في جمعة «دعم الائتلاف الوطني».. اشتباكات عنيفة في ريف دمشق.. والنظام يواصل القصف

إصابة صحافيين عرب وأجانب بسقوط قذيفة على مظاهرة في حلب * لواء سوري و12 ضابطا انشقوا وفروا مع أسرهم إلى تركيا

سوري يقف على أطلال مبان دمرت على أثر قصف القوات النظامية السورية مدينة راس العين بالقرب من الحدود التركية أمس (أ.ف.ب)
TT

خرجت مظاهرات كثيرة في مناطق مختلفة من البلاد في جمعة دعا الناشطون لتكون لـ«دعم الائتلاف الوطني» المعارض الذي أعلن تشكيله الأسبوع الماضي، ونصرة غزة التي تتعرض لقصف من قبل القوات الإسرائيلية.

واستهدفت قوات النظام السوري مظاهرة خرجت في منطقة بستان القصر في حلب، وفي حصيلة أولية لسقوط قذيفة وسط تجمع للناشطين وإعلاميين عرب وأجانب قتل ستة أشخاص وأصيب نحو 25 آخرين، بينما بث ناشطون في ريف دمشق فيديو يظهر سقوط طائرة عمودية وتحطمها واحتراقها، وقال الناشطون إن لواء أمهات المؤمنين تمكن من إسقاط مروحية تابعة لقوات النظام في الغوطة الشرقية، كما تم إسقاط طائرة مروحية أخرى في بلدة حمورية، وأظهر فيديو بثه ناشطون من القرى التابعة للجيش الحر لواء الحبيب المصطفى هجوم كتيبة على إدارة المركبات في بلدة عربية في الغوطة.

في غضون ذلك ذلك قالت وكالة أنباء تركية حكومية إن لواء سوريا و12 ضابطا آخرين انشقوا وفروا مع أسرهم إلى تركيا بعد قتال عنيف على الحدود الجنوبية الشرقية لتركيا مع سوريا. وقالت وكالة الأناضول للأنباء إن 53 شخصا عبروا الحدود، بينهم لواء و12 ضابطا آخرين، وعدد غير محدد من الجنود وعائلاتهم.

وقالت أنقرة أمس إنها «كثفت» محادثاتها مع حلفائها في حلف شمال الأطلسي بشأن خطوات لتعزيز الأمن على الحدود بينها وبين سوريا التي تمتد بطول 900 كيلومتر، مع وصول الحرب الأهلية في سوريا المستمرة منذ 20 شهرا إلى حالة من الجمود.

ومن جهته قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أمس إن أنقرة زادت من مشاوراتها مع حلف شمال الأطلسي. وقال داود أوغلو لـ«رويترز» في أديس أبابا: «هذا الأسبوع تحديدا كثفنا مشاوراتنا فيما يتعلق بالمخاطر الأمنية على حدودنا».

في موازاة ذلك، أعلن ناشطون عن انسحاب القوات السورية بالكامل من بلدة رأس العين الحدودية، فيما أفادت لجان التنسيق المحلية في سوريا عن انسحاب القوات الحكومية من حاجز العالية لتصبح بلدة رأس العين الحدودية مع تركيا «محررة بالكامل» على حد قولها. وكانت اشتباكات عنيفة وقعت خلال الأيام الماضية للسيطرة على رأس العين، أطلقت خلالها المروحيات السورية صواريخ على البلدة بعد أيام من سيطرة مقاتلي «الجيش الحر» عليها.

وفي سياق متصل، قال العقيد السوري المنشق فايز عمرو لـ«الشرق الأوسط» إن «الفرقة 17 تتمركز في هذه المنطقة من شرق حلب وصولا إلى الحسكة، وهي تعرف باسم فرقة الرشى، ولا وزن عسكري لها على الأرض، فيما تتولى مفارز الأمن العسكرية السلطة الفعلية ميدانيا». وأشار إلى أن عناصر من «الجيش الحر» باتوا يسيطرون بالكامل على البلدة، لكن النظام يسيطر عليها جويا حيث لا ينفك عن قصفها بطائرات الميغ، من دون أن «يستبعد أن يكون الهدف من ذلك استفزاز تركيا، نظرا لكون المنطقة حدودية».

