النائب اللبناني عقاب صقر: لست معنيا بعد اليوم بالرد على الشائعات والفبركات الاستخبارية ضدي

قال في حوار مع «الشرق الأوسط» : لسنا متخصصين بالسلاح ولم نستعمله في بلدنا حتى ننقل هذه التجربة إلى سوريا

عقاب صقر
TT

منذ اندلاع الثورة السورية في مارس (آذار) عام 2011، كان النائب اللبناني عقاب صقر على موعد مع شائعات عدة ربطته بالوضع المتفجر فيها، وهو تدخل لم ينفه النائب اللبناني الشاب الموجود خارج البلاد منذ ذلك التاريخ حرصا على أمنه، وسعيا إلى «التواصل مع مكونات المعارضة السورية» التي قال منذ بداية الثورة إن لديه بينهم أصدقاء.

لكن النائب في كتلة الرئيس سعد الحريري، ينفي في حوار هاتفي مع «الشرق الأوسط» بشدة أن يكون يتدخل في سوريا لـ«مد المقاتلين بالمال والسلاح». ودعا صقر حزب الله إلى اغتنام الفرصة الأخيرة لتصحيح صورته في العالم الإسلامي عبر دعم تطلعات الشعب السوري، منبها إلى أن «الفرصة تضيق، لكنها لا تزال متاحة». ودعا الرئيس السوري بشار الأسد إلى «التفكير طائفيا، إذا كان لا يريد أن يفكر بمصلحة سوريا قوميا أو وطنيا، ويحافظ على طائفته بالانسحاب وتسليم السلطة بما يحفظ البلد ويمنع الفتنة والاحتقان الطائفي الذي سيجر الويلات على سوريا وجوارها».

وفي ما يأتي نص الحوار:

* جديد الشائعات كان بتر قدميك، فهل أنت على ما يرام؟

- إن الحملة الأخيرة التي شنت ضدي ظهرت كاذبة كالحالات السابقة.. فمرة قيل إنني قتلت في سوريا، ومرة قيل إنه تم القبض عليّ هناك، ثم عادت شائعة مقتلي الأخيرة، تلتها شائعة إصابتي وبتر قدمي، وهي شائعات دحضها ظهوري المتلفز الأخير.

الحملات مستمرة ومتواصلة، وهي تأخذ أشكالا جديدة في كل مرة، وأنا أعتبرها جزءا من عملية تصفية سياسية يقوم بها بعض الإعلام، وهو للأسف موظف رخيص حتى لا أقول «مأجور».

* هل ستستمر الشائعات ثم تظهر لتنفيها كما في كل مرة؟

- الحالة سوف تستمر من دون شك، لكني لن أعيرها اهتماما بعد اليوم، ولست معنيا بأن أرد على الفبركات والشائعات اللاحقة.

* ماذا عن اتهامك لإعلاميين بنقل إحداثيات موقع وجود اللبنانيين المخطوفين في سوريا؟

- هذا خبر معروف، وأنا لم أسم أحدا. وقلت إن القصد من وراء ما قاما به لم يكن سيئا، فهما ربما كانا يريدان المساعدة في تحديد موقعهم لمساعدتهم، لكني أستغرب كيف أن البعض في لبنان يتصرف على قاعدة «كاد المريب أن يقول خذوني». لدي الكثير مما يمكن أن يقال في موضوع المخطوفين، وأنا مقتنع بأن الموضوع كان عبارة عن محاولة لتقديم معلومات مفيدة، لكن النظام نفذ عملية «كوماندوز» لإنقاذ المخطوفين، لكن بطائرات «الميغ» التي قصفت المكان، وكان واضحا أن النظام يريد أن يقفل هذا الملف بالطريقة التي يفتح ويقفل بها الكثير من الملفات على عادته.

* هل من معلومات حول المخطوفين اللبنانيين؟

- العمل جار من دون توقف، وآمل في وقت قريب جدا أن يتم حله على مرحلتين. العمل لم يتوقف من أجل إطلاقهم، وهذا الملف يتابع بكل جدية. كما أننا نعمل من أجل المساعدة في إطلاق مجموعة من الأرمن السوريين مفقودين أيضا.

