غالبية الإسرائيليين تؤيد الحرب بالطيران وترفض اجتياحا بريا لقطاع غزة

استطلاعات الرأي الإسرائيلية تؤكد أن نتنياهو وباراك يحققان مكاسب حزبية

TT

أظهرت استطلاعات للرأي نشرت في تل أبيب، أمس، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، إيهود باراك، يحققان مرادهما من الحرب العدوانية على قطاع غزة، حيث زادت شعبية كل منهما بشكل شخصي. فقد تبين أن 55 في المائة من الإسرائيليين راضون عن أداء نتنياهو كرئيس حكومة وقائد أول في هذا العدوان، وأن 52 في المائة أعربوا عن رضاهم عن أداء إيهود باراك. وقال 43 في المائة من الإسرائيليين إنهم راضون عن أداء وزير خارجية إسرائيل ليبرمان (مقابل 44 في المائة يقولون إنهم غير راضين).

وتشير هذه النتائج، التي نشرتها صحيفة «هآرتس»، أمس، إلى ارتفاع كبير في شعبية الزعماء الإسرائيليين الثلاثة، حيث كان نتنياهو يحظى برضا 41 في المائة وباراك 29 في المائة وليبرمان 31 في المائة. وسئل الإسرائيليون إن كانوا يريدون أن يروا باراك وزيرا للدفاع في الحكومة المقبلة أيضا، فأجاب بالإيجاب 42 في المائة مقابل 41 في المائة أجابوا سلبا.

ويتضح أن معسكر اليمين برمته يجني الأرباح من هذه الحرب. فعندما سئل المستطلعة آراؤهم عن شكل تصويتهم فيما لو جرت الانتخابات اليوم، دلت النتائج على أن أحزاب اليمين وأحزاب المتدينين المتحالفة مع نتنياهو سترتفع بخمسة مقاعد مجتمعة (69 مقعدا من مجموع 120)، بينما يتراجع تجمع أحزاب الوسط واليسار إلى 51 مقعدا (بضمنها ثلاث قوائم عربية تحافظ على قوتها وتحصل على 11 مقعدا).

وقد جاءت النتائج مشابهة أيضا في استطلاع نشرته صحيفة «معاريف»، أمس، إذ قال 56 في المائة إنهم يفضلون رؤية نتنياهو في قيادة إسرائيل لمعالجة قضايا الأمن، قال 45 في المائة إنهم يفضلون رؤية نتنياهو رئيسا للحكومة بشكل عام، بينما تدحرج بقية زعماء الأحزاب المنافسون وراءه وبعيدا عنه، وأولهم شيلي يحيموفتش، زعيمة حزب العمل التي قال 29 في المائة إنهم يفضلونها رئيسة للحكومة وقال 9 في المائة فقط إنهم يركنون إليها في معالجة قضايا الأمن.

وأما بالنسبة للحرب على غزة، فقال 85 في المائة من المستطلعة آراؤهم في «معاريف» و84 في المائة من المستطلعة آراؤهم في «هآرتس»، إنهم يؤيدون الحرب بشكلها الحالي. لكن 30 في المائة منهم فقط يؤيدون توسيعها إلى عملية اجتياح بري للقطاع. ومع أن غالبية المحللين السياسيين والزعماء يؤكدون أن الهدف الأساسي لهذه الحرب هو جرف تأييد الجمهور للحكومة وأحزابها اليمينية في الانتخابات المقبلة، فإن الجمهور الإسرائيلي رفض هذه الفكرة. فقال 68 في المائة إنهم يرون أن هدف الحرب هو إبعاد خطر الصواريخ الفلسطينية عن البلدات الجنوبية في إسرائيل. وفقط 28 في المائة قالوا إنها حرب انتخابية. ومع ذلك، فإن غالبية الإسرائيليين تقول إنها تؤيد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس في أسرع وقت ممكن.

وفي تفاصيل نتائج التصويت في الاستطلاع، إذا ما أجريت الانتخابات اليوم، جاء أن تحالف الليكود بزعامة نتنياهو مع حزب «إسرائيل بيتنا» بزعامة أفيغدور ليبرمان، يزداد قوة بعد هذه الحرب عن قوته في الاستطلاعات التي أجريت قبل الحرب. فهذا التحالف يضم حاليا 42 عضوا في الكنيست، لكن الاستطلاعات قبل الحرب دلت على أنه سيهبط إلى 36 مقعدا. وأما في الاستطلاع أمس، أي بعد الحرب، فقد أعطاه الجمهور 41 مقعدا. فيما يهبط حزب العمل إلى 21 مقعدا (كان 23 مقعدا قبل الحرب).

