فرنسا تعول على موقفها «المتوازن» للدفع باتجاه هدنة بين إسرائيل وحماس

وزير الخارجية الفرنسي: الحرب ليست خيارا وليست أبدا الحل

TT

مرة أخرى، سبقت باريس كل العواصم الغربية بإرسال وزير خارجيتها لوران فابيوس، صباح أول من أمس، إلى الشرق الأوسط (تل أبيب ورام الله)، حاملا اقتراح هدنة بين إسرائيل وحركة حماس، ومكثفة اتصالاتها الدولية، الإقليمية والعربية، مع العواصم التي تعتقد أنها مؤثرة على الطرفين. وقبل توجهه إلى المنطقة، تشاور فابيوس مع وزيرة الخارجية الأميركية، وتواصل مع مصر وتركيا وقطر والأردن، بينما كان الرئيس فرنسوا هولاند يعمل بـ«دبلوماسية الهاتف»، في محاولة من فرنسا لحصر التصعيد، والسعي لإرساء هدنة يدعمها قرار من مجلس الأمن الدولي. وهكذا، فقد سبق فابيوس نظيره الألماني غيدو فسترفيلي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومبعوث الرباعية الدولية توني بلير. ولا تتردد المصادر الفرنسية في القول إن مساعيها، رغم أهميتها، لن تكون كافية وحدها، بل تحتاج لتعبئة عامة. غير أنها تعتبر أن لها «أوراقا» يمكن أن توظفها في مساعيها، وأهمها، كما قال فابيوس، أنها على علاقات جيدة مع إسرائيل، كما أن دعمها للقضية الفلسطينية «ليس محل جدل».

وتريد الدبلوماسية الفرنسية أن تظهر «متوازنة» في تعاطيها مع موجة العنف الجديدة التي تتخوف من مخاطر توسعها. وبينما تعتبر الولايات المتحدة الأميركية أن المسؤولية تقع على عاتق حماس، فإن باريس التي تؤكد أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها تلتزم موقفا مغايرا، إذ أعلن فابيوس أن المسؤولية «تقع على الطرفين معا». وأعلن فابيوس، مساء الأحد، في حديث تلفزيوني، أنه «من الصحيح أن صواريخ بعيدة المدى تطلق من غزة على إسرائيل، ولكن من الصحيح أيضا أن هناك هجمات قاتلة جدا تصيب أهالي غزة». وقبل ذلك، أكد فابيوس من تل أبيب أن «الحرب ليست خيارا وليست أبدا الحل»، مما يبدو أنه رد على الفريق الإسرائيلي المتشدد داخل الحكومة الذي يدفع في اتجاه التصعيد، لا، بل نحو غزو أرضي للقطاع. كذلك، يرى الوزير الفرنسي أن «ثمة حاجة ملحة للتدخل». وما تريده بلاده هو أن تقوم بدور «المسهل» من أجل التوصل إلى وقف النار في أسرع وقت ممكن. وترى باريس أن ذلك لا يشكل سوى «المرحلة الأولى»، وهو ما شرحه فابيوس الأحد. ووفق تصريحاته، فإنه «يتعين معالجة مجموعة من المسائل التي تطرح في غزة. ومن الممكن، في ما خص المرحلة الثانية، (أي مرحلة ما بعد الهدنة) أن تتوافر مجموعة من الضمانات الدولية».

وواضح أن المقاربة الفرنسية تسعى، في آن معا، لأن تأخذ بعين الاعتبار ما تريده إسرائيل وما تطالب به حماس. وإذا كانت الأولى، بحسب ما أعلنه وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، تريد وقبل أي أمر آخر أن توقف الفصائل الفلسطينية إطلاق صواريخها في اتجاه الأراضي الإسرائيلية، فإن حماس تطالب بثلاثة أمور: وقف الاعتداءات والاغتيالات، رفع الحصار عن القطاع، وأخيرا ضمانات دولية «من شأنها أن تلزم إسرائيل احترام الشرطين المذكورين».

وفي موضوع الضمانات، تعتبر باريس أنها يجب أن تكون «متبادلة». ويريد الجانب الفلسطيني أن تكون الدفة بقيادة واشنطن، التي تعتبرها «الطرف الوحيد» المؤثر على القيادة الإسرائيلية. وفي الجانب الآخر، يمكن أن تلعب مصر وقطر وتركيا دورا في توفير هذه الضمانات التي ترغب باريس في أن تتوج بقرار من مجلس الأمن الدولي.