وزير كردي في بغداد يشير إلى «تراجع» المالكي عن موقفه من أزمة الجيش والبيشمركة

بارزاني وطالباني يتدارسان الوضع ويوجهان رسالة إلى التحالف الوطني

TT

عقد الزعيمان الكرديان، الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، أمس في أربيل اجتماعا لتدارس الموقف المتفجر في منطقة طوز خورماتو على أثر استقدام تعزيزات عسكرية كبيرة إليها بأوامر من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي تقدم أخيرا بمبادرة لوقف التصعيد هناك أثناء ترؤسه لاجتماع مجلس الوزراء يوم أمس أيضا.

وصدر عن اجتماع طالباني وبارزاني بلاغ جاء فيه «أن الحزبين الكرديين (الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني) عقدا اجتماعا مشتركا للمكتبين السياسيين تحت إشراف الزعيمين جلال طالباني ومسعود بارزاني، تم في بدايته التأكيد على الاتفاق الاستراتيجي بين الحزبين، وشددا بأن هذا الاتفاق جاء كضرورة ملحة في ظروف بالغة الحساسية بكردستان، وإن إدامتها في الظروف الحالية أيضا ضرورة ملحة من أجل خدمة المصالح العليا للشعب الكردستاني». وأشار البلاغ إلى المحور الثاني للاجتماع «والذي كرس لبحث الأزمة المفتعلة بين حكومة إقليم كردستان وبعض الأطراف المتنفذة بالحكومة الفيدرالية، خاصة تشكيل قيادة عمليات دجلة وتحريك عدد من وحدات الجيش العراقي إلى المناطق المتنازعة رغم رفض ذلك، واعتبر الاجتماع هذا المسعى تخريبيا، لأنه يتعارض مع المصلحة العليا للعراق والدستور الدائم، وكذلك يتعارض مع عمق العلاقة التاريخية بين الشعب الكردي والشيعة في العراق، ولذلك تم التأكيد على ضرورة أن يقوم التحالف الوطني بحماية هذه العلاقات، وأن لا يسمح التضحية بهذه العلاقات من أجل مصلحة بعض الأشخاص، وأكد المجتمعون على ضرورة اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لمعالجة الموقف، منها بدء الحوار مع جميع الأطراف المعنية بالعملية السياسية. وحول العلاقة مع الإخوة التركمان وتحسينها وتعزيزها معهم، أكد الاجتماع على ضرورة القيام بخطوات ضرورية بهذا الاتجاه بما يخدم مصلحة جميع الأطراف».

وتطرق البلاغ إلى الوضع الداخلي وأشار إلى «أنه فيما يتعلق بالموقف الداخلي في كردستان تجاه هذه الأزمة، أكد الاجتماع على أهمية الحفاظ على وحدة الموقف الكردي، والتزام جميع الأطراف الكردية المشاركة بالعملية السياسية في كردستان بهذا الموقف الموحد، وتم تثمين الموقف السياسي لجميع الأطراف الكردستانية، والدعم الشعبي وحماسة قوات البيشمركة». وحول العلاقات مع دول الجوار تم بحث هذا الموضوع بشكل معمق وأكد الجانبان على أن تبذل جهود مشتركة من أجل تهيئة أجواء إيجابية لتطوير وتعزيز العلاقات الأخوية مع هذه الدول بما يسهم في حل القضايا المتعلقة بحقوق الشعب الكردي في هذه الدول بطريقة سلمية، وتقرر في الاجتماع مواصلة الاجتماعات واللقاءات المشتركة بهذا الصدد.

وحول نتائج الاجتماع بين الزعيمين الكرديين قال المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للاتحاد الوطني آزاد جندياني في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن الاجتماع كان إيجابيا جدا، وكان هناك تفهم مشترك لخطورة الأوضاع الحالية وضرورة الخروج بموقف كردي موحد للتعامل معها، وكانت هناك نقطتان مهمتان تم الاتفاق عليهما في الاجتماع وهما، الشق المتعلق بالعلاقة مع دول الجوار، حيث إن هذا الموضوع كان مهما وضروريا أن يتم بحثه بين الزعيمين بما يوحد موقف قيادة الإقليم من مجمل التطورات والأحداث التي تشهدها دول الجوار، والنقطة الثانية متعلقة بالعلاقة مع الإخوة التركمان والتي شدد عليها الزعيمان بالاجتماع، ونأمل أن نخطو بخطوات مكملة لتحقيق هاتين النقطتين في مستقبل قريب.

