الكنيسة الأرثوذكسية تقيم مراسم تجليس البابا الجديد من دون مظاهر احتفالية

غاب عنها مرسي وشارك رئيس وزرائه في جزء منها

الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء المصري يهنئ البابا تواضروس الثاني بتجليسه في الكاتدرائية المرقسية أمس (إ.ب.أ)
TT

في حفل بسيط غابت عنه المظاهر الاحتفالية حدادا على 51 طفلا مصريا لقوا مصرعهم في حادث مروع، أول من أمس، شهدت الكاتدرائية المرقسية أمس مراسم تجليس البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، الذي اختير في القرعة الهيكلية التي جرت يوم 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، لاختيار البابا رقم 118 في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية خلفا للبابا الراحل شنودة الثالث الذي توفي في شهر مارس (آذار) الماضي.

وفيما غاب الرئيس محمد مرسي عن الحضور، شارك رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل لبعض الوقت في المراسم، بعد أن حضر متأخرا لأكثر من ساعتين عن بدء المراسم، بينما أوفد الرئيس مرسي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية السفير محمد رفاعة الطهطاوي مندوبا عنه.

وبدأت مراسم التجليس بقداس أقامه عدد من الأساقفة والمطارنة في القاعة الكبرى بالكاتدرائية شارك فيه الحضور، الذين بدأوا توافدهم على مقر الكاتدرائية الذي أحاطت به من الخارج إجراءات أمنية مشددة، فيما تولت فرق الكشافة الكنسية تنظيم دخول الضيوف وإرشادهم إلى أماكنهم.

وتم وضع مجموعة موسيقية تعزف الترانيم المسيحية في استقبال الضيوف، الذين تم تقسيم جلوسهم بالكاتدرائية إلى قطاعات بألوان مختلفة لكل قطاع، وتكون دعوته بنفس اللون.

وفي الثامنة والنصف من صباح أمس، خرج من المقر البابوي موكب كنسي يتقدمه الشمامسة، وتبعهم الأساقفة والمطارنة، الذين اصطفوا على جانبي الطريق بملابس الخدمة البيضاء، ليمر من وسطهم البابا تواضروس الثاني بملابس الرهبان السوداء، يرافقه الأنبا باخوميوس أسقف البحيرة قائمقام البطريرك، وصعد الموكب إلى قاعة الاحتفالات الكبرى في الكاتدرائية.

وعند مدخل الكاتدرائية سلم الأنبا باخوميوس قائمقام البطريرك مفتاح الكاتدرائية، وهو على شكل صليب ذهبي، للبابا تواضروس الثاني الذي فتح به البابا مرددا صلوات شكر لله، قبل أن يدخل الموكب قاعة الكاتدرائية وسط تصفيق حاد من الحضور، فيما دقت أجراس الكنيسة احتفالا بالحدث التاريخي.

وتقدم البابا تواضروس الثاني ومعه الأنبا باخوميوس وعدد من الأساقفة إلى المذبح، وسط ترديد الترانيم والصلوات القبطية، حيث بدأ القداس الذي رأسه الأنبا باخوميوس، وجلس البابا تواضروس الثاني على كرسي في وسط المذبح، وتلا الأنبا باخوميوس وعدد من الأساقفة صلوات خاصة بمراسم وطقوس التجليس، وكان لافتا بكاء البابا تواضروس الثاني خلال تلك الصلوات.

وقال الأنبا باخوميوس: «ندعوك يا أنبا تواضروس بابا وبطريركا ورئيس أساقفة الكرازة المرقسية»، وكررها ثلاث مرات، قبل أن يضع على رأسه غطاء الرأس البابوي، ويسلمه الملابس البيضاء الخاصة بالبابا رقم 118 في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية.

ثم سلم الأنبا باخوميوس قائمقام البطريرك، البابا تواضروس الثاني «تقليد رئاسة الكهنوت للكنيسة الأرثوذكسية» وسط تصفيق حاد من الحضور. وتناوب عدد من الأساقفة والمطارنة ورؤساء الطوائف المسيحية المختلفة على قراءة بعض الصلوات الخاصة أمام البابا تواضروس الثاني، قبل أن يساعده في ارتداء ملابس البطريرك التي تم تفصيلها خصيصا في أحد الأديرة لهذه المناسبة.

وضع باخوميوس على رأس البابا الجديد تاج البابوية الذي يعلوه الصليب، وسلمه عصا الرعاية الخاصة بالبابا وصليبا ذهبيا كبير الحجم، وسط هتافات وتصفيق الحضور ودق أجراس الكاتدرائية، وأعلن الأنبا باخوميوس رسميا تجليس البابا تواضروس الثاني على الكرسي البابوي، ليتوافد عليه المهنئون من الأساقفة وكبار رجال الكنيسة، وقد تلقى تهنئة حارة من الأنبا رفائيل أسقف كنائس وسط القاهرة الذي كان منافسه في القرعة الهيكلية حيث تعانقا لبضع دقائق.

