إسرائيل تستدعي الاحتياطي استعدادا لاجتياح بري

وزير إسرائيلي يطالب مصر بتحمل مسؤولية قطاع غزة

رجال اطفاء فلسطينون يحاولون إخماد النار في مبنى وزارة الداخلية في غزة الذي سوي بالارض بالقصف الإسرائيلي أمس (رويترز)
TT

كشفت مصادر سياسية عليا في إسرائيل أنها وضعت رئيس الوزراء في حكومة حماس المقالة، إسماعيل هنية، والمسؤول السياسي الثاني في قطاع غزة، محمود الزهار، في قائمة الشخصيات الفلسطينية التي تخطط لتصفيتها. وقالت هذه المصادر إن القصف الإسرائيلي لمحيط بيت هنية، الليلة قبل الماضية، لم يكن صدفة بل هو عملية مخططة من سلاح البحرية كانت بمثابة رسالة صريحة لحماس.

وصادق وزير المواصلات، يسرائيل كاتس، المعروف بقربه من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على هذه الأنباء. وصرح في مقابلة مع الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، بأن هنية والقيادي والزهار هما «هدفان مشروعان للاغتيال الموضعي»، وقال إن «العمليات التي بدأها الجيش الإسرائيلي قبل يومين ومن الممكن أن تتسع قريبا، وستشتمل على عمليات برية، ستتواصل حتى تحقق أهدافها في وقف إطلاق القذائف والصواريخ باتجاه إسرائيل، وسيتم توجيه الضربات للبنى التحتية للتنظيمات الفلسطينية». وبحسبه فإن العمليات ستتواصل ما لم يتم تحسين الردع الإسرائيلي وتتوقف التهديدات بإطلاق الصواريخ.

وفي تعقيبه على زيارة رئيس الحكومة المصرية، هشام قنديل، إلى غزة، قال كاتس إن ذلك «يشكل فرصة لكي تتحمل مصر المسؤولية عن قطاع غزة». وبحسبه فإن الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، كان قد رفض اقتراحا إسرائيليا بربط غزة بمصر، وأن هناك احتمالا بأن يفعل الإخوان المسلمون ذلك». كما عبر وزير المواصلات عن الرضا الإسرائيلي عن دعم الرئيس الأميركي باراك أوباما لإسرائيل. وقال إن موقف رئيس الولايات المتحدة واضح جدا.

من جهة ثانية، ادعى القائم بأعمال رئيس الحكومة وزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعلون، أن فصائل المقاومة الفلسطينية ليست لديها صواريخ كثيرة قادرة على ضرب منطقة تل أبيب. وأضاف أن «إسرائيل لم تقم بحملة عسكرية من أجل سكان المركز، وإنما من أجل سكان الجنوب.. فالآن وبعد أن تم تدمير غالبية صواريخ (فجر)، نعرف أن هناك بضعة صواريخ قليلة متبقية وتم إطلاق أحدها أمس باتجاه تل أبيب. هذا السلاح هو من صنع إيران.. لا أعرف إذا ما تبقى لهم صاروخ واحد أو اثنان.. لا يوجد لديهم مخزون كبير يهدد منطقة المركز».

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد صادقت باستبيان هاتفي على تجنيد 30 ألف جندي من جيش الاحتياط، لوضعهم على أهبة الاستعداد في حال تقرر القيام بعملية اجتياح بري لقطاع غزة. وفي وقت لاحق قالت تقارير ان اسرائيل ستستدعاء 75 الف جندي. وعلم أن رئيس أركان الجيش، بيني غانتس، أصدر أوامر تجنيد لنحو 16 ألفا منهم، إضافة إلى ألف جندي ممن يعملون في الدوائر اللوجيستية غير القتالية، كانوا قد انضموا إلى اللواء الجنوبي في محيط قطاع غزة. وأكد شهود عيان أن حركة دائمة تلاحظ في الجنوب الإسرائيلي لأرتال الدبابات والمدرعات في اليومين الأخيرين، تمهيدا للاجتياح.