وفيما توقع عمرو أن يكون «لتوحيد المجالس العسكرية للجيش الحر نتائج إيجابية ميدانيا تنسحب على تحرير مناطق بأكملها من قبضة النظام، شدد على أهمية إنجاز ذلك بسرعة». وقال إن «المطلوب تشكيل قيادة عسكرية موحدة يأخذ فيها جميع الضباط المنشقين أدوارهم وكذلك من يحملون رتبة لواء وعددهم خمسة»، معربا عن اعتقاده بأن «الخلافات القائمة سابقا بين المجالس العسكرية حدت من وتيرة الانشقاقات».

وكانت مظاهرات خرجت في محافظات الحسكة في كل من عمودا والقامشلي وديريك والدرباسية ومناطق أخرى متفرقة، نادت بإسقاط النظام السوري في جمعة سماها الكرد «جمعة لا للجماعات المسلحة الغريبة في مناطقنا».

وقامت قوات النظام باستهداف مظاهرة حاشدة خرجت في بستان القصر في حلب الواقعة تحت سيطرة الجيش الحر، حيث سقطت قذيفة على تجمع لناشطين وصحافيين عرب وأجانب وقال الصحافي غسان ياسين، الذي كان مشاركا في المظاهرة عبر صفحته في موقع «فيس بوك»: «لا أدري ما أقوله لكم.. بالكاد أستطيع كتابة هذه الأحرف.. بعد أن انتهينا من المظاهرة وبينما كنا مجتمعين سقطت قذيفة بيننا وتطايرت الدماء وأشلاء الجثث في الهواء.. حين نهضت من مكاني كان قميصي مليئا بقطع لحم من شخص كان واقفا بجانبي طار نصف رأسه.. صديقي م أصيب بصدره وصديقي م أ أصيب بيده.. بدأت أتلمس رأسي..آه إنه في مكانه.. لم أصدق أنني لم أصب وأنني لازلت على قيد الحياة.. أكثر من جثث حولي وعشرات الجرحى الصحافي البطل أخي محمد دغمش بخير وهو بصحة جيدة».

إلا أن ناشطين قالوا إن «محمد غمش أصيب في ظهره، وصحافية هولندية أصيبت في ساقها نتيجة قصف هاون استهدف مظاهرة بستان القصر».

وفي رسالة للصحافيين قال الصحافي والناشط الكردي كمال شيخو إن «الإعلاميين عبد الله حكواتي ومحمد دغمش أصيبوا بجروح طفيفة وفادي زيدان بألف ألف خير. اتصلت مع أحد الأصدقاء برفقتهم وطمأنني على الجميع. «وأظهر مقطع فيديو لمظاهرة بستان القصر هتاف المشاركين (يا إيران جني جني بدنا يحكمنا سني) و«يلعن روحك يا حافظ ويلعن بشار وماهر» كما حملوا لافتة كتب عليها «بستان القصر تنتظر رحيلك».

وقالت الهيئة العامة للثورة السورية إن أكثر من ثمانين شخصا قتلوا أمس (الجمعة) معظمهم في ريف دمشق وحلب جراء القصف العشوائي من قبل آليات جيش النظام، حيث تم استهداف مظاهرة في حي بستان القصر في حلب راح ضحيتها 6 شهداء على الأقل وبينهم 3 أطفال وسيدتان وناشط ميداني.

ورفع المتظاهرون في مختلف أنحاء البلاد شعارات تطالب بدعم الائتلاف الوطني وتطالب بتسليح الجيش الحر، وبحسب لافتة رفعها متظاهرون في بلدة اليادودة بريف درعا «إلى الائتلاف الوطني، درهم لتسليح الجيش الحر خير من قنطار كلام». وفي خربة غزالة بدرعا، هتف المتظاهرون «يا أوباما.. لا تخاف.. الشعب السوري مع الائتلاف».