وصعد الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء إلى المنصة المقامة في الكاتدرائية لتهنئة البابا تواضروس الثاني بتجليسه، وصافح رئيس الوزراء البابا الجديد وهنأه وتبادل معه حديثا قصيرا قبل أن يغادر قاعة الكاتدرائية.

وفي كلمته خلال مراسم التجليس، أكد الأنبا باخوميوس أنه لا يوجد صراع على السلطة في الكنيسة الأرثوذكسية. وقال: «بعد أن تسلمنا مسؤولية الكنيسة في الفترة السابقة نسلمها إلى البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية ونعود إلى ابراشيتنا صغارا وخداما تحت قدمي البابا»، ليبكي البابا الجديد تأثرا بكلمة معلمه الأنبا باخوميوس.

وقال الأنبا باخوميوس «كنيستنا هي كنيسة أم، وليست عاقرا ولكنها تلد أجيالا وراء أجيال وما تسلمناه من أجدادنا نحرص على تسليمه للأجيال القادمة، مضيفا أن البابا تواضروس الثاني لديه الكثير ليقدمه للكنيسة ولمصر مسلميها ومسيحييها وأئمتها وكهنتها».

من جانبه، أكد البابا تواضروس الثاني أن أمامه عمل كبير وواجب كبير تجاه كل المصريين المسيحيين والمسلمين، ودعا الله أن يوفقه في مهمته الجديدة. وأضاف في كلمته التي ألقاها نيابة عنه الأنبا باخوميوس: «نمد قلوبنا إلى الأديان فنحن مع خدمة الإنسان لأن الدين للديان والوطن للإنسان».

ودعا البابا تواضروس الثاني إلى التعاون الصادق والمحبة الحقيقية بين البشر. وقال: «العالم صار جائعا ومشتاقا للسلام، باحثا عن القيم الروحية التي نشترك فيها مع المسلمين، بعدما قاسى من العنف والإرهاب والقسوة وإهدار الحقوق الإنسانية».

وقال البابا تواضروس الثاني: «نشارك إخوتنا في غزة آلامهم، وننقل تعازينا إلى أبنائنا في أسيوط الذين تعرضوا أمس لحادث أليم، ونرجو الرحمة للجميع».

وأضاف البابا تواضروس الثاني: «إننا نخدم مصرنا التي تحبها ونرجو لها سلاما، ونتقدم بالشكر إلى الرئيس محمد مرسي، ورجال الدولة على مشاعرهم الطيبة ونشكر الضيوف الأجانب وكنائس العالم أجمع، ورجال الأزهر وكل إخوتنا المسلمين في مصر وخارجها لمشاعرهم الطيبة تجاه الكنيسة».

وشارك في حضور القداس السفير محمد رفاعة الطهطاوي رئيس ديوان رئيس الجمهورية مندوبا عن الرئيس المصري، والدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء، والدكتور سمير مرقص مساعد رئيس الجمهورية لشؤون التحول الديمقراطي، والدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة، واللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية، واللواء أحمد زكي عابدين وزير التنمية المحلية، والدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء الأسبق، والمرشحان الرئاسيان السابقان عمرو موسى وحمدين صباحي، والدكتور محمد البرادعي مؤسس حزب الدستور، وفاروق العقدة محافظ البنك المركزي، ومحافظ القاهرة الدكتور عبد القوي خليفة، ومحافظ الجيزة الدكتور علي عبد الرحمن، وسامح عاشور نقيب المحامين، بالإضافة إلى عدد من الوزراء السابقين، وعدد من السفراء الأجانب المعتمدين بالقاهرة، إضافة إلى وفد من جماعة الإخوان المسلمين يرأسه الدكتور عبد الرحمن البر عضو مكتب إرشاد الجماعة.

واختير البابا تواضروس الثاني بابا للإسكندرية بطريركا للكرازة المرقسية في القرعة الهيكلية التي جرت يوم 4 نوفمبر الحالي بين ثلاثة مرشحين، حيث قام طفل معصوب العينيين بسحب الورقة التي تحمل اسم البابا الجديد من إناء زجاجي وضعت فيه ثلاث أوراق تحمل أسماء المرشحين الثلاثة (الأنبا رفائيل أسقف كنائس وسط القاهرة، والراهب القمص رفائيل أفامينا، إضافة إلى البابا تواضروس الثاني الذي كان يشغل منصب أسقف عام البحيرة).