كتائب إسلامية تعلن من حلب رفضها لتشكيل الائتلاف المعارض

«الجيش الحر» يضع موقفها في إطار «حرية التعبير».. وناشطون يقولون إنها تساهم بـ60% من الحراك الثوري

TT

أعلنت مجموعة من الكتائب والتشكيلات المسلحة المعارضة، ذات الطابع الإسلامي، في مدينة حلب وريفها، أمس، رفضها لـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، مؤكدة الإجماع على «تأسيس دولة إسلامية عادلة».. فيما اعتبر رئيس المجلس العسكري لـ«الجيش الحر» في محافظة حلب العقيد عبد الجبار العكيدي أن هذا الموقف شخصي، مؤكدا أنه يأتي في إطار «حرية التعبير». وقالت هذه الكتائب والتشكيلات في شريط فيديو تم بثه على موقع «يوتيوب» وعلى صفحة «لواء التوحيد» على «فيس بوك»، وفق ما تلاه أحد المتحدثين باسمها: «نعلن نحن التشكيلات المقاتلة على أرض مدينة حلب وريفها بالكامل عن رفضنا المشروع التآمري ما سمي الائتلاف الوطني»، وأكدت أنه «تم الإجماع والتوافق على تأسيس دولة إسلامية عادلة، ورفض أي مشروع خارجي من ائتلافات أو مجالس تفرض علينا في الداخل من أي جهة كانت».

وأعلن المتحدث أن هذا الموقف صادر بالإجماع عن تشكيلات عدة وهي «جبهة النصرة، كتائب أحرار الشام، لواء التوحيد، لواء أحرار سوريا، لواء حلب الشهباء الإسلامي، حركة الفجر الإسلامية، لواء درع الأمة، لواء عندان، كتائب الإسلام، لواء جيش محمد، لواء النصر، كتيبة الباز، كتيبة السلطان محمد، لواء درع الإسلام».

وجلس نحو 30 رجلا حول طاولة مستطيلة، بينما جلس قارئ البيان على رأس الطاولة، وهو رجل ملتح، رفع خلفه علم أسود كتب عليه «لا إله إلا الله»، وأمامه نسخة من القرآن الكريم موضوعة على الطاولة. وفور الانتهاء من تلاوة البيان، رفع رجل آخر واقف وراءه نسخة أخرى من القرآن، وقال: «اجعلوا القرآن دستورا لكم، تفرحوا والرب يأتيكم في حين». ثم صرخ «الله أكبر»، وردد الجميع وراءه. وفي حين يعتبر هذا الموقف الأول من نوعه الرافض لتشكيل الائتلاف، الذي حظي بموافقة أطراف كثيرة من الحراك الثوري في الداخل، أشار رئيس المجلس العسكري في «الجيش الحر» في محافظة حلب العقيد عبد الجبار العكيدي إلى أن «هذه التشكيلات تشكل جزءا من القوة العسكرية الموجودة على الأرض في حلب وتعبر عن رأيها الخاص». وقال: «هم بعض الكتائب والألوية الذين عبروا عن رأيهم بهذا الاتجاه، ونحن في المجلس العسكري الثوري أيدنا هذا الائتلاف، وباركنا هذه الخطوة من أجل التوحد والعمل لإسقاط هذا النظام». وشدد العكيدي على «أننا نبارك أي خطوة تجمع القوى السياسية والخطوات من أجل توحيد القوى العسكرية في سبيل التحرير من الاستعمار الأسدي»، لافتا إلى أن «الفيديو ليس مفبركا أو مفتعلا». وفي موازاة إشارة العكيدي إلى أن «الفصائل المقاتلة في حلب ليست كلها تحت إمرة الجيش الحر، وهناك فصائل تقاتل منعزلة عن القيادة العسكرية في الداخل»، قال ياسر النجار، عضو المجلس الأعلى لقيادة الثورة في مدينة حلب وريفها لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الفصائل والكتائب تشكل ما نسبته 60 في المائة من الحراك الثوري المسلح في حلب»، مشددا على أنها «قوى فاعلة ميدانيا وتساهم بشكل رئيسي في معركة التحرير على امتداد الأراضي السورية».

وأوضح أن «إطلاق الفصائل الإسلامية موقفها الرافض للائتلاف مرده إلى شعورها بوجوب أن يبدأ أي مشروع سياسي من المناطق المحررة في الداخل، أي شرق سوريا وحديثا شمالها، لا أن تتخذ لها مقرا كما فعل المجلس الوطني السوري سابقا في عواصم الدول المجاورة، أو كما فعل رئيس الائتلاف المعارض معاذ أحمد الخطيب بإعلانه القاهرة مقرا للائتلاف». وأشار نجار إلى أن «المجلس العسكري الثوري في مدينة حلب وريفها أعلن موقفه بتأييد الائتلاف المعارض، من دون استشارة هذه الكتائب والوقوف على رأيها»، متهما إياه بـ«التفرد بالقرار وبالمساهمة في تكريس أزمة ثقة بين الداخل والخارج». واعتبر أن الكتائب الإسلامية المذكورة ترى في «الائتلاف» نسخة مكررة عن «المجلس الوطني» من دون أن يكون لوجوده وعمله أي انعكاس على الداخل سواء على الصعيد الإغاثي أو الدعم العسكري، وهدفه ليس أبعد من دمج الفصائل والتشكيلات المعارضة في الخارج. وأكد أن «موقف فصائل الداخل مشروع وحق لها، باعتبار أنها تشعر بأنها هي التي تعمل وتقاتل وتحرر ولا يمكن لأي مشروع سياسي أن ينطلق من دون العودة إليها أو أن يضرب بمطالبها عرض الحائط».

في موازاة ذلك، أبدت مصادر قيادية في «المجلس الوطني» وفي «الائتلاف المعارض» لـ«الشرق الأوسط» خشيتها من أن «تكون المواقف المعلنة من قبل الكتائب الإسلامية، خصوصا لواء التوحيد، بمثابة ردود فعل سلبية على مواقف إقليمية ودولية». وقالت: «نتمنى أن تكون ردات فعل حتى تزول وتختفي عندما يزول الفعل». وفيما لم تنكر حضور هذه القوى والكتائب ميدانيا، قالت: «نحن نعرف قسما كبيرا منها، لا سيما جبهة النصرة ولواء أحرار الشام، لكن الآخرين لا نعرف خلفياتهم وأدوارهم».

من ناحيته، رأى الناطق الإعلامي في هيئة التنسيق الوطنية منذر خدام أن «إعلان الدولة الإسلامية في حلب أكد تحذيرات الهيئة السابقة عن وجود ملامح ثورة مضادة». ونقلت تقارير إخبارية عن صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» قوله إن «ما يجري في حلب وفي غيرها من تزايد للحركات الجهادية سوف يسرع الحل السياسي الذي تعد له أميركا وروسيا وغيرهما.. لكن للأسف لن يكون هذا الحل على مقاس الثورة بالكامل على المدى القصير وربما المتوسط، إلا إذا نجحت القوى المعارضة الديمقراطية السياسية والمسلحة بتوحيد الصفوف على أساس برنامج سياسي وطني بعيدا عن أي أجندة خاصة».

واعتبر خدام أن «الرهان على تسليح الجيش الحر لا يقل وهما عن الرهان السابق على التدخل العسكري الخارجي لإسقاط النظام، لكنه سوف يعني مزيدا من القتل والدمار ومزيدا من تزايد قوة الجهاديين وانتشارهم».