أوباما يبدأ أول جولة خارجية له منذ إعادة انتخابه إلى آسيا

ميانمار تستبق وصول الرئيس الأميركي بالتعهد بحل مشكلة مسلمي الروهينغا

عاملان يقومان أمس بطلاء السياج الحديدي لجامعة رانغون حيث سيلقي أوباما خطابا خلال زيارته التاريخية إلى ميانمار الاثنين (أ.ف.ب)
TT

غادر الرئيس الأميركي، باراك أوباما، واشنطن، أمس، في رحلة تقوده إلى ثلاث دول آسيوية، تهدف إلى تأكيد تركيز إدارته على المنطقة. وبينما تشمل الجولة تايلاند وميانمار ثم كمبوديا، فإن الأنظار تتركز على ميانمار، الخارجة للتو من عزلتها، حيث يأمل البيت الأبيض أن تساعد زيارة الرئيس التاريخية لهذا البلد على المضي قدما في إصلاحات ديمقراطية واقتصادية.

وفي هذه الجولة الأولى له إلى الخارج منذ إعادة انتخابه، سيبدأ أوباما جولته اليوم من تايلاند حيث سيستقبله الملك بوميبول أدولياديغ، كما سيجري محادثات على انفراد مع رئيسة الوزراء ينغلوك شيناواترا، في حين يحتفل البلدان بالذكرى الـ180 لبدء علاقاتهما الدبلوماسية. ويوم غد، سينتقل أوباما إلى ميانمار حيث يلتقي نظيره ثين سين وزعيمة المعارضة أونغ سان سو تشي مجددا، بعدما كان استقبلها في البيت الأبيض قبل شهرين. وستكون هذه الزيارة هي الأولى لرئيس أميركي في السلطة إلى ميانمار. وسيكون أوباما أيضا يومي الثلاثاء والأربعاء أول رئيس أميركي يزور كمبوديا، حيث سيشارك في قمتي شرق آسيا ورابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان). وعلى هامش هاتين القمتين أيضا، سيلتقي أوباما على انفراد رئيس الوزراء الصيني وين جياباو ورئيس الحكومة الياباني يوشيهيكو نودا.

وعشية بدء الزيارة الرئاسية إلى ميانمار، رفعت واشنطن الحظر المفروض على غالبية الواردات من هذا البلد، بهدف تشجيع الإصلاحات الاقتصادية التي باشرها، لكن هذا القرار الذي اتخذته الإدارة الأميركية استثنى الأحجار الكريمة. وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أعلنت في سبتمبر (أيلول) الماضي عن رفع هذا الحظر المفروض منذ 2003 خلال لقاء في نيويورك مع الرئيس سين. ومع ذلك، أبدت الولايات المتحدة «قلقها» إزاء ميانمار «بسبب الفساد واستمرار اعتقال سجناء سياسيين والصلات العسكرية» لنظام نايبيداو مع كوريا الشمالية، إضافة إلى «صراعات عرقية» مستمرة في بعض المناطق، كما أشارت الوزارتان أول من أمس. ونتيجة ذلك، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية 7 شركات جديدة في لائحتها السوداء للأشخاص الطبيعيين أو المعنويين المستهدفين بعقوبات اقتصادية في ميانمار.

ومنذ وصوله إلى الحكم وحل المجموعة العسكرية في مارس (آذار) 2011، زاد الرئيس سين من الإصلاحات وأفرج خصوصا عن مئات السجناء السياسيين، وسمح بعودة زعيمة المعارضة سو تشي التي باتت نائبة إلى قلب اللعبة السياسية. وحملت هذه التغييرات الكبيرة الغرب على رفع جميع العقوبات تقريبا أو تعليقها.

وقد رفعت الولايات المتحدة الحظر عن الاستثمار في ميانمار، بما في ذلك في قطاعي الغاز والنفط المثيرين للخلاف. وتولى سفير أميركي مهام منصبه في يوليو (تموز) الماضي للمرة الأولى منذ 22 عاما.

وأخذ بعض المدافعين عن حقوق الإنسان على أوباما تسرعه في التقارب مع النظام الجديد. فهو أول من قرر في 2009 إعادة فتح الحوار مع المجلس العسكري الذي كان يتولى السلطة آنذاك، آملا إقناعه بإجراء إصلاحات. لكن النواب الأميركيين ساندوا الرئيس الذي أجرى هذا التقارب على مراحل، مدعوما من سو تشي. وقال جو كراولي، النائب الديمقراطي في مجلس النواب والمدافع عن هذه العقوبات منذ فترة طويلة، إن «الكرة الآن في ملعب نظام ميانمار الذي ندعوه إلى الرد بأعمال ملموسة، من خلال الإسراع في الإفراج عن جميع السجناء السياسيين الباقين، والتوصل نهائيا إلى وقف أعمال العنف الإثنية، وتطبيق الإصلاحات الدستورية». من جهته، رحب الجمهوري ميتش ماكونيل بزيارة الاثنين. وقال: «أعتقد أن من الأهمية بمكان القيام بهذه الخطوة».

وقبل يومين من زيارة أوباما، تطرق رئيس ميانمار إلى الأعمال الطائفية التي تطال مسلمي الروهينغا منذ أشهر. وفي خطاب نشرته صحيفة «نيو لايت أوف ميانمار»، ويتضمن ما يبدو جزءا من رسالة بعث بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، كشف الرئيس سين عن أن «من المستحيل التستر» على الأحداث التي وقعت في ولاية راخين منذ يونيو (حزيران) وأسفرت عن 180 قتيلا. وكتب أن أعمال العنف «أوقفت النمو في ميانمار». وأضاف: «بصفتها عضوا في الأمم المتحدة، ميانمار مسؤولة عن تسوية المشاكل الإنسانية ضمن احترام المعايير الدولية»، و«إذا فشلت التسوية، فستفقد البلاد حظوتها على الصعيد الدولي».

وقال مارتن نيسيركي، المتحدث باسم الأمم المتحدة في نيويورك، إن الرسالة التي تسلمها بان كي مون تتعهد بإيجاد تسوية عميقة للملف. وأوضح المتحدث أن ثين سين أكد استعداد حكومته «لتسوية الإبعاد السياسية للنزاع وإعادة السكان المهجرين ومنح الجنسية»، «عندما تهدأ النفوس لدى هذا الطرف وذاك». وأضاف أن نظام ميانمار سيبحث أيضا «المشاكل المتعلقة بتسجيل الولادات وأذونات العمل وأذونات التنقل»، مشيرا بذلك إلى مختلف القيود التي يواجهها الروهينغا في البلاد منذ عقود.