المعركة بين وريثي ساركوزي تهدد أكبر أحزاب المعارضة الفرنسية

فيون وكوبيه ادعيا فوزهما برئاسة «الاتحاد من أجل حركة شعبية» واتهما بعضهما بالتزوير

فيون وكوبيه أعلنا فوزهما واتهما بعضهما البعض بالتزوير (إ.ب.أ) (رويترز)
TT

يواجه أكبر أحزاب المعارضة الفرنسية، الاتحاد من أجل حركة شعبية، خطر الانشقاق غداة اقتراع تحول إلى مهزلة، بعد أن كان يهدف لتعيين زعيم جديد وانتهى بادعاء الخصمين بالفوز.

ودعا وزير الخارجية السابق آلان جوبيه وأحد مؤسسي الحزب المرشحين، رئيس الوزراء السابق فرنسوا فيون وأمين عام الحزب جان فرنسوا كوبيه إلى الكف عن «تبادل الشتائم»، منددا بوضع «مزر» ومحذرا من خطر «انشقاق» الحزب الذي بات يتيم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي.

وقال جوبيه منتقدا، إن «الحركة أصبحت منقسمة وبالتالي ضعيفة جراء هذه المواجهة الشديدة. وخلال الحملة الانتخابية تم التطرق أكثر إلى مستقبل المرشحين المهووسين باستحقاق 2017 (الانتخابات الرئاسية) أكثر من الاهتمام بمستقبل الاتحاد من أجل حركة شعبية».

وتابع مشددا: «إننا في حاجة، أكررها، أكثر من أي وقت مضى لتشكيلة تضم اليمين والوسط، هذا هو الرهان، إنني أوجه نداء تحذيريا لأن حياة الاتحاد من أجل حركة شعبية اليوم في خطر، وبالتالي يجب وقف هذه المواجهة».

ولا يزال التجمع من أجل حركة شعبية من دون رئيس بعد اقتراع أول من أمس الأحد الذي شارك فيه أكثر من نصف الأعضاء الـ300 ألف في الحزب الذين دعوا إلى صناديق الاقتراع. وجاءت المفاجأة الأولى عندما تبين أن الاقتراع لم يكن محسوما في حين كانت الاستطلاعات تفيد أن فرنسوا فيون، مرشح «جمع الشمل» هو الأوفر حظا للفوز على جان فرنسوا كوبيه صاحب الخط السياسي اليميني المتشدد الذي يقتدي بنيكولا ساركوزي والكثير من زعماء أوروبا الليبراليين والمحافظين في محاولة التصدي للجبهة الوطنية (اليمين المتطرف).

وفي الساعة 22.30 (21.30 تغ) من مساء الأحد أي أكثر من خمس ساعات بعد إغلاق معظم مراكز الاقتراع الـ650، بادر كوبيه بالتصعيد بإدلائه بـ«خطاب النصر» من مقر التجمع أمام أنصاره والصحافيين مؤكدا أنه متقدم بفارق ألف صوت، لكن أحد المقربين من فيون اعتبر ذلك «انقلابا إعلاميا».

وبعد دقائق أعلن فيون من مقره الصغير وأمام عدد متكافئ من الصحافيين والأنصار، تقدمه بفارق «224 صوتا» محذرا «لن أترك الانتصار يفلت من المناضلين».

وقال رئيس الوزراء السابق، إنه «ينتظر بهدوء إعلان النتائج من طرف اللجنة الداخلية المكلفة الإشراف على الاقتراع التي بات مصير اليمين الفرنسي بين يديها».

وقبل إعلاني الفوز هذين، أكد الطرفان أنهما لاحظا «مخالفات» وأنهما سيرفعان طعونا إلى اللجنة. وفي ساعة متأخرة من الليل، قبل الرابعة صباحا (الثالثة تغ) توقفت اللجنة عن أعمالها مؤكدة أنه لا يمكنها الآن إعلان الفائز وصرح رئيسها باتريس غيلار «ما زالت تنقصنا محاضر 50 في المائة من الدوائر، إننا لا نستطيع أن نقول من الذي فاز» مؤكدا أن أعمال اللجنة ستستأنف في اليوم التالي (أمس الاثنين) في الساعة العاشرة صباحا.

وأعلن فريق جان فرنسوا كوبيه أنه لاحظ مخالفات في مدينة نيس (جنوب شرق) خامس كبرى مدن فرنسا ومعقل اليمين ومدير حملة فرنسوا فيون وفي باريس حيث انتخب فيون نائبا. ورد عليه النائب برنار دوبريه القريب من فرنسوا فيون بالقول «سنرفع طعونا أكثر بكثير من طعون فرنسوا كوبيه». وفي حزب غالبا ما يركز على «الوحدة» و«التجمع» حضر مشاهدو قنوات التلفزيون مباشرة الخصام بين أنصار كوبيه وفيون. وعلى غرار ما حصل أول من أمس، عاد المرشحان أمس إلى الواجهة وجددا ثقتهما في الفوز بقيادة الاتحاد من أجل حركة شعبية.

وردا على سؤال لقناة «بي إف إم - آر إم سي» عما إذا فاز بالاقتراع، قال جان فرنسوا كوبيه (48 سنة) عمدة مدينة مو القريبة من باريس «إجابتي هي نعم»، مؤكدا: «إنني أنتظر بهدوء أن تؤكد اللجنة ذلك». وأضاف: «وقعت عمليات تزوير كبيرة، بشهادة معدي المحاضر»، مؤكدا: أن «عدد البطاقات في الصناديق أكثر من توقيعات الناخبين وهذا يعتبر حشوا للصناديق، إنه أمر مؤسف»، ووجه التهمة لمراكز يشرف عليها «أصدقاء» فرنسوا فيون، نائب باريس.

واستأنفت اللجنة الداخلية للمصادقة على النتائج التي علقت عمليات الفرز ليلا، عملها صباح أمس. ولم يستبعد بعض قياديي الاتحاد إعادة الاقتراع كما قالت الوزيرة السابقة فاليري بيكريس التي تحدثت عن «فوضى» بينما أعرب نائب رئيسة الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) فلوريان فيليبوه عن ارتياحه قائلا «إننا نشاهد مباشرة تحطم الاتحاد من أجل حركة شعبية».

ومن المصادفات أن يشهد الاتحاد هذا الوضع الذي يشبه ما كان عليه الحزب الاشتراكي الفرنسي قبل أربع سنوات تحديدا عندما تبادل المسؤولون التهم بالتزوير لتعيين خليفة فرنسوا هولاند في رئاسة الحزب الاشتراكي الذي كان حينها معارضا، واستشهد فرنسوا فيون بالعبارة نفسها التي أعلنتها المرشحة إلى الانتخابات الرئاسية في 2007 سيغولين روايال عندما قالت «لن أترك الانتصار يفلت من المناضلين». غير أن الحزب الحاكم (الاشتراكي) أبدى أمس تحفظا ورفض التعليق على أزمة الاتحاد من أجل حركة شعبية.