الأمين العام لمجلس الوزراء العراقي: نحتاج لمراجعة نظامنا السياسي

العلاق لـ «الشرق الأوسط» : الدستور لم يحدد صلاحيات رئيس الوزراء

TT

أقر الأمين العام لمجلس الوزراء العراقي، الدكتور علي العلاق، بوجود إشكالية في النظام السياسي والديمقراطي الحالي في العراق، وهو ما ينعكس على أداء السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد، مما يجعل التوتر قائما بينهما لأسباب مختلفة في كثير من الأحيان.

وقال العلاق في حديث لـ«الشرق الأوسط»، جرى في مكتبه داخل الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي في المنطقة الخضراء، إنه «لا يمكن إنكار وجود مثل هذه الإشكالية بين السلطتين، وهي في اعتقادي تتصل بطبيعة النظام الديمقراطي، حيث إنه في الواقع يحتاج إلى مراجعة ووضعه على أسس صحيحة، حيث إن الديمقراطية ليست انتقائية»، مؤكدا أن «هذه المراجعة يجب أن تكون على مستوى وطني من حيث جوانب كثيرة، مثل التوافقية والمحاصصة وطريقة الانتخاب وقانون الأحزاب، وما إذا كانت كل هذه المسائل تساعد في بناء النظام الديمقراطي، بالإضافة إلى الشفافية والمساءلة والمحاسبة والرجل المناسب في المكان المناسب، وما إذا كانت كل هذه الأمور تساعد في بناء النظام الديمقراطي».

واعتبر العلاق أن «التوافقية المعمول بها حاليا في العراق تحولت إلى عائق، ولا تخدم ما أريد لها من أهداف، حيث أدى تصميم الرئاسات بطريقة معينة إلى حدوث تقاطعات، وهو ما أدى بدوره إلى حصول تقاطعات في العمل التشريعي والتنفيذي». وأكد العلاق أن «المشكلة الآن هي أن السلطة التنفيذية تحولت إلى هدف للجميع، بوصفها هي من تمتلك مفاتيح القوة السياسية والجماهيرية، وهو ما يتطلب وضع آليات جديدة». وردا على سؤال عما إذا كان الأفضل للعراق النظام البرلماني أم الرئاسي، قال إن «من الصعب الآن تحديد إطار معين، بل إن المسألة بحاجة إلى مراجعة لأصل تجربة السنوات الماضية». وحول النظام الداخلي لمجلس الوزراء الذي طالما خلق إشكالية بين السلطات في العراق وذلك لجهة عدم إقراره حتى الآن، قال العلاق إن «النظام الداخلي لمجلس الوزراء موجود ومتكامل، لكن لم يتم التصديق عليه حتى الآن بسبب وجود إشكاليات تتعلق بمهامه وهيكله، والأهم صلاحياته وطبيعة اتخاذ القرار، ونحن مستعدون للبرهنة على وجوده، والكابينة الحكومية تعلم بذلك»، مشيرا إلى «وجود سبب رئيسي لا يزال يحول دون إقراره بشكل رسمي، هو تحديد الصلاحيات الخاصة بنواب رئيس الوزراء، وهو أمر بالغ الإشكالية لأنه حتى رئيس الوزراء نفسه ليست لديه صلاحيات محددة، بل هي صلاحيات لمجلس الوزراء». وقال العلاق إن «المالكي طلب أكثر من مرة من نوابه الثلاثة تحديد صلاحياتهم، لكنهم دائما يجدون صعوبة في ذلك، لأن الدستور العراقي أعطى صلاحية لمجلس الوزراء بحيث تمر كل مشاريع القوانين من خلاله»، مستدركا أن «رئيس الوزراء يملك صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة».

وحول الاتهامات الموجهة إلى الحكومة بعدم تقديم الحسابات الختامية إلى البرلمان الذي يعكف الآن على مناقشة الموازنة العامة للدولة، قال العلاق إن «الحسابات الختامية موجودة للسنوات الماضية، وهي مقدمة إلى البرلمان، ولكن لدى ديوان الرقابة المالية ملاحظات، وهذه الملاحظات تأخذ وقتا، ولكنها في كل الأحوال لا يفترض أن تؤخر مناقشة الميزانية» مؤكدا أن «هناك ظروفا استثنائية، منها مثلا حسابات تراكمية لما قبل عام 2003، وهي أمر ينطوي على صعوبات بسبب فقدان وثائق كثيرة، وقد شكل مجلس الوزراء لجنة لهذا الغرض وتوصلت إلى نتائج إيجابية». وحول قضية البنك المركزي العراقي والتداعيات المحتملة لإقالة محافظه سنان الشبيبي، قال العلاق إن «من المؤسف جدا أن يلجأ الدكتور سنان الشبيبي، ومع احترامنا له، إلى تسطيح الموضوع من خلال ما يدلي به من تصريحات هنا وهناك، فالموضوع ليس بهذه البساطة وهو يعلم ذلك جيدا»، مؤكدا أن «المسألة، وبعيدا عن أي تسييس لها، لا تتعلق بمجرد طلب الحكومة مبلغا ماليا من الاحتياطي المالي العراقي في البنك المركزي». وأضاف العلاق أنه «بالإضافة إلى كون هذا الطلب قديما يعود إلى بضع سنوات مضت، أيام كان هناك عجز في الموازنة، فإن الحكومة الآن لديها فائض مالي ولا تحتاج إلى أن تمد يدها إلى الاحتياطي المالكي في البنك المركزي». وبشأن ما يقال عن شخصنة الموضوع مع الشبيبي، نفى العلاق ذلك بشدة قائلا إن «الحكومة ليست لديها أدنى مشكلة شخصية مع الشبيبي، بل إن المشكلة الأساسية هي ضعف إدارة البنك المركزي».

من حيث كل شيء، بما في ذلك الرقابة على النشاطات المصرفية»، مشيرا إلى «إننا طلبنا منه مراقبة أداء كل المصارف بما فيها المصارف الحكومية، لكن عدم وجود رقابة حقيقية أدى في الواقع إلى إهدار أموال طائلة من البلاد، بلغت خلال السنوات الماضية أكثر من 200 مليار دولار». وحول جوهر المشكلة مع البنك المركزي، قال العلاق إن «جوهر المشكلة في الواقع هو رفض البنك المركزي تفعيل آليات الرقابة، حيث أدى ذلك إلى فقدان السيطرة على نشاطات المصارف وعمليات التحويل الخارجي، مشيرا إلى أن «الحكومة التزمت الصبر في قضية البنك المركزي، وذلك من خلال مطالبتنا بأن ندفع باتجاه الحل الصحيح، لكن البنك رفض تعيين مفتش عام للبنك، كما أننا طلبنا تفعيل قانون غسل الأموال، وقد رفضها أيضا». وأوضح العلاق أنه أخبر الشبيبي يوما بأن «قضية البنك المركزي سوف تتحول يوما إلى أكبر ملف فساد على المستوى الوطني».