استجابة للمطالب الدولية.. مصادر إسرائيلية تؤكد أن الهدنة تبدأ فجر اليوم

«هآرتس»: نتنياهو رفض اقتراحا فرنسيا - قطريا للتوصل إلى التهدئة.. وقال إن إسرائيل تفضل القناة المصرية

بان كي مون أثناء اجتماعه بمجموعة من المسؤولين الإسرائيليين ومحادثاتهم حول التهدئة في غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

أكدت مصادر إسرائيلية رفيعة لـ«الشرق الأوسط»، أن ما يقال عن أنه اتفاق للتهدئة ليس اتفاقا مكتوبا، بل مجموعة من التفاهمات الشفهية التي توصل إليها الجانب المصري مع الطرفين، وإنها ستخضع لاختبار على أرض الواقع على عدة مراحل. وأضاف أن المرحلة الأولى ستمنح الطرفين 24 ساعة لوقف إطلاق النار، ويمنع خلالها إطلاق الصواريخ والغارات، ثم تبدأ مرحلة ثانية بمفاوضات أولية حول قضايا سياسية مثل فتح المعابر وغيره، وستمنح بعدها فترة امتحان أخرى مدتها 48 ساعة وبعدها تواصل مصر مفاوضاتها لتثبيت الهدنة ووضع كل الترتيبات.

واستقبل القادة الإسرائيليون، أمس، كوكبة أخرى من المسؤولين في الغرب، الذين جاءوا معلنين أنهم يمارسون الضغوط على إسرائيل كي لا تنفذ عملية اجتياح بري لقطاع غزة. وقد قوبلوا بتصريحات تؤكد أن تل أبيب مستعدة للتهدئة، ولكنها قررت مواصلة غاراتها الحربية العدوانية حتى اللحظة الأخيرة، كما لو أنه لا توجد مفاوضات، وواصلت الاستعدادات التظاهرية للاجتياح، حتى تقنع حماس بجدية تهديداتها. وفي الوقت نفسه نفى السفير الإسرائيلي في واشنطن، مايكل أورن، أن تكون هناك أي ضغوط أميركية لمنع إسرائيل من الاجتياح، وقال إن الإدارة الأميركية تساند إسرائيل في أي قرار تراه مناسبا لصد الصواريخ الفلسطينية عن بلدات الجنوب.

وأكدت مصادر إسرائيلية أن الهدنة تبدأ فجر الأربعاء (اليوم) وأن بنودها النهائية تتبلور عند لقاء نتنياهو مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون.

وكان الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قد استقبلا في مكتبيهما في القدس الغربية، أمس، كلا وزير الخارجية الألماني، غويدو فيسترفيله، ووزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون. وأكدت مصادر إسرائيلية أن تدفق المسؤولين في الغرب جاء ليشجع نتنياهو على المضي قدما في التهدئة ويمتنع عن الاجتياح.

وخلال اللقاء مع فيسترفيله، قال نتنياهو إن ألمانيا أبدت دعما راسخا ومتواصلا لدولة إسرائيل. وقال: «يتم قصف المدن الإسرائيلية بالصواريخ ويتم قصف مدينة بئر السبع ونحن نتكلم الآن. لا تشعر المنظمات الإرهابية في غزة بأي شفقة ورحمة وهي تطلق الصواريخ على مدنيين بينما هي تختبئ وراء مدنيين. نحن نفعل العكس التام. بالنسبة لنا، كل مرة تقع فيها ضحايا مدنيون هذا هو فشل عملياتي ولكن بالنسبة لحماس هذا يعتبر نجاحا. هذا هو فرق جوهري والمواطنون الإسرائيليون لا يستطيعون أن يتحملوا تعرض مدننا لاعتداءات مستمرة. إنني أفضل حلا سياسيا. آمل أننا نقدر على التوصل إلى مثل هذا الحل ولكن إذا لم نتوصل إليه فلنا الحق الكامل في الدفاع عن أنفسنا بوسائل أخرى وسنستخدمها». ورد وزير الخارجية الألماني قائلا: «أوجد هنا لكي أؤكد أن ألمانيا تقف إلى جانب أصدقائنا في إسرائيل ولإسرائيل الحق الكامل في الدفاع عن نفسها وعن مواطنيها من الاعتداءات الصاروخية. وطبعا يجب علينا أن نبحث كيف يمكن التوصل إلى وقف إطلاق النار ولكن يوجد شرط مسبق واحد لذلك وهو إيقاف الاعتداءات الصاروخية على إسرائيل. وهذه هي رسالة واضحة ليس فقط من قبل الحكومة الألمانية فحسب وإنما هذا هو موقف وزراء الخارجية الأوروبيين من يوم أمس أيضا. أرحب بأقوالك، يا رئيس الوزراء، عن سعيك إلى حل سياسي ونحن نتفق معك على ذلك تماما. ومن المهم التأكد أن مصر ستلعب بذلك دورا مركزيا. وألمانيا مستعدة لتساعد وتدعم هذه المساعي وسنعمل كل ما باستطاعتنا من أجل مصالح أصدقائنا في إسرائيل وسنعمل كل ما باستطاعتنا من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار».