ومع ذلك، فإن التقديرات في الصحافة الإسرائيلية تقول إن الحكومة لم تقرر التوجه إلى اجتياح. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن وزير الدفاع، إيهود باراك، قوله في أحاديث داخلية إنه «لا يشتاق إلى معركة طويلة». وأضاف «نحن لا نعرف التنبؤ بدقة ما هي نقطة النهاية. فهذه ليست هندسة بناء. من الواضح أننا لن ننهي قبل أن نحرز الأهداف التي استقر رأي المجلس الوزاري المصغر عليها وهي: تقليل إطلاق صواريخ القسام، وزيادة الردع، وتحسين الواقع الأمني اليومي لسكان الجنوب. وهذه أهداف قابلة للإحراز. نحن نسعى إلى أشياء معقولة كأن يمكن العمل قرب الجدار بلا خطر. ونحن نجتهد في إحراز هذه الأهداف والغايات من غير أن نخطب خطبا تشرشلية (نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني في فترة الحرب العالمية الثانية، ونستون تشرشل)، خاصة أن الأهداف التي أعلناها لم تكن قابلة للإحراز، وأننا لم نقصد إليها في الحقيقة أيضا حينما رسمناها». وتابع باراك «لا مكان للتوقف الآن. إن حماس تتلقى ضربات قاسية جدا بعد أن صُفي قائدها ودُمرت أكثر الصواريخ للمدى البعيد. إذا ركعت حماس في الغد وتوسلت لنتوقف فسيكون هناك مكان لنزن التوقف.. وهذا متعلق أيضا بالطرف الثاني. وفي الأثناء فإننا مستمرون ما لم يحدث ذلك».

وقارن باراك بين قيادته ونتنياهو هذه الحرب وبين قيادته وإيهود أولمرت الحرب السابقة على قطاع غزة سنة 2008، فقال «تعلمنا من المرة السابقة وأعلنا فورا في البداية حالة طوارئ في الجبهة الداخلية، وجندنا الاحتياط فورا إذا استدعى الأمر. وقد استخلصنا الدروس، نتنياهو وأنا، من أخطاء الآخرين. نحن نفكر عدة خطوات إلى الأمام. في المرة السابقة لم يكن هناك تخطيط مسبق، بل حدث كل شيء بصورة عرضية. ليس من المؤكد أننا سنحتاج إلى عملية برية لكننا مستعدون إذا احتجنا. في (الرصاص المصبوب) ما كان أولمرت ليتحرك من غير رئيس هيئة الأركان ورئيس أمان (شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش) ورئيس الشباك (المخابرات العامة). فقد كانوا في كل نقاش وكل مشاورة وكل جلسة. لم يكن عندهم وقت للقيام بعملهم. لكن في هذه المرة نحن ندعهم يعملون. يوجد ثلاثة، رئيس الوزراء ووزير الخارجية وأنا، فوضهم المجلس الوزاري المصغر لاتخاذ القرارات، وأنا بطبيعة الأمور أفتح عيني أكثر. لكن الأمور التي كانت آنذاك وصعبت تصريف الأمور غير موجودة اليوم».

الدعم الدولي

* واهتمت وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس بالدعم الدولي للحكومة في حربها على غزة. وتساءلت إن كان هذا الدعم سيستمر. وفي المقابل حرصت الحكومة الإسرائيلية على الإشارة إلى وجود الدعم الدولي الواسع، خصوصا في دول الغرب. وقال موشيه يعلون، في حديث مع إذاعة «صوت إسرائيل» الرسمية، إن الولايات المتحدة تدعم اسرائيلي، وإن هذا الدعم يتصاعد مع استمرار إطلاق الصواريخ من القطاع باتجاه البلدات الإسرائيلية. وأضاف يعلون، الذي يتواجد حاليا في نيويورك، أن الولايات المتحدة تعتبر حماس «منظمة إرهابية»، وأنها على قناعة بأنه «لا يوجد لإسرائيل الحق في الدفاع عن مواطنيها وإنما من واجبها أن تقوم بذلك». وقال يعلون إن الأوروبيين رغم ردودهم الحذرة فهم يدعمون إسرائيل. وبحسبه فإنه بناء على أقوال جهات تحدثت مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فإن الأخير يلقي بمسؤولية التصعيد على حماس.

وتشيد الحكومة الإسرائيلية بقرار مجلس الشيوخ الأميركي، الذي صادق بالإجماع، أول من أمس، على قرار يعترف بما سماه «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها أمام الهجمات الصاروخية من قطاع غزة». وكان قد بادر إلى القرار، غير الملزم، كريستين جيليبراند من الحزب الديمقراطي، ومارك كيرك من الحزب الجمهوري.

وأشارت تقارير إسرائيلية إلى أن رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون قد تحدث هاتفيا مع نتنياهو، وعبر عن قلقه العميق من الوضع في المنطقة، وحمل حماس المسؤولية عما سماه بـ«الأزمة»، وبحسبه فإن «إطلاق الصواريخ على إسرائيل غير مقبول». كما اعتبر مبعوث الرباعية الدولية توني بلير حركة حماس المسؤولة عن التصعيد. وبحسبه فإنه على حماس أن تتوقف عن إطلاق الصواريخ.