أوباما يبدأ جولته الآسيوية بزيارة تايلاند.. ويدافع عن ذهابه إلى بورما

«آسيان» تسعى لإقامة جبهة لمواجهة طموحات الصين.. وتمتنع عن اتهام بورما بـ«إبادة» الروهينغيا

أوباما يكتب تعليقا في سجل الزوار بمقر الحكومة التايلاندية في بانكوك أمس بينما تقف إلى جواره رئيسة الوزراء ينغلوك شيناواترا (رويترز)
TT

بدأ الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس جولة آسيوية تشمل ثلاث دول، بزيارة لتايلاند أمس مستخدما أولى رحلاته الخارجية بعد الانتخابات لمحاولة إظهار جديته بشأن تحويل تركيز الاستراتيجية الأميركية ناحية الشرق.

ويشمل جدول أوباما زيارة تاريخية لميانمار التي كانت معزولة في وقت من الأوقات، وحضور قمة شرق آسيا في كمبوديا في مسعى منه لإعادة تقييم الالتزامات الاقتصادية والأمنية الأميركية لمواجهة النفوذ الصيني في وقت تخرج فيه من حربين في العراق وأفغانستان.

وحطت طائرة الرئيس الأميركي في مطار دون مويانغ في العاصمة التايلاندية عند الساعة 15.00 (8.00 تغ). وفي زيارة خاصة لمعبد «وات فو» الملكي في بانكوك رافق راهب أوباما ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال جولتهما في المعبد.

وسمع أوباما وهو يقول للراهب: «نحن نعمل على هذه الميزانية، سنحتاج لكثير من الصلاة من أجل ذلك»، في إشارة إلى أزمة مالية في واشنطن بشأن زيادة الضرائب وخفض الإنفاق قد تبدأ في نهاية العام إلا إذا توصل أوباما والجمهوريون في الكونغرس إلى اتفاق، حسب ما أوردته وكالة «رويترز».

وجرى تشديد الإجراءات الأمنية في مطار دون مويانغ القديم في بانكوك استعدادا لوصول أوباما لكن هذه الإجراءات لم تكن ملحوظة في المعبد الذي يمثل المركز التاريخي للمدينة على الرغم من أن الطرق حول المبنى كانت مغلقة ولم يسمح للسائحين بدخوله. وأغلقت الشرطة طريق «مهارات» أمام حركة المرور للسماح للوفد المرافق للرئيس بجولة حصرية في المعبد الذي يرجع إلى 200 عام.

وقال ينيونغ توانفيروغ، وهو بائع متجول منذ 40 عاما: «هذه هي أول مرة أراهم فيها يغلقون الشارع لرئيس دولة أجنبية».

وبعد زيارة المعبد، توجه أوباما للقاء الملك بومبيون أدولياديغ (84 عاما) أطول ملوك العالم بقاء في الحكم الذي يرقد في المستشفى حيث يتعافى من مرض منذ سبتمبر (أيلول) 2009.

وجعل الحديث الهادئ للملك أوباما يبتسم، ورد الرئيس قائلا: «الانتخابات في الولايات المتحدة طويلة جدا لكن من الممتع جدا أن أعرف أن الناس لا تزال لديهم ثقة في»، وأضاف: «فكرت أن من المهم جدا أن تكون زيارتي الأولى بعد الانتخابات لتايلاند التي هي حليف كبير».

ثم توجه موكب أوباما إلى مقر الحكومة حيث استعرض حرس الشرف، وعقد بعده محادثات مع رئيسة الوزراء ينغلوك شيناواترا، حيث عقدا مؤتمرا صحافيا أكدت خلاله المسؤولة التايلندية أن بلادها ستنضم إلى محادثات تعزيز الروابط التجارية مع الولايات المتحدة ودول أخرى بمقتضى اتفاقية شراكة عبر المحيط الهادي.

ويجري التفاوض بشأن الاتفاقية التجارية بين الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا وتشيلي وبيرو وفيتنام وسنغافورة وماليزيا وبروناي وانضمت كل من كندا والمكسيك للمفاوضات في الآونة الأخيرة.

وتهدف الاتفاقية لإزالة الحواجز التجارية وتجاوز نطاق الاتفاقيات الثنائية الحالية والمعاهدات الأخرى. ويخشى البعض في تايلاند من أن تتعارض أحكام تلك الاتفاقية مع القواعد الحاكمة للمجتمع الاقتصادي لجنوب شرقي آسيا التي ستدخل حيز التنفيذ في 2015.

وقد وقع وزيرا الدفاع في تايلاند والولايات المتحدة يوم الخميس الماضي اتفاقا لتعزيز التعاون العسكري، إلا أنه لم يكن هناك حديث عن السماح للولايات المتحدة بإقامة قاعدة دائمة على الأراضي التايلاندية.

