوبه إذا كانت هناك رغبة في الانتهاء من نظام الأسد.