اشتباكات بين مقاتلين أكراد ومسلحين برأس العين توقع 5 قتلى

TT

تضاربت المعلومات حول هوية المسلحين الذين اشتبكوا أمس مع قوة كردية في مدينة رأس العين في شمال سوريا، ففي حين أعلنت محطة «سكاي نيوز» أن «أربعة من عناصر الجيش السوري الحر قتلوا خلال اشتباكات مع حزب العمال الكردستاني بمدينة رأس العين»، أوضح قيادي كردي أن «الاشتباك وقع بين مقاتلين أكراد ومجموعة تكفيرية (متطرفة) دخلت من تركيا».. بينما أكد آخر إطلاق نار على مظاهرة مما أسفر عن مقتل عدد من المتظاهرين بينهم رئيس مجلس شعب غرب كردستان عايد خليل وإصابة العشرات، بينما أكد مصدر في الجيش الحر أن «الاشتباكات حصلت نتيجة صراع قوي في تلك المنطقة»، معبرا عن «هواجس من تصرفات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي».

ونفى مسؤول الإعلام في حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» نواف خليل، أي وجود لحزب العمال الكردستاني في منطقة رأس العين. وروى خليل لـ«الشرق الأوسط» ما جرى، قائلا «صباح اليوم (أمس) وجه رئيس المجلس الشعبي في مدينة رأس العين عايد خليل نداء إلى الناس ونظم مظاهرة حاشدة، وتوجه على رأس جموع غفيرة من القوى السياسية والشعبية الكردية إلى وسط المدينة لإقامة ما يشبه المهرجان لدعوة النازحين من أبناء المدينة للعودة إليها، لكن ما إن وصلت طلائع المظاهرة حتى انهال عليها الرصاص من قبل مجموعة تكفيرية مسلحة كانت دخلت من تركيا إلى المدينة، مما أدى إلى استشهاد عايد خليل على الفور وجرح خمسة آخرين، فردت وحدة حماية الشعب على مصدر النيران، ودارت اشتباكات عنيفة أدت إلى مقتل خمسة من المسلحين وجرح عشرة آخرين». وأوضح خليل أن «العميد المنشق مصطفى الشيخ أعلن أن هؤلاء المسلحين عبارة عن مجموعة تكفيرية لا تمت إلى الجيش الحر بصلة، وهذا الجيش والثوار براء منهم»، مشيرا إلى أنه «لا صراع بين الأكراد والجيش الحر لأن كل الأكراد هم جيش حر ويدافعون عن سوريا في وجه النظام السوري».

وسأل خليل: «ما هو الدافع لوجود هؤلاء المسلحين في رأس العين المحررة والخالية من أي عنصر أمني أو عسكري تابع للنظام؟! إذا كان هؤلاء يرغبون في قتال النظام فلماذا لم يتوجهوا إلى حلب أو إلى حمص أو دمشق؟!»، نافيا ما تطلقه بعض الفضائيات عن أن رأس العين هي «مدينة استراتيجية»، متهما الدولة التركية بالوقوف وراء هذه المجموعات وإدخالها إلى المناطق الكردية من أجل التوتير وإثارة الفوضى فيها، لأن القلق ينتابها من إقامة نوع من الحكم الذاتي الكردي في سوريا. وأضاف أنه «إذا دخلت هذه المجموعات من جديد فسيكون كل الشعب الكردي في مواجهتها، لن نسمح لهم بالبقاء في رأس العين مهما كلف الثمن، ولن نسمح لهم بالدخول إلى المناطق العربية في الداخل السوري، كي لا يفتعلوا معارك ويفرضوا شروطهم وسنحاربهم بكل ما أوتينا من قوة».

لكن شيرزاد اليزيدي، الناطق الرسمي باسم مجلس شعب غرب كردستان، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مقتل رئيس مجلس الشعب كان برصاصات من قناصة تابعين للجيش الحر، وكانت مجموعاتهم تقوم في الفترة الأخيرة باستفزازات عديدة ضد عناصر الحماية الشعبية، وكانوا يطلبون من الأهالي دائما أن ينزلوا العلم الكردي عن المباني، وكنا نحاول ضبط النفس لعدم إعطاء ذريعة لهم لحدوث مواجهات.. ولكن يبدو أنهم أصروا على المواجهة وسيتحملون نتائج ذلك». كما قالت مصادر محلية بالمدينة إن «أربعة مسلحين من الجيش الحر قتلوا في المواجهات الدامية التي شهدتها المدينة أمس».

من جانبه، أكد القيادي بحزب اليسار الديمقراطي الكردي السوري شلال كدو لـ«الشرق الأوسط» أنه «في ظل الفوضى العارمة التي تشهدها المدن السورية، اختلطت الأجندات واختلفت المؤامرات على شعبنا الكردي، وباتت تلك المخططات والأجندات واضحة المعالم من خلال التصعيدات المتكررة مؤخرا بالمناطق الكردية.. فهناك العديد من الفصائل التابعة للجيش الحر لا أحد يعرفهم باتوا يسيطرون على الميدان، ومن هاجموا أمس مدينة رأس العين يعتقد أنهم من جماعة (جند الشام) دخلوا إلى مناطقنا عبر الحدود التركية. والمشكلة أنه ليست هناك قيادة مركزية للجيش الحر حتى يعرف الناس توجهاتها ونشاطاتها، وللأسف فإن هذه المواجهات الدامية تخدم بالمحصلة النظام الحاكم بدمشق، وهناك من يعتقد أن لهذه المجموعة التابعة لـ(جند الشام) مصلحة تتوافق مع مصلحة النظام بتحويل المناطق الكردية إلى منطقة غير آمنة، بعد أن كانت مناطقنا الكردية تستقبل يوميا عشرات العوائل الهاربة من بطش النظام في حلب وحمص ودمشق وغيرها من المدن السورية التي تدكها قوات النظام الديكتاتوري الحاكم بدمشق».

من جهته، أعلن مصدر قيادي في الجيش السوري الحر، أن «هناك صراعا قويا بين عناصر من الجيش الحر، وعناصر مسلحة غير تابعة للجيش الحر، لكنهم بالتأكيد ليسوا من حزب العمال الكردستاني». وأكد القيادي لـ«الشرق الأوسط» أن «قيادة الجيش الحر تقوم بمساع لتهدئة الوضع، والتوحد من أجل أن يكون الرصاص موجها إلى نظام بشار الأسد وحده». وقال إن «الشعب السوري والثوار والجيش الحر جميعا ينظرون إلى الأكراد كشعب غني بالنخب وبالمثقفين، لكن هناك هواجس عند البعض من أن هناك داخل الصف الكردي من يعمل من أجل الانفصال في أقصى الشمال الشرقي لسوريا، ولا نخفي أن ثمة هواجس من تصرفات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي يتسلح، وقد علمنا أن النظام يسلمه بعض المواقع التي ينسحب منها، وهذا دليل على أن النظام يخلق بؤر صراع وتوتر في المنطقة بعد انسحابه ويشجع على أن يقاتل السوريون بعضهم بعضا». وأضاف القيادي: «نحن كجيش حر ندرك أن الإخوة الأكراد ليسوا سعاة انفصال، ولديهم ما يكفي من النضج لمستقبل سوريا، لكن عليهم أن يوضحوا ذلك»، مشيرا إلى أن «ميل الأكراد إلى الثورة وانخراطهم فيها أمر لا لبس فيه، لكن هناك حاجة ملحة إلى أن يصارحوا إخوانهم السوريين بشكل جدي بأنهم مع الوحدة وغير راغبين في الانفصال لا الآن ولا في المستقبل».