وتعتبر الإدارة الأميركية تايلاند حليفا رئيسيا من أجل إعطاء دفعة «لمحور آسيا»، الذي أعلن عنه أوباما العام الماضي واضعا نصب عينيه الصين التي تزداد نفوذا وقوة. واختياره لجنوب شرقي آسيا في أول جولة خارجية له منذ انتخابه لفترة ثانية في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يستهدف إظهار اعتزامه الوفاء بتعهده بتعزيز العلاقات مع واحدة من أسرع مناطق العالم نموا، وهي استراتيجية يعتبرها معاونوه حاسمة لتراثه الرئاسي وهي ثاني رحلاته إلى آسيا فيما يزيد قليلا على العام.

وتعتبر القواعد الجوية والمرافئ في تايلاند حيوية بالنسبة للشبكة العسكرية الأميركية في آسيا، وينفذ البنتاغون فيها سنويا مناورات عسكرية من بينها عملية «كوبرا غولد» التي شارك فيها العام الماضي 13 ألف جندي من 24 بلدا.

وللمرة الأولى، قد تتم دعوة بورما للمشاركة بصفة مراقب في مناورات العام المقبل، في مؤشر جديد على التقارب بين الولايات المتحدة وبورما التي يصل إليها أوباما اليوم في أول زيارة من نوعها لرئيس أميركي للبلاد التي تعرف أيضا بميانمار في علامة فارقة جديدة على طريق تقارب واشنطن مع الدولة التي كانت منبوذة في السابق حيث يجري انتقال هش بعد عقود من الحكم العسكري.

وهنأ أوباما أمس بورما بإصلاحاتها، مؤكدا أن زيارته لرانغون تهدف إلى تشجيع الحكومة على القيام بمزيد من الخطوات على طريق إرساء الديمقراطية.

وأكد أوباما أن «لا أوهام» لديه أن العملية الانتقالية في بورما لم تنته بعد وأنه لا يزال أمام هذا البلد «مسيرة طويلة» على الصعيد السياسي.

وتعرض الرئيس الأميركي في الأيام الأخيرة لانتقاد منظمات تدافع عن حقوق الإنسان كونه يظهر دعما قويا لبلد لا يزال يشهد أعمال عنف طائفية بين البوذيين وأقلية الروهينغيا المسلمة أدت إلى 180 قتيلا منذ يونيو (حزيران) الماضي.

وردا على سؤال عن مسارعته إلى القيام بهذه الزيارة، بعد عام ونصف عام فقط من وصول الرئيس البورمي ثين سين إلى السلطة، شدد أوباما أمس على أن «هناك عزما (في بورما) على القيام بإصلاحات سياسية جديدة».

ومن المقرر أن يلتقي أوباما بنظيره سين ثين، الذي قام بعدد من الإصلاحات منذ حل المجلس العسكري الحاكم في مارس (آذار) 2011، وزعيمة المعارضة أونغ سان سو تشي الحاصلة مثل أوباما على جائزة نوبل للسلام، كما سيلقي خطابا في جامعة رانغون التي شهدت تحركات طلابية في 1988 قمعتها السلطات بعنف.

أما في كمبوديا، فقد قال البيت الأبيض مساء أول من أمس إن الرئيس الأميركي سيعبر عن «قلقه» من وضع حقوق الإنسان في هذا البلد عند لقائه رئيس الوزراء هون سن.

وقال بن رودس مساعد مستشار الأمن القومي لأوباما: «نذهب إلى كمبوديا للمشاركة في قمة (شرق آسيا) وأعتقد أنه من الصحيح القول إنه ما كانت ستنظم زيارة ثنائية» لولا هذا الاجتماع المتعدد الأطراف.

وتابع رودس على متن الطائرة الرئاسية المتوجهة إلى تايلاند: «نحن قلقون جدا بشأن حقوق الإنسان في كمبوديا»، مؤكدا أن «الرئيس سيثير بالتأكيد هذه المسألة عندما يلتقي هون سن»، وأضاف: «سنثير هذه المسألة ونستخدم كل الفرص الممكنة لذلك».

وكانت منظمة «هيومان رايتس ووتش» دعت أوباما قبل أيام إلى الضغط على رجل كمبوديا القوي الذي يحكم البلاد منذ 1985 لإنهاء نظام «العنف والتسلط» هذا القائم منذ سنوات.

وتستضيف كمبوديا قمة «آسيان» الـ21 التي انطلقت أعمالها أمس وقمة دول شرق آسيا السابعة واجتماعات متعلقة بها حتى يوم غد الثلاثاء.

ودعت رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، التي تضم إندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند وبروناي وفيتنام ولاوس وبورما وكمبوديا، الصين أمس إلى البدء سريعا بمحادثات على مستوى عال حول طريقة إدارة الخلافات البحرية في المنطقة، في مسعى لإقامة جبهة موحدة لمواجهة طموحات جارتها النافذة.

وفي سياق متصل، امتنع شركاء بورما في رابطة «آسيان» عن اتهامها بارتكاب عملية «إبادة» بحق أقلية الروهينغيا المسلمة. ولم يتبن الأمين العام للرابطة هذا المصطلح. وقال سورين بيتسوان لوكالة الصحافة الفرنسية قبل افتتاح القمة في بنوم بنه أمس: «يمكن أن أتحدث عن اتجاه مقلق للعنف الإتني قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة».