تونس: اتهام هيئة الانتخابات السابقة بالفساد المالي

وثائق مسربة تكشف الانتهاكات المادية

TT

أعادت مجموعة من التسريبات التي تداولتها وسائل إعلام تونسية حول تهم بالفساد المالي في صلب الهيئة المستقلة للانتخابات النقاش إلى المربع الأول حول من سيرأس الهيئة القادمة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظرة يوم 23 يونيو (حزيران) 2013، بعد ضغط المعارضة من أجل شفافية أعضاء الهيئة وضمان شفافية العملية الانتخابية برمتها.

وكشفت الأرقام المالية التي تناقلتها وسائل الإعلام التونسية أن موارد الهيئة العليا للانتخابات خلال الفترة الممتدة بين 10 مايو (أيار) 2011 و31 مارس (آذار) 2012 كانت في حدود 37 مليون دينار تونسي (نحو 23 مليون دولار أميركي) في حين أن النفقات بلغت قرابة 42 مليون دينار تونسي، وهو ما يعني وجود عجز مالي ينتظر أن ينعكس بالسلب على النقاشات السياسية التي تدور خلال هذه الفترة في المجلس التأسيسي (البرلمان) حول تركيبة الهيئة. ويستوجب الترشح لرئاسة هيئة الانتخابات ضرورة توافق الرئاسات الثلاث (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس المجلس التأسيسي) حول المرشح لرئاسة الهيئة. وكان الحقوقي التونسي كمال الجندوبي قد ترأس تلك الهيئة التي أشرفت على انتخابات المجلس التأسيسي التي جرت يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011.

وعرضت الوثائق المسربة مجموعة من الانتهاكات غير المؤكدة من الناحية القانونية لكيفية عقد الصفقات العمومية، وأظهرت وجود مصاريف دون وثائق إثبات، وهو ما سيجعل محاسبة الهيئة المذكورة مسألة مثيرة للجدل السياسي والقانوني.

وكانت قيادات سياسية من أبرز الأحزاب المعارضة (الحزب الجمهوري والمسار الديمقراطي الاجتماعي بالخصوص) قد ساندت في خطاباتها السياسية إعادة ترشيح كمال الجندوبي لهذه الخطة بعد إقرار منظمات وهياكل دولية بنجاحه في الإشراف على أول انتخابات بعد الإطاحة بنظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي. ويبدو أن الإحصاءات المسربة من التقرير الأولي لدائرة المحاسبات التونسية قد تكون بداية خلاف سياسي حاد حول من سيرأس الهيئة المستقلة للانتخابات خلال ثاني انتخابات بعد الثورة.

في هذا الإطار، اعتبر بلقاسم حسن، الأمين العام لحزب الثقافة والعمل، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن مثل تلك التسريبات لا يمكن مبدئيا الاعتماد عليها لإدانة الهيئة المستقلة الماضية للانتخابات، وأن المسألة تتطلب الكثير من التدقيق من قبل خبراء في المحاسبة. وأضاف أن ما نشر من معطيات إحصائية قد يدين بعض الأطراف دون غيرها، لكنه في المقابل قد يشكل تهديدا مباشرا لتوافق حصل منذ فترة قليلة حول إمكانية مواصلة كمال الجندوبي الإشراف على هيئة الانتخابات.

ومن ناحيته، اعتبر المحلل السياسي التونسي جمال العرفاوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن صرف راتب شهري صاف في حدود خمسة آلاف دينار تونسي (نحو 2500 دولار أميركي) لفائدة أعضاء الهيئة المركزية للهيئة المستقلة للانتخابات، يعد مبلغا مبالغا فيه بالنسبة للكثير من المتابعين للمشهد السياسي التونسي، فالحالة الاقتصادية بعد الثورة كانت معقدة وتحتاج للكثير من الاعتمادات التي كان بالإمكان أن توظف لحل احتياجات بسيطة لعدد كبير من التونسيين.

وأشار العرفاوي إلى أن تلك التسريبات لم تشمل مصاريف هيئة الانتخابات السابقة فقط، لكنها شملت في السابق محادثات سرية ومواقف غير رسمية لقيادات سياسية، وهو ما قد يفتح أبواب «الحرب» بين المرشحين المحتملين خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة على مصراعيها على حد تعبيره.