وفي حي مساكن هنانو في مدينة حلب (شمال) التي تشهد معارك يومية منذ نحو أربعة أشهر، سار العشرات في مظاهرات وهم يهتفون «فلسطين نحن معاكي (معك) للموت» وخرجت مظاهرات حاشدة في حي الوعر في حمص لدعم الائتلاف رغم القصف العنيف والاشتباكات التي كانت تدور هناك، وهتف المتظاهرون «يا حمص لا تهتمي بفديك بروحي ودمي بكرة بيسقط النظام والظلم كله بيولي» وقال ناشطون في حمص إن قوات النظام قامت صباح أمس (الجمعة) بسحب ما تبقى من مدافع فوزديكا وخيم وغرف مسبقة الصنع من غابة الوعر ونقلها إلى داخل الكلية الحربية، وكانت قوات النظام قد سحبت قسم من تلك الآليات والمدافع في وقت سابق، وخرجت كثير من المظاهرات في حمص لدعم الائتلاف الوطني، رغم منع المصلين من دخول المساجد وتجدد إطلاق النار على منازل المدنيين المشفى العسكري والكلية الحربية ليل الخميس الجمعة بحسب ما أفاد الناشطون في حمص.

وفي غالبية المظاهرات التي خرجت يوم أمس لدعم الائتلاف رفعت شعارات لنصرة غزة، وتلازم اسم الجمعة مع شعار «قسما برب العزة بعد سوريا إلى غزة» وفي خربة غزالة في درعا رفع فتيان لافتة ساخرة تضمن خطابا مفترضا موجها من بشار الأسد إلى نتنياهو «انتقم لي من حماس لأنني مشغول في ذبح الناس». وفي داعل في المحافظة نفسها، رفعت لافتة كتب عليها «الدم السوري والفلسطيني واحد»، وأخرى «الأسد يستعين بصديق، إسرائيل، لمواجهة الجيش الحر في القنيطرة».

وفي دمشق خرجت مظاهرة حاشدة في حي القابون في شمال شرقي العاصمة دمشق، شارك العشرات في تجمع رفعت فيه لافتة كتب فيها «قسما برب العزة، بعد سوريا على غزة» في وقت توجهت فيه دبابات النظام إلى حي كفرسوسة - شمال غربي - بعد قصف عنيف براجمات الصواريخ على كفرسوسة والأحياء الجنوبية والغوطة الشرقية، كما قال ناشطون إن قذيفة هاون سقطت على سوق الهال في حي الزبلطاني أوقعت كثيرا من القتلى والجرحى، وفي حي التضامن حيث تدور اشتباكات عنيفة، أعلن الجيش الحر عن تدمير دبابة في ساحة العاتقي وقتل طاقمها والمستترون خلفها من الشبيحة أثناء محاولتهم الدخول لساحة حي التضامن، بعدها اشتد القصف على الحي وأرسلت تعزيزات عسكرية بعد ظهر أمس، وفي مخيم اليرموك الذي يتعرض للقصف وعمليات عسكرية موسعة لقوات النظام منذ عدة أسابيع، مظاهرة حاشدة لأبناء مخيم اليرموك من جامع الوسيم ردا على القصف المستمر على مخيم اليرموك.

بعد صلاة الجمعة هتفت للمدن السورية المنكوبة ولغزة ونددت بوحشية نظام الأسد وعميله «أحمد جبريل» والاحتلال الإسرائيلي، وبعد المظاهرة تجدد القصف المدفعي على مخيم اليرموك. كما تواصل القصف على بلدة ببيلا جنوب دمشق بقذائف الهاون والمدفعية لليوم الحادي عشر على التوالي، مما أدى إلى حركة نزوح كبيرة، في ظل وضع إنساني كارثي حيث لا ماء ولا كهرباء ولا اتصالات مع نقص حاد في المواد الطبية والغذائية.