اشتباكات مسلحة بين البيشمركة وقوات الأمن الاتحادية تؤدي إلى سقوط ضحايا

توتر بين بغداد وأربيل بعد تشكيل حكومة المالكي قيادة عسكرية تشمل مناطق متنازعا عليها

جزء من مدينة كركوك المتنازع عليها بين أربيل وبغداد (تصوير: كاميران نجم)
TT

أدى تشكيل الحكومة المركزية في العراق قيادة عسكرية تتولى مسؤوليات أمنية في محافظات تضم مناطق متنازعا عليها في الشمال إلى تصاعد في التوتر بين بغداد وإقليم كردستان، الذي رأى في هذه الخطوة «نوايا وأهدافا» ضد الأكراد.

وتطور هذا التوتر أمس إلى اشتباك في مسلح بلدة طوز خورماتو التابعة لمحافظة صلاح الدين (تكريت)، 170 كيلومترا شمال بغداد، التي تضم أكرادا وعربا وتركمانا، بين قوات أمن تابعة للحكومة التي يترأسها نوري المالكي وقوات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان الذي يترأسه مسعود بارزاني، أدى إلى مقتل شخص وإصابة 8 آخرين.

وروى المتحدث الرسمي باسم قيادة قوات البيشمركة الفريق جبار ياور لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل الحادث الذي حاول التقليل من شأنه، قائلا: «كان أحد مقاتلي البيشمركة التابعين للواء 16 قاطع السليمانية يريد الحصول على مادة البنزين بإحدى محطات تعبئة الوقود، فتلاسن مع أفراد من الشرطة العراقية كانوا هناك، وتطورت الأمور إلى حالة إطلاق نار. وبعد أن عاد ذلك العنصر من البيشمركة إلى منزله، هاجمت قوة كبيرة من الشرطة منزله فتدخلت قوات أخرى من البيشمركة، وحدث إطلاق نار كثيف هناك، وفي هذه الأثناء حاولت قوة تابعة لمغاوير الفرقة الرابعة التدخل لتهدئة الوضع والسيطرة على الأمور، ولكنها وقعت وسط تبادل إطلاق نار الطرفين، وأسفرت المواجهات عن وقوع شخص مدني، تركماني، قتيلا برصاصة طائشة، فيما أصيب 8 من أفراد الجيش والشرطة بجروح بينهم 6 من الجنود الأكراد التابعين لقوة المغاوير التي جاءت لتهدئة الوضع».

وأشار ياور إلى أنه بذل «جهودا سريعة لتطويق الحادث واتصلنا بالمسؤولين العراقيين في البلدة المذكورة، وفي بغداد لتهدئة الموقف والحيلولة دون اتساع نطاق المواجهات». وقال: «اتصلت على الفور بآمر فوج المغاوير الذي تدخل كوسيط، وكذلك بقائد اللواء 16 التابع للبيشمركة وطلبت منهم التهدئة وعدم الانجرار إلى توسيع المواجهات، وجرى اتصال أيضا بيني وبين وكيل وزارة الداخلية الاتحادية، المقرب من المالكي، عدنان الأسدي ببغداد واتفقنا على أن نبذل جهودا مشتركة لتطويق الحادث، وقد نجحنا إلى حد ما في التهدئة».

وكانت الحكومة المركزية قد شكلت في الأول من سبتمبر (أيلول) الماضي «قيادة قوات دجلة» التي اتخذت من كركوك (شمال بغداد) مقرا لها، لتتولى مسؤولية الأمن في صلاح الدين وديالى.

وذكرت مصادر حكومية أن القيادة الجديدة تهدف إلى توحيد المعلومات الاستخباراتية بين وكالات الأمن المختلفة في محافظات كركوك وصلاح الدين وديالى المتجاورة. إلا أن هذه الخطوة أثارت غضب القادة الأكراد الذين يعارضون السيطرة على مناطق متنازع عليها تقع في المحافظتين المتجاورتين. فقد اعتبر بارزاني رئيس إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي أن «تشكيل ما يسمى بقيادة عمليات دجلة في مناطق كركوك وديالى خطوة غير دستورية من قبل الحكومة العراقية» التي يترأسها المالكي.

وأوضح أنه «منذ البداية كانت لدينا شكوك ومخاوف» من تشكيل هذه القيادة، معتبرا أنها «تأسست بنوايا وأهداف ضد الأكراد والعملية الديمقراطية والتعايش في المناطق المستقطعة من كردستان».

وبصفته القائد العام للقوات المسلحة، قال المالكي في بيان أصدره مكتبه ردا على هذه التصريحات إن القيادة «لا تستهدف مكونا أو محافظة أو قومية». وأكد أن تشكيل هذه القيادة يندرج في إطار «الصلاحيات الدستورية ولا يحق لمحافظة أو إقليم الاعتراض عليها لأن واجبها هو حماية السيادة الوطنية». وحذر رئيس الوزراء العراقي في الوقت نفسه قوات البيشمركة (المقاتلين الأكراد) من استفزاز القوات الحكومية، وقال: «على قوات البيشمركة عدم القيام بأي أعمال من شأنها إثارة التوتر وعدم الاستقرار وتصعيد الموقف في تلك المناطق». ونصح المالكي في البيان البيشمركة بـ«الابتعاد عن القوات الحكومية وتجنب استفزازها».

من جهته، قال رئيس هذه القيادة الفريق الركن عبد الأمير الزيدي لوكالة الصحافة الفرنسية إن هذه القيادة شكلت «نتيجة تعرض المنطقة إلى عمليات إرهابية ناجمة عن ضعف التنسيق الأمني». وأوضح أن «هذه القوة التي تضم وكالات أمنية مختلفة تهدف بصورة أساسية إلى توحيد الجهد الأمني وتعزيز اللحمة الوطنية بين جميع مكونات الشعب العراقي». وأضاف هذا الضابط الذي كان يتولى قيادة الفرقة 12 التي تنتشر في محيط كركوك «نشهد خروقات أمنية مستمرة وقد تصاعدت الأعمال الإرهابية في كركوك نتيجة ضعف التنسيق الأمني».

لكن محافظ كركوك الكردي نجم الدين عمر كريم رفض التعاون مع هذه القيادة. وقال إن «الجيش العراقي يجب ألا يتدخل بالسياسية ولا يمكننا أن نقبل بأن تطبق علينا أحكام عرفية لكونها مخالفة للدستور». وأضاف: «لسنا بحاجة لقيادة عمليات لأنها قيادة فاشلة، ولا نقبل أن تُفرض علينا»، موضحا أنه يترأس «اللجنة الأمنية التي تضم قادة الشرطة والأجهزة الاستخباراتية والبيشمركة والأجهزة الأمنية المشتركة والفرقة 12 للجيش العراقي ولدينا تعاون كبير». ومعظم قوات الشرطة في كركوك هم من الأكراد، في حين أن غالبية عناصر الجيش هم من العرب.