تركيا: أوجلان ينهي إضراب أنصاره عن الطعام بعد لقائه مسؤولين في الاستخبارات

الحركة الاحتجاجية استمرت 68 يوما وأربكت حكومة أردوغان

TT

توقفت حركة الإضراب عن الطعام التي ينفذها معتقلون أكراد في السجون التركية أمس غداة توجيه زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله أوجلان رسالة إلى أنصاره يدعوهم فيها إلى وقف حركة احتجاجهم المتواصلة منذ 68 يوما.

وقال الممثل عن الناشطين المضربين عن الطعام دينيز كايا من سجنه لوكالة أنباء «فرات نيوز» المقربة من الأكراد: «إننا نأخذ في الاعتبار النداء الذي وجهه عبد الله أوجلان ونضع حدا لتحركنا اعتبارا من 18 نوفمبر (تشرين الثاني)». وكان أوجلان دعا أول من أمس إلى وقف حركة الإضراب عن الطعام، كما أعلن شقيقه محمد الذي زاره في السجن بحسب ما أوردته وكالة أنباء الأناضول. وقال أوجلان أثناء هذه الزيارة بحسب إعلان خطي لمحمد أوجلان، إن «حركة الإضرابات عن الطعام تحمل دلالات كبيرة جدا. إن هذا العمل حقق هدفه. أود أن تضعوا حدا لعملكم من دون تأخير».

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، بدأت حركة الإضراب عن الطعام في 12 سبتمبر (أيلول) وينفذها نحو 700 معتقل سجنوا لعلاقاتهم مع انفصاليي حزب العمال الكردستاني الذي أعلن كفاحا مسلحا ضد أنقرة منذ 1984. والناشطون الأكراد يطالبون أولا بإنهاء العزلة المفروضة على الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان الذي يمضي منذ 1999 عقوبة بالسجن مدى الحياة، وتحسين مصير الأقلية الكردية، وخصوصا الاعتراف بلغتهم.

وهذه الحركة التي كان من الممكن أن تؤدي إلى وفاة بعض المضربين، خصوصا من المجموعة الأولى في رأي عدد من الأطباء، تضع الحكومة الإسلامية المحافظة برئاسة رجب طيب أردوغان في حالة من الارتباك، كما من شأنها أن تؤجج التوتر في جنوب شرقي تركيا المأهول بغالبية كردية.

وعبد الله أوجلان (62 عاما) مسجون في سجن جزيرة إيمرالي في بحر مرمرة (شمال غربي) منذ توقيفه في 1999. وحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، تعتبره تركيا مسؤولا عن مقتل أكثر من 45 ألف شخص منذ أن حمل السلاح قبل ثلاثين عاما للحصول على الحكم الذاتي للأكراد في تركيا.

وقدم حزب السلام والديمقراطية (موال للأكراد) دعمه للدعوة إلى وقف الإضراب عن الطعام التي أطلقها عبد الله أوجلان. وصرحت غولتن كيساناك التي تشارك في الرئاسة الثنائية لهذا الحزب المؤيد للأكراد في تركيا لوكالة أنباء الأناضول، بأن «المضربين أوقفوا حركتهم منذ هذا الصباح (الأحد)، وأن بعضهم سينقل إلى المستشفى».

وقامت الحكومة الإسلامية المحافظة في تركيا برئاسة حزب العدالة والتنمية بمبادرة الثلاثاء في محاولة لوقف موجة الاحتجاجات هذه، وذلك عبر تقديمها مشروع قانون يسمح للأكراد بالدفاع عن أنفسهم بلغتهم الأم أمام المحاكم. ويسمح مشروع القرار لمعتقل كردي بـ«استخدام» لغة أخرى (غير اللغة التركية) إذا أراد للدفاع عن نفسه في مواجهة اتهامات وجهت إليه في المحاكم. وسيتم التصويت هذا الأسبوع على هذا المشروع في البرلمان حيث يتمتع حزب العدالة والتنمية بالغالبية. واعتبر الناشطون في القضية الكردية أن هذا القرار غير كاف ويطالبون أولا بإنهاء العزلة المفروضة على أوجلان المحظور عليه من أكثر من عام ونصف العام مقابلة محاميه.

والطريقة التي انتهت بموجبها حركة الإضراب عن الطعام تشير أيضا إلى الموقف القوي لأوجلان الذي يبقى على الرغم من سجنه قائدا فاعلا لا يمكن الالتفاف عليه في النزاع الكردي في تركيا.

وقد استخدم أردوغان طيلة حركة الإضراب لغة الحزم ورفض الانصياع لما سماه «مسرحية» المضربين عن الطعام. وقال بشكل خاص إن «حكومتنا لن ترضخ للابتزاز»، مهددا بإطعام الناشطين الذين وصلوا إلى أقصى درجات الإعياء بالقوة. إلا أن أوجلان اتخذ قرار وقف حركة الاحتجاج عبر الإضراب عن الطعام، بعد ثلاثة لقاءات في إيمرالي مع مسؤولين في الأجهزة السرية التركية، كما ذكرت صحيفة «راديكال». وحسب وكالة «رويترز»، قالت الصحيفة «ذهب وفد إلى إيمرالي ثلاث مرات. وشارك مسؤول كبير من جهاز المخابرات الوطني في إحدى هذه الزيارات، وتم طلب تدخل أوجلان لإنهاء الإضراب عن الطعام».

واستمرار حركة الإضراب سينعكس وقعه سلبيا جدا على سمعة تركيا في الخارج. ومنذ تسلمها السلطة في 2002 منحت حكومة «العدالة والتنمية» الإسلامية المحافظة مزيدا من الحقوق الثقافية واللغوية للأكراد. وتأتي حركة الاحتجاج في السجون، الأولى التي تواجهها، في وقت تكثفت فيه المعارك بين الجيش وحزب العمال الكردستاني في جنوب شرقي البلاد.. فقد قتل خمسة جنود أتراك وأربعة متمردين في معارك وقعت في وقت مبكر أمس في منطقة ريفية في سمدينلي (محافظة هكاري)، كما أعلنت المحافظة المحلية.