حملات احتجاج في إسرائيل ضد الحرب على غزة

سياسية من «كاديما» تعيش في الجنوب: لا تدافعوا عني بالحرب.. بل فاوضوا من أجلي لتحقيق السلام

TT

بعد أقل من يومين من بدء الحرب العدوانية على قطاع غزة، انطلقت حملات احتجاج عليها داخل إسرائيل. وقبل ساعة واحدة من إطلاق صفارات الإنذار في تل أبيب، إنذارا بقرب سقوط صاروخ من طراز «فجر-5»، خرج بضع مئات من المواطنين اليهود إلى مظاهرة أمام مكاتب حزب «الليكود» الحاكم، ولكن رغم أن صاروخا من طراز «فجر-5» أطلقته حركة حماس، انفجر في مكان قريب وهز الأرض من تحت أقدامهم، قرروا الاستمرار في مظاهرتهم.

من جهة ثانية، بادرت حركة «ائتلاف نساء من أجل السلام»، التي تضم تسع منظمات نسائية في إسرائيل، إلى حملة جمع تواقيع على عرائض تندد بالحرب. وقرر حزب «ميرتس»، وهو الحزب اليهودي الوحيد الذي يقف ضد الحرب الانضمام إلى الحملة. وجاء في بيان صادر عن هذه الحملة: «نحن نرفض الحرب الانتخابية التي تشنها حكومة (بنيامين) نتنياهو. نرفض سفك الدماء. نرفض إثارة هذه الموجة الجديدة من العداء لأهل غزة». ودعت إلى القيام بسلسلة مظاهرات احتجاجية في كل مفارق الطرقات.

وأما مظاهرة تل أبيب، فقد أقيمت بدعوة من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، لكن مواطنين كثيرين من غير المنتمين إليها شاركوا فيها. وتجمهر أمامهم نفر من قوى اليمين المتطرف محاولين الاستفزاز والاعتداء، لكن الشرطة تدخلت وأبعدتهم. ورفع المتظاهرون الشعارات المنددة بالحرب من بينها: «كفى حروبا، وكفى سفكا للدماء» و«اليهود والعرب يرفضون أن يكونوا أعداء».

وألقى النائب دوف حنين من الجبهة الديمقراطية كلمة أمام المتظاهرين، قال فيها: «إننا نقف هنا في مساء عصيب وصممنا أن نأتي إلى هذا العنوان بالذات لنطلق صرخة الصوت الآخر، الصوت الذي يقول إن الحروب وسفك الدماء لا يمكنها أن تحل الصراع لا هناك ولا هنا، وإن القرارات التي اتخذتها حكومة نتنياهو بشن العدوان على غزة خطيرة جدا ولم ولن يأتي منها سوى المآسي والدماء في غزة وأيضا في إسرائيل». وقال حنين: «إن القيادة الفلسطينية في زمن ياسر عرفات وحاليا في عهد الرئيس محمود عباس تمد يدها المرة تلو الأخرى إلى حكومات إسرائيل ولكنها لا تتلقى بالمقابل يدا إسرائيلية ممدودة للسلام».

وقال النائب محمد بركة، رئيس الجبهة، في كلمته: «إن نتنياهو قرر أن سفك الدماء الإسرائيلية والفلسطينية هو أسرع الحلول لبقائه في الحكم، إننا هنا عرب ويهود نتظاهر ونطلق صرخة داعية للسلام، لأن الحروب لا يمكنها أن تحل الصراع، والعدوان على غزة سيلقى ردا من هناك لا محالة».

وقالت الدكتورة ياعيلا رعنان، وهي من سكان الجنوب: «مرة أخرى لا تدخر الدولة جهدا كي تحول جيراننا إلى أعداء. أنا أعيش على بعد بضعة كيلومترات من قطاع غزة وكل ما يجري الآن هدفه تأليب الكراهية».

من جهتها، تحفظت رئيسة «ميرتس» زهافا غلؤون، على القيام بعمليات برية في قطاع غزة. وقالت إنها تريد أن يعم الهدوء في منطقة الجنوب، ولكنها لا ترى إمكانية تحقيق الهدوء عن طريق العمل العسكري. ودعت نتنياهو إلى استغلال زيارة رئيس الحكومة المصرية هشام قنديل لغزة من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار، كما دعت إلى التوصل إلى تفاهم مع حركة حماس.

وكانت الباحثة في التاريخ ميخال فاسر، وهي من قادة حزب «كاديما»، قد أعلنت استقالتها وانضمامها إلى حزب «ميرتس»، لأنها ترفض هذه الحرب وترفض موقف حزبها المؤيد للحكومة في هذه الحرب.