والملفت للنظر أن حزب «هعتسمؤوت» (الاستقلال)، الذي يقوده إيهود باراك، سيختفي عن الخريطة السياسية الإسرائيلية، وفقا للاستطلاعين المذكورين، على الرغم من ارتفاع شعبية رئيسه إيهود باراك. فالجمهور يريد باراك في الحكومة ولا يريد حزبه.

من جهة ثانية، تناولت الصحف الإسرائيلية، أمس، موضوع الحرب العدوانية على غزة بآراء متباينة. فكتب ناحوم بارنياع، في مقال افتتاحي على الصفحة الأولى من صحيفة «يديعوت أحرنوت»، إن «العملية العسكرية» على القطاع أعدت لتكون مشابهة لعملية «الرصاص المصبوب» (2008 - 2009)، مع شيء من التحسينات، لكنها لم تكن كذلك أبدا بسبب صمود التنظيمات الفلسطينية وقواتها العسكرية.

وقال الكاتب: كانت الدروس التي تم تعلمها من عملية «الرصاص المصبوب» تكتيكية، لكن ذلك لم يغير شيئا في الجوهر. فبعد خمسة أيام من الصدام المسلح تواجه الحكومة نفس المعضلة التي عذبت الحكومة السابقة، حماس لم تستسلم، ونظامها لم ينهَر؛ لا تزال المقاومة تطلق القذائف الصاروخية وتشوش على حياة الإسرائيليين اليومية من بئر السبع إلى تل أبيب».

وأضاف أن ظروف الحرب الحالية ساءت قياسا بعملية «الرصاص المصبوب»، لأن إسرائيل كانت تستطيع آنذاك أن تجند مصر لفرض هدنة على حماس، أما اليوم، فإن قلب حكومة مصر مع حماس. فهي معنية بهدنة لكن كتلك التي تعرض حماس على أنها منتصرة.

وفي صحيفة «معاريف»، قال أهرون ليبران، وهو عميد في جيش الاحتياط شغل مناصب رفيعة في شعبة الاستخبارات العسكرية، إن «على الجيش قطع القطاع، الأمر الذي يمكن فيه بيان عجز حماس وتعظيم التفوق العملياتي للجيش الإسرائيلي. ولكن الجسارة الاستفزازية لرجال حماس وشركائها في إطلاق مئات كثيرة من الصواريخ وإلى أماكن تبدو (حصينة) هي أمر مزعج، خصوصا أن ذلك يتم بمعونة ريح إسناد مصرية».

وقال ليبران إن خروج إسرائيل مهزومة في هذه الحرب سيكون له آثار مريرة، وليس فقط حيال حماس وشركائها، بل حتى لمستقبلها ووجودها في المنطقة. ولذا فليس من المقبول «وقف النار» و«استراتيجية الخروج»، قبل أن تتحقق حتى ولو أكثر الأهداف تواضعا.

من جانبها، كتبت صحيفة «هآرتس» في مقال افتتاحي، أنه من الصعب حاليا ردع «الإرهابيين الفلسطينيين من حماس»، وتساءلت الصحيفة: «من أين يأتي العدد الذي لا يحصى في ظاهر الأمر للصواريخ التي يملكها الإرهابيون في غزة؟»، وقالت الصحيفة إنه، وفي وقت يعتقد فيه قادة إسرائيل أن عملية «الرصاص المصبوب» ردعت المقاومة عن إطلاق صواريخ أخرى، كانت الأخيرة، أي المقاومة، تتحصن بالمزيد من الصواريخ.

وقالت الصحيفة إن كثيرين في إسرائيل تمسكوا بوهم أنه يمكن ردع حماس والجهاد الإسلامي ولجان المقاومة وسائر المجموعات الإرهابية، إن التفوق العسكري الكبير يمكن أن يردع دولا لكن يبدو أن الإرهابيين لا يمكن ردعهم، فليس لأهدافهم حدود وأفق خططهم يلامس الأبد.