تزايد المخاوف من معسكرات التدريب لحزب الله بالقرب من مستودعات الأسلحة الكيماوية

تقديرات الجيش الأميركي تشير إلى أن مواقع الأسلحة الكيماوية في سوريا تزيد على الـ40

TT

أبلغ البنتاغون إدارة أوباما بأن أي جهد عسكري يهدف للسيطرة على مخزونات الأسلحة الكيماوية في سوريا ربما يتطلب قرابة 75 ألفا من القوات العسكرية، وسط مخاوف متزايدة من أن يكون حزب الله قد أقام معسكرات تدريب صغيرة بالقرب من بعض مستودعات الأسلحة الكيماوية، بحسب مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى.

وقد أثار الحجم المقدر للجهد المحتمل، المقدم للبيت الأبيض من قبل القيادة المركزية للجيش وهيئة الأركان المشتركة، تساؤلات حول ما إذا كانت ستتوافر للولايات المتحدة الموارد المطلوبة لاتخاذ إجراء سريع في حالة ما إذا تمكنت من الوقوف على حركة الأسلحة الكيماوية وأجبرت الرئيس أوباما، مثلما ذكر في أغسطس (آب)، على «تغيير حساباته» بشأن إرسال قوات أميركية إلى سوريا. ومن جانبه، رفض البيت الأبيض يوم الخميس التعليق على تقييم وزارة الدفاع.

ولم يتم بعد توجيه البنتاغون لوضع خطط مفصلة بشأن كيفية تنفيذ مثل تلك المهمة، بحسب مسؤولين عسكريين. كما أن هناك أيضا خطط طوارئ، على حد قول مسؤولين، لتأمين عدد أكثر محدودية من مستودعات الأسلحة الكيماوية السورية، مما يتطلب عددا أقل من القوات.

وعلى الرغم من ذلك فإن اكتشاف أن حزب الله قد أقام معسكرات على مقربة من بعض المستودعات أثار مخاوف مفادها أنه مع تعمق حالة الفوضى في سوريا، ربما تقع مستودعات الأسلحة الكيماوية الضخمة في الأيدي الخاطئة. لقد أخذ مقاتلو حزب الله يتدربون في «عدد محدود من هذه المواقع»، حسبما أفاد مسؤول أميركي رفيع المستوى تم إطلاعه على تقارير استخباراتية.

وحتى الآن، ليس ثمة دليل على أن حزب الله، الذي أصبح نشطا بشكل متزايد في تأمين نظام الرئيس بشار الأسد، يبذل أي جهد من أجل الاستحواذ على الأسلحة الكيماوية. وقد يكون قراره بتدريب المقاتلين الموجودين على مقربة من مواقع الأسلحة الكيماوية الرئيسية، حسبما يتكهن بعض المسؤولين، متأصلا في صميم مراهنة على أن معسكراته لن يتم تفجيرها إذا ما أيقن الغرب أن قصف مستودعات الأسلحة ينطوي على مخاطرة.

وقد هدد الأسد بشكل معلن بشن هجوم مضاد خارج حدود بلاده إذا ما حاولت قوات خارجية التدخل في الموقف المتأزم الحالي من أجل خلعه، وتجددت المخاوف بشأن ما إذا كان هو أو أعوانه ربما يلجأون إلى استخدام الأسلحة الكيماوية كملاذ أخير. ويقول مسؤولون إن الهجمات على طول الحدود مع تركيا وإسرائيل قد أجبرت الإدارة على النظر في مخاطر اتساع نطاق مشكلات سوريا لتؤثر المنطقة بأسرها.

وقد كان أوباما واضحا على مدى أكثر من عام في تأكيده بشكل قاطع أنه سيرفض أي تدخل أميركي مباشر، لكنه في أغسطس (آب) ذكر أن أحد الظروف ربما تؤدي به إلى إعادة النظر في ذلك الموقف. «يتمثل خط أحمر بالنسبة لنا في أننا بدأنا نرى مجموعة كاملة من الأسلحة الكيماوية يتم تحريكها أو استغلالها»، هكذا تحدث في مؤتمر صحافي. وأضاف «من شأن هذا أن يغير حساباتي».

وأثار أوباما تلك المخاوف مجددا في مؤتمر صحافي عقده يوم الأربعاء الماضي، قال فيه إن الولايات المتحدة كانت على اتصال مباشر بتركيا والأردن «وأيضا بالطبع إسرائيل، التي لديها بالأساس مخاوف شديدة مثلنا، بشأن احتمال تحريك أسلحة كيماوية، الأمر الذي ربما يسفر عن مناخ مضطرب، وقد يكون له تأثير هائل ليس فقط داخل سوريا، ولكن على المنطقة بأسرها».

لقد زادت من حدة المخاوف الأميركية إشارة أخرى دالة على أن الأسد ربما يسلح نفسه من أجل شن هجوم: واردات سوريا المستمرة من تكنولوجيا الصواريخ، حتى في وقت يرزح فيه نظام الأسد تحت وطأة عقوبات.

إن سوريا لديها بالفعل ترسانة ضخمة من القذائف الصاروخية القادرة على الوصول إلى تركيا أو مهاجمة إسرائيل، وفي الماضي، زودت حزب الله بقذائف صاروخية. غير أن مسؤولين أميركيين يعبرون عن مخاوف بشأن التطويرات المتواضعة في مستودعات القذائف الصاروخية في سوريا.