وعرض نتنياهو أمام ضيوفه الثلاثة صورا تظهر كيف يعمل المسلحون من حركة حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية بين مدنيين فلسطينيين، «حيث يطلقون قذائفهم باتجاه البلدات الإسرائيلية والمدنيين الإسرائيليين»، وصورا مضادة تبين كيف «تتجنب الطائرات الإسرائيلية ضرب المدنيين».

من جهة ثانية، صرّح مسؤولون إسرائيليون، مقربون من دائرة صنع القرار، بأن الحكومة الإسرائيلية قررت أن تستنفد الجهود الدبلوماسية المبذولة في القاهرة، والتي تشترك بها أطراف دولية كثيرة، قبل الإقدام على عملية برية في قطاع غزة. وأن هناك «تصاعدا ونزولا في المفاوضات، لكن اتجاهها العام هو التقدم نحو اتفاق هدنة طويل الأمد». وقال أحد هؤلاء المسؤولين لموقع «واللا» الإخباري، أمس، إن احتمالات وقف النار أو استمرار الحرب متساوية بنسبة 50%: 50%. لكنه لن يفاجأ إذا أعلنت التهدئة بعد ساعات. وأضاف أن «إسرائيل تمنح الجهود الدبلوماسية فرصة لأنها تعلم أن عملية برية ستزيد من الضحايا في صفوف المدنيين من كلتا الجهتين، وأيضا لأن المساهمة من جهة إسرائيل في المساعي الدبلوماسية ستضفي على خطوات إسرائيل المقبلة، لا سيما عملية برية في غزة، شرعية أكبر». وأوضح المصدر أن «إسرائيل تطالب بتهدئة تتم عبر مرحلتين، الأولى هي بالوقف الفوري لإطلاق النار لبضعة أيام، وبعدها خوض مرحلة ثانية يكون محورها الالتزامات الدولية الضرورية للتوصل إلى تهدئة طويلة الأمد بين الطرفين». وقال إن «إسرائيل تهدف من خلال المسار الدبلوماسي إلى خلق واقع مختلف في غزة، لا سيما إلى وقف تهريب السلاح للقطاع، والحد من تسليح المنظمات الإرهابية في القطاع، بما في ذلك حركة حماس».

وتابع المسؤول أن إسرائيل تشترط أن تكون التهدئة المقترحة شاملة وأن تضمن أمن المواطنين في إسرائيل لفترة طويلة.

ونشرت صحيفة «هآرتس» خبرا مفاده أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، رفض اقتراحا فرنسيا - قطريا، للتوصل إلى تهدئة بين إسرائيل وغزة، احتراما وتفضيلا للمساعي التي يقوم بها الجانب المصري في هذا الشأن. وقالت إن نتنياهو وصف الاقتراح بأنه «مبادرة هواة». ونقل مسؤول إسرائيلي، مطلع على وقائع اللقاء بين نتنياهو ووزير الخارجية الفرنسي، فابيوس، للصحيفة، أن فابيوس فاجأ نتنياهو، بطرح «مسودة لاقتراح فرنسي - قطري يحث الطرفين على تهدئة عاجلة»، لكن نتنياهو رفض الاقتراح قائلا إنه يفتقر إلى حل مناسب للأوضاع الراهنة بين إسرائيل وغزة. وأضاف نتنياهو أن إسرائيل تفضل القناة المصرية فيما يتعلق بغزة. ولم ينف السفير الفرنسي لدى إسرائيل أو يؤكد وجود اقتراح كهذا.