* هل من مدة زمنية محددة؟

- لا أستطيع أن أجزم، لكن إن شاء الله سيتم ذلك في القريب العاجل.

* ما حقيقة تدخلك في الشأن السوري؟ وكيف ترى اتجاه الأوضاع هناك؟

- في الملف السوري، كل الشائعات والفبركات لن تردعنا عن التعاطي بإيجابية مع هذا الملف لمنع تفاقم الأزمة وتعاظم حجم كرة النار والحيلولة دون انتقالها إلى لبنان، ومحاولة تبريدها من داخل سوريا. هدفنا الأساسي هو منع الفتنة ومنع انتقالها إلى لبنان. وتعاطينا مع الملف السوري هو تعاط سياسي بحت ينطلق من معايير وطنية ومن اعتبارات حسن الجوار والشعور بالمسؤولية حيال شعب سوري يذبح.

ما نتمناه هو أن تنتهي الأمور بحل منطقي عقلاني أخلاقي، وأن يمتثل الأسد إلى نداء شعبه أولا، وإلى النداءات العربية والدولية التي سحبت منه الشرعية وأكدت على ضرورة انتقال السلطة. فإذا كان الأسد لا يريد أن يفكر بمصلحة سوريا قوميا أو وطنيا، فليفكر طائفيا ويحافظ على طائفته بالانسحاب وتسليم السلطة بما يحفظ البلد ويمنع الفتنة والاحتقان الطائف الذي سيجر الويلات على سوريا وجوارها.

* النظام يعتبر أن الأمر ليس مشكلة داخلية، بل مؤامرة دولية، ما تعليقك؟

- النظام يعتبر ما يجري مؤامرة قطرية - تركية - سعودية، ومن الرئيس سعد الحريري. سنسلم جدلا بذلك، ونقول له أن ينسحب ويفوت على الجميع فرصة تحقيق المؤامرة الكونية التي يتوهم وجودها إذا كان حريصا على البلد ودماء أهله. لكن المؤشرات تقول غير ذلك، فالأسد يقول بممارساته «سأخدمكم حتى آخر نقطة من.. دمائكم»، وهذا النهج في التعاطي سيؤدي كما بات واضحا إلى نهاية وشيكة لنظام الأسد.

* يقال إنك في تركيا تمد الجماعات المسلحة بالمال والسلاح.

- نحن لسنا متخصصين بالسلاح ولم نستعمله في بلدنا، حتى ننقل هذه التجربة إلى سوريا.

سلاحنا الوحيد في سوريا هو الرأي السياسي، وأكثر سلاح نستعمله هو محاربة الفتنة وجمع الصف، والتحريض الذي نقوم به هو تحريض على صيانة مؤسسات الدولة وكيانها والتعايش بين أبنائها. هذا هو السلاح الذي نستعمله في مواجهة نظام يستخدم أسلحته الثقيلة لتفتيت سوريا وذبح أبنائها.

نحن لا نريد لأحد أن يتدخل في سوريا.. فقد عانينا كثيرا من بطش النظام السوري وتدخله في لبنان، ولا نريد لأي طرف أن يتدخل إلا من باب وأد الفتنة وحماية الدولة ومؤسساتها. ونحن لا نرى الدولة في سوريا هي الأسد، بل نرى فيها الشعب، وسوريا النموذج في العيش الواحد. هذا ما نريد أن نحافظ عليه جنبا إلى جنب مع الشعب السوري، لأن المساس بالنموذج السوري سيؤدي إلى خراب في لبنان والمنطقة. ويجب العمل لمنع سوريا من الوقوع في فخ التطرف والفتنة، ومنع أي شكل من أشكال الاقتتال الأهلي.

