شارع «محمد محمود» بالقاهرة يجدد مطالب الثورة

أعاد الجدل مرة أخرى حول «محاكمات قتلة المتظاهرين» في ذكراه الأولى

TT

وسط تشديدات أمنية كثيفة طوقت محيط وزارة الداخلية المصرية وسط القاهرة، أحيا آلاف النشطاء، أمس، الذكرى السنوية الأولى لأحداث «محمد محمود»، وهو اسم الشارع الذي شهد مقتل وإصابة العشرات من الثوار في احتجاجات عنيفة العام الماضي بين المتظاهرين وقوات الأمن، بالقرب من مبنى الوزارة، حيث كانوا يطالبون برحيل «المجلس العسكري» الحاكم آنذاك.

وأعادت ذكرى تلك المصادمات، التي استمرت عدة أيام، وأسفرت عن مقتل 33 شخصا وجرح نحو 1700 شخص، الجدل مرة أخرى حول تباطؤ محاكمات رموز النظام السابق، خاصة في قضايا قتل المتظاهرين، منذ اندلاع ثورة 25 يناير العام الماضي، التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك.

يقول محمد عبد العزيز، أحد محامي المدعين بالحق المدني في الأحداث، لـ«الشرق الأوسط»: «أتعجب من عدم الوصول إلى الجناة الحقيقيين حتى الآن، رغم أن الجميع يعرف من القاتل»، وتابع: «الأمر ليس متعلقا بأحداث محمد محمود فقط، بل في كل المصادمات التي وقعت منذ الثورة، بدءا من جمعة الغضب وحتى أحداث بورسعيد وقطار أسيوط، ولم نر معاقبة لأي مسؤول حتى الآن، وكلها فقط محاكمات صورية، يتم تبرئة الجميع في النهاية».

وفي مظاهرات حاشدة انطلقت في شارع «محمد محمود»، الرابط بين ميدان التحرير ووسط العاصمة القاهرة ومبنى وزارة الداخلية، قام المتظاهرون الذين ينتمون إلى أكثر من 50 حزبا وحركة سياسية، بإغلاق الشارع أمام السيارات بالحواجز الحديدية ووقفوا دقيقة صمت وقرأوا الفاتحة على أرواح الضحايا ورفعوا بعض صورهم.

وردد المتظاهرون هتافات «الثورة رجعت الميدان.. اشهد يا محمد محمود كانوا ديابة وكنا أسود»، «يسقط يسقط حكم المرشد»، «هم اتنين ملهمش أمان.. حكم العسكر والإخوان».. «اشهدي يا عيون الحرية.. الداخلية بلطجية»، «اقتل خالد اقتل مينا كل رصاصة بتقوينا»، و«بيع بيع الثورة يا بديع»، في اتهام لجماعة الإخوان المسلمين بأنهم تخلوا عن الثورة حينذاك، حين رفضوا النزول في هذه المظاهرات بحجة عدم إفشال الانتخابات البرلمانية.

وغمى بعض المتظاهرين أعينهم بشاش أبيض مكتوب عليه «جدع يا باشا»، في إشارة إلى حادث «قناص العيون»، وهو ضابط الشرطة الذي كان يصوب أعيرته النارية على أعين المتظاهرين خلال تلك الأحداث، ولم ينل عقوبة حتى الآن رغم تصويره في فيديو شهير.

وحملت حركة (شباب 6 أبريل) وزارة الداخلية سلامة وأمن المتظاهرين، محذرة من أن أي نقطة دم تسيل هي مسؤولية رئيس الجمهورية ووزارة الداخلية، ومؤكدة التزامها بالسلمية في جميع دعواتها. وجاءت هذه التحذيرات بعد بيان لوزارة الداخلية كشف عن «رصد الوزارة دعوات للتحريض ضد الشرطة، وأنه تم اتخاذ التدابير اللازمة لتحديد المحرضين على التعدي على المنشآت الشرطية، حيث نشرت الوزارة أمس 13 تشكيلا للأمن المركزي حول مبناها».

وقال مصدر أمني مسؤول بوزارة الداخلية أمس: «إن الأجهزة الأمنية لم تتلق أي طلبات بشأن تنظيم مظاهرات أو مسيرات»، وأضاف المصدر أن «وزارة الداخلية حريصة على التواصل مع كافة القوى السياسية والثورية التي تدعو إلى التعبير بشكل سلمي في هذه المناسبة، وذلك من منطلق إيمانها بحرية التعبير عن الرأي».

وأصدرت الكثير من القوى الثورية والائتلافات بيانا أمس، تقول فيه: «إن هذا الحادث هو من أكبر الأحداث في الثورة المصرية، وإن شباب الثورة سيستمرون في المطالبة بمطالبهم ووصيتهم في تحقيق أهداف الثورة وتحقيق الحرية والكرامة والاستقلال والعدالة الاجتماعية للشعب المصري».

وطالبت هذه القوى «بالقصاص لهؤلاء الشهداء ومحاكمة المسؤولين عن استشهادهم وإصابة الكثير من خلال تطبيق قانون العدالة الثورية الذي سيضمن محاكمة هؤلاء القتلة والذين حرضوا على قتلهم، وعدم إفلاتهم من العقاب واستكمال أهداف الثورة المطالبة بالعيش، والحرية، والعدالة الاجتماعية».

وأكدت الشباب المشاركون أن «الهدف منها هو تمجيد دور أبطال محمد محمود عن طريق تعريف المواطن البسيط بحقيقة الأحداث، وكيف غيرت مسار الثورة، وذلك من أجل رفع صورة التشويه الراسخة في ذهن المواطن نتيجة لكذب المجلس العسكري وتيارات سياسية آخر متواطئة».

تقول دينا عمر، إحدى الناشطات المشاركات في المظاهرات، «ليس لدي أي ذكريات حلوة إطلاقا مع أحداث محمد محمود، بالعكس ورغم مشاركتي في المظاهرات، أتمنى لو تمحى من ذاكرتي، ومن ذاكرة الوطن». وتتابع عمر: «لقد فقدت مصر في هذه الأحداث أنبل شبابها الثوريين الذين دفعوا أرواحهم وأعينهم في سبيل الحرية لهذا الوطن».