في الضفة هتفوا غير مصدقين: الصواريخ وصلت للقدس

المنتشون الشامتون بإسرائيل فجروا مفرقعات في الهواء ووزعوا الحلوى على المارة

TT

حين دوت صفارات الإنذار في القدس، وفي مستوطنات قريبة من رام الله وبيت لحم، هرع فلسطينيون في المدينتين الأقرب إلى «العاصمة»، إلى المحلات، واشتروا مفرقعات نارية وبعض الحلويات، وفجروا الأولى، ووزعوا الثانية على المارة، ابتهاجا بوصول الصواريخ.

كان المشهد يختصر نشوة كبيرة لم يعتدها الفلسطينيون، الذي ذاقوا مرارة الاحتلال لسنوات طويلة. ربما كانت الشماتة في إسرائيل بادية على كل وجه أولئك الذي يناصرون حماس، أو حتى الذين يختلفون معها جدا، أو يكرهونها. ومن يتابع صفحات التواصل الاجتماعي على «فيس بوك» و«تويتر» يعرف إلى أي حد دبت «فوضى الفرح» في قلوب الفلسطينيين في الضفة، بمن فيهم عناصر حركة فتح، الخصم اللدود لحركة حماس.

«الصواريخ وصلت للقدس»، هتف البعض وصرخ بارتباك شديد لا يخلو من الدهشة. وأراد البعض الرقص وأراد آخرون البكاء. كانت مشاعرهم مختلطة، وكتب شعراء يعبرون عن ذلك على «فيس بوك». باختصار كان الفلسطينيون يشعرون لأول مرة بأن إسرائيل هي التي تحت الهجوم وليس غزة.

وقال علي، الذي يبيع المفرقعات سرا «هجم الناس حتى قبل أن يعرفوا أين سقطت الصواريخ.. اشتروا مفرقعات وفجروها في السماء ابتهاجا بسماع صفارات الإنذار». وسأل أحدهم آخر «أين سقطت الصواريخ؟»، فرد عليه بصوت مفعم بالفرحة «في القدس في القدس، يمكن في غيلو» (مستوطنة جنوب القدس). وتدخل آخر «لا لا هناك حريق كبير في (المخرور) وهي (منطقة في بيت جالا)»، قبل أن تشير الأخبار إلى سقوط صاروخ في التكتل الاستيطاني «غوش عتصيون» بين بيت لحم والخليل، وصاروخ شمال القدس، وينكشف أن الدخان المتصاعد من المخرور كان مجرد حريق.

وأقسم شهود عيان في الشوارع بأنهم شاهدوا الصاروخ، وسمع كثيرون صوت انفجاره، اتصلوا ببعضهم ليغيظ كل منهم الآخر «أنا شاهدت الصاروخ». وقال خليل «والله لو أستطيع لذهبت إلى عتصيون لتقبيله (الصاروخ)».

وفي بعض الشوارع أطلقت أبواق السيارات أصواتها من دون توقف. وحتى الفلسطينيون الذين يعيشون في القدس نسوا أنهم يقطنون بين اليهود وتحت سيفهم، فخرجوا في الشوارع ووزعوا الحلوى سرا وعلانية.

كان أهل الضفة يتلقفون الأخبار تباعا، وفي كل بيت ومحل تغطي الفضائيات تفاصيل التفاصيل، والنقاش عال حتى في الشوارع. وأحدهم منبهر «بالنصر»، وآخر «يخشى المفاجآت»، وثالث «يلعن الضفة التي لا تتحرك» من وجهة نظره. ويناقش الجميع أسباب الحرب ونتائجها، من الذي ربح ومن الذي خسر بين الطرفين، وحتى أيضا فلسطينيا.

وغطت أخبار الصواريخ «الفلسطينية» على أخبار «الألم» في غزة، لكنها لم تُنس أهل الضفة مصائب القطاع المستمرة. وخرج الفلسطينيون مرارا في كل المدن تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على القطاع. خرجوا هذه المرة موحدين خلافا لما كان عليه الوضع في حرب 2008، فقد اشتبكت أيدي الخصوم من حركتي فتح وحماس، الذين كانوا حتى الأمس يشتمون بعضهم بعضا، وخرجوا معا يهتفون لنصرة غزة. ورفعوا لافتات ضد العدوان، هتفوا للوحدة والنصر، وأشعلوا الشموع للضحايا.

البعض لم يكتف بذلك، فذهب «يفش الغل (يروي غليله)» في جنود إسرائيليين قريبين، فتفجرت اشتباكات في نابلس عند حاجز حوارة، وفي عوريف جنوبا، وقرب سجن عوفر الإسرائيلي غرب رام الله، وعلى معبر الجلمة في جنين، وعند بوابة الخضر جنوب بيت لحم.

ودوت أبواق سيارات الإسعاف التي تنقل الجرحى للمشافي، ذهابا وإيابا، واختلط الأمر على البعض، أهي أصوات سيارات الإسعاف أم صفارات الإنذار؟ وفي الأثناء وصلت أخبار جديدة، دوت صفارات الإنذار مرة أخرى في تل أبيب.

كانت بعض الإذاعات تبث أغنية جديدة «اضرب اضرب في تل أبيب»، وتناقلت وسائل الإعلام عن مصادر إسرائيلية قولها إنه «صاروخ مختلف».