وتعيش فاسر في كيبوتس (قرية تعاونية) «كفار عزة» عند الجدار الفاصل مع غزة، التي تعرضت أول من أمس للقصف، بصاروخين انفجرا في داخل الحي الذي تقطن فيه، وتركا آثارا قاسية على جدران البيوت وشوارع الحي. وقالت: «ليست هذه طريقة صحيحة لعلاج مشكلة الصواريخ. هذا خطأ. وتنبعث عنه رائحة سياسية قوية ورائحة انتخابية». وأضافت: «لا يجربون، عندنا اتجاهات أخرى بقدر كاف. ليس عندنا حكومة تهتم بالسلام وهذا يحزنني».

وكتبت فاسر رسالة للصحف أمس قالت فيها: «لا تدافعوا عني. ولا ترسلوا الجيش الإسرائيلي للانتصار. ابدأوا التفكير للأمد البعيد لا للانتخابات القادمة. وحاولوا أن تفاوضوا إلى أن ينبعث دخان أبيض. مدوا أيديكم لأبو مازن وكفوا عن الاغتيالات المركزة وانظروا في عيون المدنيين في الجانب الثاني أيضا. أنا أعلم أن أكثر الجمهور سيتهمني بالنفاق، لكنني أنا التي أجلس هنا حينما تسقط قذائف الرجم في ساحتي، لا ساعر (وزير التعليم جدعون ساعر) ولا بيبي (رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو) ولا شيلي (شيلي يحيموفتش، رئيسة حزب العمل التي تؤيد الحكومة في عدوانها) ولا يئير (يئير لبيد، رئيس حزب «يوجد مستقبل» الجديد والذي يؤيد هو أيضا العدوان)، إنني أنا التي اخترت أن أربي أبنائي هنا، فقد خدم أبنائي في وحدات قتالية وزادوا على ذلك سنة تطوعا. نحن نعيش هنا ونحب البلاد. إن حربنا هي على صبغة الدولة لا على حدودها».

«فلسطينيو 48» - وكان «فلسطينيو 48» قد بادروا إلى عدة نشاطات احتجاجا على هذه الحرب العدوانية. ومنذ بداية العدوان، أدانت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية الهجوم واعتبرته «هجوما إرهابيا يستهدف الشعب الفلسطيني وكل قياداته». وجاء في بيان عممته على وسائل الإعلام، أن «المستوطنين الذين يحتلون الأراضي الفلسطينية في الجنوب ويقيمون عليها عنوة في مستوطناتهم ليسوا أحق بالأمن من غزة وأطفالها وجميع أهلها، كما أن الدم الفلسطيني أغلى من أن يسفك كوسيلة يروج بها الفاشيون لأنفسهم ولأحزابهم قبيل الانتخابات للكنيست. وأضاف البيان أن هذه الغطرسة والوحشية والفاشية الإسرائيلية لا بد أن تتوقف، وإن كانت حكومة الاحتلال تعتقد أنها بهذه الطريقة توفر الأمن للمستوطنين في الجنوب فإنها حتما واهمة، بل هي تتحمل المسؤولية كاملة عن الدماء التي تسفك في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فعقليتها وغطرستها العسكرية واحتلالها المستمر للأراضي الفلسطينية هي العوامل المسؤولة عن تفاقم الأوضاع».

وبدعوة من لجنة المتابعة، خرج عشرات الآلاف من المواطنين العرب في مظاهرات بعد صلاة الجمعة مباشرة.

وكانت مدينة حيفا قد شهدت مظاهرة غاضبة ضد العدوان نظمها الحزب الشيوعي وجبهة حيفا الديمقراطية، بمشاركة جميع الأطياف السياسية العربية والقوى الديمقراطية اليهودية.. ولكن أقام اليمين مظاهرة مضادة من حزب «الليكود - بيتينو»، ترأستها نائبة رئيس البلدية يوليا شترايم وعضو البلدية أليكس لازروف، وغيرهما، رفعوا خلالها أعلام إسرائيل هاتفين «الموت للمخربين» و«طابور خامس» و«عودوا لغزة».

وهتف المتظاهرون العرب باللغتين العبرية والروسية «الفاشية لن تمر»، وهتفوا بالعربية «نموت وتحيا فلسطين» و«بالروح بالدم نفديك يا غزة» و«علمنا التاريخ وقال أميركا رأس الحية.. وهزيمتها حتمية» و«من غزة لجنين شعب صامد ما بيلين» و«غزة هاشم ما بتركع للدبابة والمدفع»، وغيرها من الشعارات الهادفة. وباللغة العبرية رددوا «الشعب يريد وقف إطلاق النار» و«كل وزراء الحكومة هم مجرمو حرب» و«الحرب هي كارثة.. السلام هو الحل» و«لا لا لن تمر الفاشية لن تمر».

ونظم الطلاب العرب في جامعة حيفا مظاهرة احتجاجية شارك فيها جميع القوى السياسية، وتظاهر مقابل الطلاب العرب العشرات من نشطاء اليمين الذين أعربوا عن دعمهم للعدوان. وقامت قوات أمن الجامعة بتفريق المتظاهرين بحجة عدم وجود ترخيص للتظاهر.