* يؤخذ عليكم أنكم تتدخلون في سوريا وتجلبون المعركة إلى لبنان؟

- من يعمل على دعم النظام في سوريا هو المتورط، وهو الذي يجب أن يسأل عن دعمه لآلة القتل التي تعمل على تفتيت سوريا ولبنان. علينا أن نحاسب الصامتين أو المشاركين في ذبح الشعب السوري، ويقال «اللي استحوا ماتوا»، ولكن يبدو أن البعض في لبنان وسوريا قد اغتالوا الحياء نفسه.

* هل أنت موجود في تركيا الآن؟

- أنا أتنقل في كل الأماكن، ولدي علاقات مع جميع المعارضات في الربيع العربي، وخصوصا في سوريا، لكون مصير سوريا يحدد ويرسم مصير لبنان، فنحن شعب واحد في دولتين منفصلتين ومستقلتين، ولا يمكن أن تبلغ بنا السذاجة حد الوقوف متفرجين مكتوفي الأيدي على خراب سوريا الذي سيؤدي إلى خراب لبنان. ولا يمكن أن نشارك في سفك الدم السوري، لذلك قررنا أن نتواصل مع أهلنا وإخوتنا في سوريا بهدف وقف هذا النزيف بأي شكل من الأشكال. وقدمنا ما علينا من دعم سياسي وإغاثي وإنساني، وكل ذلك في إطار الواجب. لكن الغريب أن المتقاعس بات يدين من يقوم بواجبه، وهذا جزء من انقلاب المعايير الذي اعتدنا عليه من قبل فريق يحمل ذهنية شيطنة الآخر من دون سند أو حجة.

* لماذا غادرت لبنان؟

- لا يخفى على أحد أنني تلقيت العديد من التهديدات، وكان الخطر موجودا عليّ. وقد وجدت أمام ضيق فرص العمل في لبنان أن الوجود فيه هو مغامرة من دون أي فوائد، فقررت المغادرة والدخول على خط ما يجري في العالم العربي، خصوصا في سوريا لأن ما يجري سيرسم مصير المنطقة، خصوصا لبنان لكونه الحلقة الأضعف. وكان لا بد من عمل يوصل لبنان بمحيطه، ويمنع أي تداعيات سلبية، وهذا ما يستدعي تواصلا مباشرا مع مكونات الربيع العربي، خصوصا سوريا، من أجل نقل الخبرات، ولا سيما أن لدينا تجربة كبيرة في منع الانقسام والاقتتال الأهلي، بالإضافة إلى أهمية استشراف مستقبل سوريا ولبنان. وهذا ما فكر به الرئيس الحريري عندما غادر لبنان، وهذا ما شرعنا في القيام به منذ اللحظة الأولى. ما نقوم به هو في صلب عملنا من أجل الشعب اللبناني.. فالساذج هو من يعتقد أنه إذا ما احترقت سوريا، فسيكون لبنان آمنا. والعاجز وحده من يقف متفرجا على الحريق في سوريا من دون أن يحرك ساكنا. ومتواطئ على بلده ونفسه كل من يدين مد اليد للشعب السوري. ومجرم كل من يدعم آلة القتل أو يبرر لها، أو يصمت عنها، أو يدين الضحية وينتصر للجلاد.

* كلامك موجه في جزء منه لحزب الله، أليس كذلك؟

- ما أقوله لحزب الله أنها فرصته اليوم، ومدخله إلى ترميم صورته في العالم الإسلامي ومساهمته معنا في وأد الفتنة، انطلاقا من سوريا. وعليه ألا يتأخر أو أن يتردد فيفوت الفرصة، فالوقت أصبح متأخرا جدا، لكن الفرصة ما زالت مفتوحة. من المفيد على مستوى صورته أن يرسل الطائرة «أيوب» ليستطلع قدرة العدو الإسرائيلي، لكن الأفضل أن يرسل الطائرة «توما» فوق سوريا، ويصور الفظائع التي ترتكب، ويلتقط صورة كاملة على صعيد المشهد السوري الذي بات يشكل وصمة عار على جبين الإنسانية، خصوصا أن حزب الله قد خبر الشعب السوري كداعم له وحاضن لجمهوره، وكخير سند في السنوات العجاف.