وقال مسؤولون استخباراتيون وأمنيون أميركيون، في مقابلات أجريت معهم خلال الأيام الماضية، إن الولايات المتحدة قد جمعت أدلة مفادها أن كوريا الشمالية قد استأنفت تزويد سوريا ببعض تقنيات الصواريخ، بما في ذلك صواريخ «سكود».

لقد عثر على شحنة من أسطوانات الغرافيت التي يمكن استخدامها في تصنيع قذائف صاروخية يشتبه أنها أتت من كوريا الشمالية في مايو (أيار) على متن سفينة صينية في طريقها إلى سوريا، حسبما ذكرت وكالة أنباء «رويترز» يوم الأربعاء الماضي. لقد كثف فنيون ومهندسون من كوريا الشمالية موجودون في سوريا مؤخرا جهودهم في إطار برنامج مشترك للارتقاء بمستوى دقة صاروخ «سكود – دي» وقدرة القذائف على إلحاق الهزيمة بالطائرات التي تخترق المجال الجوي، حسبما ذكرت مجلة «آي إتش إس جين إنترناشيونال ديفنس ريفيو» في يونيو (حزيران).

بالنظر إلى حالة الفوضى في سوريا، وسعي الأسد اليومي الحثيث من أجل البقاء، ليس من الواضح وضع برنامج الصواريخ السوري. لقد عبر الجيش التركي عن مخاوفه من القذائف بعيدة المدى في سوريا ومستودعات الأسلحة الكيماوية خاصتها. وبدافع من مخاوفها من هذا التهديد المحتمل، عكفت تركيا ودول حلف شمال الأطلسي بشكل غير رسمي على مناقشة احتمالية إرسال جانب من نظام «باتريوت» المضاد للصواريخ إلى تركيا، التي لا تملك بطاريات صواريخ «باتريوت» خاصة بها.

وأعرب محللون مستقلون عن مخاوفهم من أنه في حالة إجبار الأسد على التنحي ربما يستخدم أو يهدد باستخدام قذائف جنبا إلى جنب مع أسلحة كيماوية ضد الثوار، على الرغم من التهديد بالتدخل الغربي في حالة قيامه بذلك.

وقالت إيميلي هوكايم، محللة شؤون الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية «هناك معلومات مؤكدة تفيد بأن نظام الأسد يعكف على تحديث وتوسيع نطاق ترسانة أسلحته الكيماوية، التي يحتاجها من أجل بقائه». وأضافت «هناك حاجة أيضا إلى قدرة توصيل معقولة، ومن ثم إلى كوريا الشمالية».

جاءت التقديرات التي تشير إلى أنه ستكون هناك حاجة إلى 75 ألفا من القوات لإبطال تأثير الأسلحة الكيماوية من أن أوباما، في مؤتمره الصحافي الذي عقده في أغسطس، أشار إلى خطط طوارئ مكثفة تتعلق بكيفية استجابة الولايات المتحدة في حالة تحريك الأسلحة الكيماوية أو ظهورها في موضع تهديد.

«المشكلة هي أنه لا يمكنك الاكتفاء بالتقاط هذه الأسلحة وشحنها خارج البلاد»، هكذا تحدث مسؤول عسكري رفيع المستوى عكف على دراسة المشكلة. كانت احتمالات حدوث تلوث بالمدن السورية القريبة، وشن هجمات تستهدف الجهود الرامية لتحريك الأسلحة، كبيرة جدا. ونظرا لأن عددا كبيرا من الحاويات التي تحمل المادة عتيقة، أو غير موثوق في درجة متانتها، فقد يكون خطر حدوث تسرب كبيرا.

نتيجة لذلك، بحسب المسؤول، فإن معظم مخزون الأسلحة الكيماوية ربما يجب تدميره في مكانه. يعتبر هذا عملا مطولا وخطيرا، وقد يتطلب تأمينا ضخما حول المواقع. حينما قامت الولايات المتحدة بجهود مماثلة من أجل تدمير مخزونها من الأسلحة، في ظل قوانين بيئية صارمة قد لا يمكن تطبيقها في سوريا، استغرقت العملية عدة سنوات.

وقد شكك مصدر رسمي ثان مطلع على الخطط في فكرة أن مخزون الأسلحة بأكمله يجب تدميره. وأشار إلى أنه يمكن نقل جزء منه جوا لتدميره في أي منطقة أخرى أو دفنه في أعماق البحار. وقال «هناك عدة خيارات، لكنها كلها تحمل درجات متباينة من المخاطر». وقال ذلك المسؤول إن مجموعات الثوار التي تتلقى مساعدات لا تتضمن أسلحة من الولايات المتحدة طلب منها تحديد وتأمين أي مواقع أسلحة كيميائية تمر بها.

لدى الولايات المتحدة تقديرات متباينة بشأن عدد المواقع الموجودة، حيث تشير تقديرات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إلى وجود نحو ستة وثلاثين موقعا، فيما تشير تقديرات الجيش الأميركي إلى أنها تزيد على 40 موقعا.

وقال المسؤولون إن الجيش الأميركي قد أرسل في هدوء فرقة عمل مكونة من أكثر 150 مخططا ومتخصصا آخر إلى الأردن لدعم القوات المسلحة هناك، من أجل الاستعداد لاحتمالية فقدان سوريا السيطرة على أسلحتها الكيماوية، باعتبارها واحدا من الاحتمالات الخطيرة القائمة.

* أسهمت إليزابيث بوميلر ومايكل غوردون في كتابة التقرير

* خدمة «نيويورك تايمز»