الأوروبيون في أفغانستان في مهمة تدريب الشرطة وليس الحرب

الجيش الألماني يعتزم استثمار ملايين اليوروات في قندز قبل انسحابه منها

TT

ينتشر أكثر من 300 شرطي قدموا من مختلف أنحاء القارة العجوز في كابل لتلقين ضباط الشرطة الأفغانية قواعد دولة القانون، التي قال أحدهم إنها «من شدة تعودها على الحرب أصبحت لا تعرف مهمة الشرطة».

وبعثة شرطة الاتحاد الأوروبي (اي يو - وبول) في كابل متواضعة وتلتزم التكتم مقارنة بآلية حلف شمال الأطلسي الضخمة المنتشرة بقيادة الولايات المتحدة. ويقع مقرها في مبنى صغير من طابقين ولا يبلغ عددها 500 شخص بينهم 340 أوروبيا وتقتصر ميزانيتها على ستين مليون يورو في السنة، الأمر الذي يجعل منها «فاعلا متوسطا في الورشة الكبيرة لإعادة إعمار أفغانستان»، كما قال هانسيورغ هابر الذي يقود البعثات المدنية التي يرسلها الاتحاد الأوروبي إلى الخارج.

وأضاف الألماني الذي قدم من بروكسل لتقييم ما أنجزته البعثة: «نعتقد أننا نساهم بجزء مفيد في تشييد المبنى».

وأطلق الاتحاد الأوروبي البعثة في 2007 بهدف تعليم المهنية للشرطة الأفغانية والدفع بها نحو مهمات مدنية وليست عسكرية.

وكان حينها يجب إعادة بناء كل شيء لأن «ثلاثة عقود من الحرب دمرت مؤسسة الشرطة»، كما قال الجنرال أيوب سلانجي قائد شرطة كابل.

وكانت بداية البعثة دقيقة، إذ إنها أطلقت في بداية سياسة أمنية أوروبية كانت تفتقر إلى تفويض واضح يسمح لها بأن تتبوأ مكانتها بين الكثير من العمليات الدولية التي يشنها الحلف الأطلسي والأمم المتحدة أو غيرها من البلدان. وفي 2010 وصف تقرير طرح على البرلمان الأوروبي «اي يو - بول» بأنها «مفرطة في المثالية»، وانتقد التنافس القائم في أفغانستان بين «الكثير من المهمات المختلفة لتدريب الشرطة» لكن «بنتيجة ضعيفة». وفي محاولة تفادي ذلك وزعت المسؤوليات فتولى الحلف الأطلسي مهمة تدريب 130 ألف شرطي بسيط بينما تولت «يو بول» تدريب قيادتهم والمسؤولين الوزاريين وقياديي الأقاليم البعيدة عن كابل. وقال رئيس البعثة كارل اكي روغي إن «اليوم التقدم واضح رغم أن عملا كثيرا لا يزال يجب إنجازه». وأعرب هذا الشرطي السويدي عن افتخاره بمعهد الشرطة الذي احتضن 4400 ضابط منذ افتتاحه في 2010 في إحدى ضواحي كابل، ويدرس فيه شرطيون أوروبيون محنكون (يقارب معدل سنهم الخمسين سنة) طرق القيام بتحقيق جنائي وأهمية التعاون مع القضاء واحترام حقوق المشتبه فيهم. وأكد تيري سكايفي أحد مديري المعهد: «إننا منتبهون جدا لعدم فرض وجهة نظر غربية ومحاولة الأخذ في الاعتبار الخصوصيات الأفغانية». وتعتبر مهمة المدربين ضخمة لأن «الأمر يتعلق بتغيير العقليات» في الشرطة التي يعتبرها الشعب فاسدة ومسيسة وترتكب تجاوزات، والتي تجد نفسها في الخط الأول أمام هجمات المقاتلين، وقتل أكثر من 1500 شرطي منذ بداية السنة الحالية، أي أكثر من العسكر.

وفي كابل تساهم «يو بول» أيضا في تنظيم «حزام الحديد» وهي شبكة من 25 حاجزا تهدف إلى حماية العاصمة من الاعتداءات. وأكد الجنرال سالانجي أن «عدد الهجمات في انخفاض مستمر، وتعتبر كابل آمنة كمعظم المدن الأوروبية والأميركية». وهي ملاحظة نسبية نظرا للهجمات الست والاعتداءات الانتحارية التي أودت بحياة الكثير من الأشخاص خلال 2012 في العاصمة، حتى وإن كانت كابل فعلا أقل خطرا في حياتها اليومية من أي مدينة بين الكثير من كبرى مدن العالم.

من جهة أخرى يعتزم الجيش الألماني استثمار أكثر من 14 مليون يورو في مشاريع إعمارية في معسكر الجيش الألماني بإقليم قندز شمال أفغانستان قبل انسحابه منها العام المقبل، حيث أكدت وزارة الدفاع الألمانية أمس الاثنين في برلين تقريرا بهذا الشأن نشرته صحيفة «دي فيلت» الألمانية في وقت سابق أمس.

وذكرت وزارة الدفاع أن أكبر مشروع سينفذه الجيش في منطقة قندز هو إنشاء مجمع غرف عمليات بتكلفة 9.‏5 مليون يورو في مركز الطوارئ في معسكر الجيش. وكانت الوزارة قد ذكرت في فبراير (شباط) الماضي أنها تخطط لاستثمار 19 مليون يورو في منطقة قندز، ولكن لا يتوفر من هذا المبلغ سوى 9.‏5 مليون يورو. وذكرت صحيفة «دي فيلت» أمس أن هذه الاستثمارات كان مخططا لها منذ عام 2009 وأنها كانت مثار خلاف حتى بين أطراف الائتلاف الحكومي الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وقال ارنست راينهارد بك، خبير الشؤون الدفاعية بالحزب المسيحي الديمقراطي الذي ترأسه ميركل، مشيرا إلى ذلك في تصريح للصحيفة: «في ضوء نقص المصادر المالية فقد كنت أود وقف ما يمكن وقفه من مشاريع».

وناشدت خبيرة الحزب الديمقراطي الحر في الشؤون الدفاعية، ايلكه هوف، وزارة الدفاع قائلة: «أرجو أن تتأكدوا مما إذا كان من الضروري فعلا إنفاق مثل هذه الأموال الكثيرة».