في غضون ذلك كشف وزير التجارة العراقي الدكتور خير الله بابكر عن تراجع المالكي من موقفه من الأزمة، بإشارته في تصريح نقله موقع «خندان» الكردي يوم أمس جاء فيه أن مجلس الوزراء العراقي عقد يوم أمس أيضا اجتماعه الأسبوعي برئاسة المالكي، وأن نائب رئيس الوزراء الدكتور روز نوري شاويس ووزيري الصحة الدكتور مجيد حمد أمين والتجارة الدكتور خير الله بابكر «أثاروا موضوع التوترات بمنطقة طوز خورماتو والتحشيدات العسكرية هناك، وطلبوا من المالكي تخصيص جزء من وقت الاجتماع للتباحث حول التطورات الخطيرة بتلك المنطقة، وفعلا تطرق رئيس الوزراء إلى الأزمة الناشبة هناك وأسبابها، ولكننا أوضحنا له بأن جميع المواجهات العسكرية والحروب التي وقعت بتاريخ العراق بين العرب والكرد لم تثمر عن أي نتيجة لصالح أي من الطرفين، وأن تلك الحروب والصراعات جرت الكوارث والويلات على العراق، وبعد مناقشات طويلة معه توصل المالكي إلى قناعة بأن يتقدم بمبادرة لتهدئة الوضع وإنهاء الأزمة، وحمل مقترحا للدكتور روز نوري شاويس ليعرضه على الزعيمين بارزاني وطالباني يتضمن إعادة الأمور في تلك المنطقة إلى سابق عهدها عبر تفعيل لجنة التنسيق العليا المشتركة التي تشكلت في المناطق المتنازعة عقب انسحاب القوات الأميركية منها».

وفي اتصال مع مصدر قيادي داخل اجتماع المكتبين السياسيين، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الزعيمين لم يتلقيا رسالة بهذا المضمون من المالكي، وأن الدكتور شاويس لم يصل بعد إلى كردستان، وفي حال كانت هناك رسالة أو مبادرة بهذا المضمون سنبحثها في قيادة الحزبين ونقرر عندها كيفية التعامل معها.

ومن شأن هذا المقترح إذا قبلته القيادة الكردية أن تعيد الأوضاع إلى طبيعتها، مع حل مشكلة قيادة عمليات دجلة، حيث إن الملف الأمني في المناطق المتنازعة سيعود إلى أيدي اللجنة المذكورة ولن تبقى تحت مسؤولية قيادة دجلة.

وكان وفد أميركي قد زار أول من أمس كردستان واجتمع بوزير البيشمركة وكبار قادة الوزارة وتقدم باقتراح بهذا المضمون يقضي بإعادة نشر القوات الأميركية في تلك المناطق، وكان يفترض أن يبحث الوفد الأميركي هذا الموضوع مع وزارة الدفاع وكبار المسؤولين في بغداد.

في غضون ذلك أعلن مسؤول مكتب العلاقات الخارجية باللجنة القيادية لحزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا، أن حزبه لن يقف مكتوف الأيدي إذا حاولت القوات العراقية الهجوم على إقليم كردستان. وقال أحمد دنيز في تصريح نشرته صحيفة «آوينة» الكردية في عددها الصادر أمس «هناك توترات حاليا في بعض المناطق الكردية بكردستان العراق، ولكننا نؤكد في قيادة الحزب بأننا لن نسكت عن تهديدات وهجمات الجيش العراقي على أراضي إقليم كردستان، ونأمل أن لا تصل الأمور إلى الحرب والقتال وأن يعيد الجيش العراقي حساباته، ويبتعد عن العنف وتوتير الأوضاع».

وعلى الصعيد الميداني ومع استمرار التحشيدات العسكرية العراقية وإرسال التعزيزات إلى مناطق قريبة من طوز خورماتو، أعلنت مصادر محلية «أن وزارة البيشمركة حركت اللواء السابع التابع لوزارة البيشمركة والذي يتخذ من قضاء رواندوز مقرا لقيادته، ورغم أن مراتب وضباط اللواء لم يبلغوا بوجهتهم، ولكن جميع الاحتمالات تشير إلى سوقهم نحو المناطق المتأزمة جنوب مدينة كركوك. ويأتي هذا الإجراء بعد أن تم وضع جميع تشكيلات البيشمركة بحالة الإنذار مع ورود أنباء التصعيدات العسكرية من قبل الجيش العراقي.