«القسام» لا تغفل الجبهة الداخلية في غمرة الحرب وتصفي «أكبر عملاء إسرائيل»

«تويتر» و«فيس بوك».. ساحات حرب أخرى

فلسطينية تعبر عن حزنها بعد ان دمر منزلها في بيت حانون بغزة بغارة جوية اسرائيلية عليها (رويترز)
TT

سيبقى السؤال الذي يلح على كثير في كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وهو كيف وصلت إسرائيل إلى قائد أركانها، أحمد الجعبري؟!.. كيف حددت سيارته وراقبته وألقت صاروخا اصطاده من دون عناء بعد كل هذه السنين التي نجح فيها الرجل الأقوى في حماس بملاعبة الإسرائيليين؟! سؤال يمكن أن يجيب عنه أي فلسطيني، بقوله، إنه أحد العملاء، إذ تستعين إسرائيل بالكثير منهم في قطاع غزة والضفة الغربية، ويعتبرون ذراع جهاز المخابرات العامة (الشاباك) الطولى على الأرض، لكنها إجابة ستبدو «سخيفة» بالنسبة لـ«القسام» التي تريد أن تعرف من هو.. ومن أين وكيف وصل إلى الجعبري أو استطاع رصده، وهو الذي يتخذ احتياطات أمن مشددة.

وعلى مدار عشرات السنين من الصراع، جندت إسرائيل الكثير من العملاء، بعضهم انكشف وقتل وبعضهم انكشف وهرب وبعضهم ما زال غير معروف.

ويبدو أن حماس التي أعلنت عن حرب سابقة على «أيدي الشاباك» في قطاع غزة، واعتقلت وأعدمت بعضهم، لم تغفل في غمرة الحرب الحالية مع إسرائيل أهمية مراقبة وتحصين الجبهة الداخلية منهم. وقال مسؤول أمني في جهاز الأمن الداخلي، في الحكومة المقالة، إن «الجهاز تمكن من القبض على بعض المشبوهين في محيط بعض المقرات الحيوية وأماكن تحرك المقاومين». وأضاف في بيان مقتضب، أنه «لن نسمح بأي محاولة لإثارة الشائعات والبلبلة والمساس بالجبهة الداخلية الحصينة لأبناء شعبنا في قطاع غزة».

وتولي حماس الأمر أهمية استثنائية. وتعرف الحركة أن ثمة «طابورا خامسا» يرصد ويلاحق المقاومين، ويروج الشائعات مستهدفا الروح المعنوية للفلسطينيين. وقال المصدر الأمني إن «الجبهة الداخلية مستقرة في قطاع غزة ولم تسجل أي حالات إخلال تمس بالجبهة الداخلية على مستوى القطاع». وتابع محذرا أن «هناك متابعة ميدانية دقيقة وملاحقة مستمرة لكل العابثين بأمن الوطن وعناصرنا منتشرة في كل مكان».

وفي مرات سابقة نجحت الداخلية المقالة بإسقاط شبكات محترفة، وبثت اعترافات لعملاء أقروا بالإبلاغ عن قادة ومسؤولين وساعدوا في بث الإشاعات وتخريب النسيج المجتمعي.

لكن كتائب القسام لم تنتظر جهود الحكومة الأمنية في هذا الصدد، وإن كانت تدعمها وتقدم لها المعلومات، بل دخلت على خط متابعة هؤلاء بطريقتها الخاصة.. فقتلت أمس أحد المشتبهين، وأرسلت جثته إلى مستشفى الشفاء، وكتبت عليها اسم وأسباب تصفيته، مشيرة إلى اعترافات أدلى بها حول مشاركته في 15 عملية اغتيال طالت مقاومين وقادة من الفصائل. وقالت «القسام» إنها «أعدمت أكبر عملاء جهاز المخابرات الإسرائيلية، في قطاع غزة». وأضافت في بيان أن «مجاهدينا تمكنوا من قتل أكبر العملاء الإسرائيليين بعدما ثبت تورطه بالتخابر لصالح (الموساد)».

وقال موقع أمني، مقرب من حركة حماس، إن الجهاز الأمني للحركة، اعتقل عددا من «عملاء إسرائيل»، الذين كانوا يبلغون الجيش الإسرائيلي بالمعلومات خلال عمليته العسكرية الجارية حاليا في غزة. وأضاف موقع «المجد الأمني»، نقلا عن مصدر وصفه بالمطلع، أن حركة حماس اعتقلت العديد من العملاء، أثناء محاولاتهم رصد مواقع إطلاق الصواريخ، ورصد أفراد المقاومة على الأرض، بناء على طلب ضباط مخابرات إسرائيليين.

في المقابل، فإن إسرائيل لا تعتمد بالكامل على عملائها على الأرض. وأكدت مصادر في القطاع لـ«الشرق الأوسط» أن الآلاف من الاتصالات وصلت إلى سكان القطاع من المخابرات الإسرائيلية مباشرة، تسأل عن الأخبار، وتحذر من مساعدة المقاومين وتطلب منهم الابتعاد عن مقرات حكومية في محاولة لاستدراج المعلومات وبث الرعب.

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية المقالة، إسلام شهوان، إن «العدو الصهيوني استخدم الحرب النفسية بشكل مبالغ فيه في سبيل رفع معنويات الجنود المنهارة بعد الضربات الموجعة التي تلقتها على حدود قطاع غزة». وأضاف أن «العدو استخدم هذا الأسلوب وبكثرة وبوسائل متعددة منها المنشورات والاتصالات عبر الهواتف الأرضية والجوالات ومنها فتح أسطوانات وأرقام محلية ودولية وأرقام غريبة للوصول إلى معنويات الشعب الفلسطيني، ولكنه فشل في ذلك». وتابع أن «العدو الصهيوني فشل تماما في استخدام الحرب النفسية، لأن وزارة الداخلية تبذل جهودا كبيرة من خلال الجهود التي قامت في إطار نشر الوعي الوطني والأمني». وطلب شهوان من المواطنين في غزة «عدم التعاطي مع الأساليب النفسية التي يحاول الاحتلال استخدامها».

وكان شهوان يشير أيضا إلى الحرب النفسية الإلكترونية المستعرة.. حيث تحولت المواقع الاجتماعية إلى ساحات للحرب النفسية بين إسرائيل وحماس.

وتنشر «القسام» ومريدوها ومؤيدوها بيانات ومعلومات عبر هذه المواقع عن «انتصارات»، ويرد الجيش الإسرائيلي بنفيها فورا، ويتبنى «إنجازات» تنفيها «القسام».. فمثلا لم تكد تعلن «القسام» عن إطلاق صواريخ على مقر الكنيست، حتى انبرى الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيغاي أدرعي بالرد عليهم على «تويتر» و«فيس بوك» قائلا إنه «غير صحيح. إنهم يكذبون». وقال أدرعي على «تويتر»، أمس، إن «حماس تقول إنها أطلقت صواريخ على الكنيست. أطمئن الجميع من أورشليم القدس.. لم تصل إلينا أي صواريخ ولكننا نسمع ونضحك من أكاذيب حماس، بلا حدود».

ويرد على أدرعي عادة كثر من «القسام» ومؤيديهم متوعدين إسرائيل بـ«أبواب جهنم»، ساخرين من «الخوف والقلق والرعب» الذي دبّ في قلب جنود ومواطني إسرائيل. ويشارك الآلاف من الطرفين، من المواطنين العاديين، في هذه الحرب بالصور والفيديوهات والتعليقات والتهديدات أيضا.