الجزائر: إطلاق «رابطة علماء الساحل» لمواجهة الغلو في الدين

رئيس وزراء مالي يتوقع عملية عسكرية قريبا ضد الميليشيات المتطرفة

TT

يوجد في الجزائر منذ أسبوع ثمانية أئمة وعلماء دين يتحدرون من كل بلدان الساحل تقريبا، ومن نيجيريا، بهدف السعي لإقناع علماء المنطقة بضرورة التحرك بسرعة لتجنب الحرب في مالي، التي تقرع طبولها حاليا. وتوقع رئيس وزراء مالي وقوعها «قريبا جدا».

وأطلق الأئمة الثمانية نهاية الأسبوع مبادرة بالعاصمة الجزائرية سموها «رابطة علماء ومشايخ الساحل»، أرادوها نداء إلى الأئمة بدول المنطقة المعنية بالحراك العسكري الجاري منذ أسابيع، تحضيرا لعملية عسكرية بشمال مالي لإنهاء سيطرة الجماعات الجهادية. وتحظى المبادرة برعاية السلطات الدينية بالجزائر. أما الأئمة الثمانية فهم أحمد تيخماريت وبشير كاسل من الجزائر، وخالد يحيى ومحمد حسين ماماديا من النيجر، وصار موسى خالي وسيدي أمحمد الشواف من موريتانيا، ومحمادو توري من مالي، ومحمد عبد الله من نيجيريا. وتعتبر المبادرة خطوة في جهود تبذلها الجزائر لمنع الحرب التي يبدو أنها محسومة سلفا، من طرف القوى الغربية التي حشدت التأييد لها من «المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا» (إكواس).

وذكر الإمام محمد حسين ماماديا، وهو المتحدث باسم الشيوخ الثمانية، في بيان، أن «العدو واحد في منطقتنا، وهو الغلو والتطرف في الدين»، مشيرا إلى أن الأئمة الثمانية «اتفقوا على العمل من أجل لمّ الشمل ونشر السلام، وسلوك التوسط والاعتدال في الدين». وينتمي ماماديا إلى قبيلة طرقية بالحدود بين الجزائر والنيجر.

وتعتزم «مجموعة الثمانية» القيام بحملة في مالي والنيجر وموريتانيا، لحشد التأييد لمشروع «رابطة علماء الساحل». وتشبه المبادرة، إلى حد ما، نداء وجهه الأسبوع الماضي القيادي بالحزب الإسلامي الجزائري (حركة مجتمع السلم)، عبد الرحمن سعيدي، من موقعه كعضو بـ«منتدى الاعتدال والوسطية بغرب أفريقيا»، الذي تأسس بموريتانيا عام 2009 بقيادة عالم الدين الموريتاني محمد الحسن ولد الددو.

وقال سعيدي في رسالة إلى فقهاء المنطقة، إن «الذين يدفعون نحو الحرب والتدخل الأجنبي في الساحل، إنما يفعلون ذلك من منطلق رؤية قاصرة للأزمة وقراءة سياسية مبتورة عن حقائق الواقع والتاريخ. فهم يعتقدون أن القوة والغلبة هي العامل الوحيد لفك النزاع، ولكن الحقيقة التي تقرها الشواهد والوقائع في عصرنا الحالي أن الذي يملك قرار الحرب لا يملك معه قرار إيقافها».

وجاء فيها أيضا: «يجب عليكم أيها العلماء والمشايخ أن تضعوا لمستكم ورؤيتكم للحل والخطوات التي يجب اتباعها لحل النزاع.. أولا بتأجيل خطوة الحرب والتدخل الأجنبي في الساحل، وثانيا فسح المجال للحوار والإقناع وجلب الجماعات الانفصالية والجهادية لطاولة الحوار، وثالثا إجهاض كل مساعي التأزيم والتيئيس أو استغلال النزاع لأجندة سياسية خاصة، وحسابات ضيقة فيها تجاوز للواقع والحقائق التاريخية والجغرافية».

وفي سياق تطورات الوضع في الميدان، صرح رئيس الوزراء المالي الشيخ موديبو ديارا أول من أمس من طنجة بالمغرب، أن العملية العسكرية في شمال مالي ضد الميليشيات المتطرفة التي تتبنى فكر «القاعدة» أصبحت «قريبة جدا»، مشيرا إلى أن قرار مجلس الأمن بالأمم المتحدة بهذا الشأن سيصدر «خلال أسبوع»، وذلك بعد أن صدقت «إكواس» على خطة التدخل العسكري بما قوامه 3300 جندي.

وقال ديارا على هامش منتدى دولي بالمغرب، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «عملية الاستعادة ستجري قريبا جدا لأنه سيكون لدينا قرار من الأمم المتحدة خلال أسبوع»، مؤكدا أنه «لا يستطيع كشف تفاصيل الاستراتيجية العسكرية»، وفق تعبيره.

وفي رده على سؤال حول الدول التي ستشارك في هذا التدخل العسكري، قال رئيس الوزراء المالي، إن باماكو لن تعرف «لائحة الدول المساهمة إلا بعد تبني القرار من طرف الأمم المتحدة».