أمين «الحركة الإسلامية السودانية» يدعو لـ«التغيير والأوبة» وإرضاء المتذمرين

الزبير أحمد الحسن قال إن الحوار داخل الحركة أفرز جماعات رافضة

TT

لم تنف «الحركة الإسلامية السودانية» أو تؤكد وجود تذمر وتمرد داخلها، واكتفت بوصف الصراع بين تيار الشباب الإصلاحيين والتيار المحافظ داخلها، بأنه نتيجة لعملية «الشورى»، وأن مداولات المؤتمر العام الذي عقدته الأسبوع الماضي عكس أعلى مستويات التطلع إلى الشورى.

وقال الأمين العام الجديد للحركة، الزبير أحمد الحسن، في مؤتمر صحافي بالخرطوم، أمس، إن إرادة التغيير جاءت نتيجة لـ«حراك» يطالب بتحسين أداء الحركة وتطبيق النهج الإسلامي بصورة شاملة في الحياة، ووصف الحوار داخل المؤتمر بأنه سيرتقي بالحركة ويسهم في تطورها بمعالجة مشاكل الأداء. وعقد المؤتمر العام للحركة الإسلامية السودانية في ظل انقسام بائن بين جناحين يصطرعان داخلها، أحدهما ينادي بتغيير الوجوه القديمة والسياسات ويدعو للديمقراطية، وآخر محافظ يريد الإبقاء على الشخوص والأوضاع على وضعها الأول.

وراجت قبل المؤتمر وفي أثنائه تقارير عن محاولات للتأثير على خيارات أعضاء المؤتمر، أبرزها تحذير رئيس لجنة الإعداد للمؤتمر ورئيس مجلس الشورى السابق إبراهيم أحمد عمر من محاولات التأثير على الناخبين للتصويت لـ«قائمة القيادة»، وقبله خرج نائب الأمين السابق، حسن رزق، ليصف انتخابات مؤتمر ولاية الخرطوم بأنها «مزورة» لصالح المحافظين. والتف التيار الشبابي حول القيادي الإسلامي غازي صلاح الدين داخل المؤتمر، بيد أن المجموعة المحافظة أفلحت في تعديل الدستور بما يتلاءم مع مصالحها، واختارت «لجنة قيادية عليا» للحركة الإسلامية برئاسة الرئيس عمر البشير، لتجتمع كل السلطات في يده «الدولة والحزب وأخيرا (الحركة الإسلامية)»، وأفلح المحافظون في نقل صلاحية اختيار منصب الأمين العام ورئيس مجلس الشورى من المؤتمر العام لـ«مجلس الشورى»، بعد أن كانا طوال المؤتمرات السبعة الماضية ينتخبان من المؤتمر.

و«ابتدعت» الهيئة القيادية - أو فصلت - لتسليم الأمر للرئيس عمر البشير، وفي ذات الوقت لتقليص مهام الأمين العام وتحويل المنصب لمنصب تنفيذي، وهذا ما أدى إلى اعتذار القيادي الموالي للتيار التجديدي غازي صلاح الدين عن التنافس على منصب الأمين العام. ونقلت صحف سودانية أمس أن «ست مجموعات» من عضوية المؤتمر العام الثامن للحركة الإسلامية أبدت تذمرها، ورفضها للتعديلات الدستورية الخاصة باختيار الأمين العام وتكوين هيئة قيادية، واختيار الزبير أحمد الحسن للأمانة العامة للحركة. ونسب إلى عضو المكتب القيادي بـ«المؤتمر الوطني» والقيادي بـ«الحركة الإسلامية»، الفاتح عابدون، أن (6) مجموعات قيادية أبدت تذمرها علنا إجازة المؤتمر لـ«كيفية اختيار الأمين العام وتكوين قيادة عليا»، وأنها رأت أن التعديل يستهدف إتاحة الفرصة للأمين العام الحالي الزبير أحمد حسن.

بيد أن عابدون استبعد في تصريحات أن تكون المجموعات الست مسنودة ببعض الأسماء التي انسحبت من الترشح تحفظا على التعديل الدستوري، في إشارة إلى الدكتور غازي صلاح الدين، ووصف ما يحدث بأنه «ابتلاءات» مرت بها الحركة في فترة ما بعد انسلاخ الأمين العام الأسبق للحركة د. حسن الترابي. وأضاف الحسن في حديثه للصحافيين أن حركته وسطية معتدلة، وتسعى لإقامة علاقات أفريقية وعربية وإسلامية حسنة، وأنها تسلم بمبدأ الدولة الوطنية دون التدخل في شؤون الدول. ووعد بالعمل على تنظيم العلاقة بين «القيادة العليا» وأجهزة الحركة الأخرى، ورعاية «الطهر» في القيادة والحكومة والخدمة المدنية بما يؤدي إلى استمرار التيار الإسلامي. وحول مصالحة بين شقي الإسلاميين وحزب المؤتمر الشعبي بقيادة د. حسن الترابي، قال الحسن: «نحن دعاة للتقارب والوحدة، لأن الأصول الفكرية لـ(الحركة الإسلامية) والإسلاميين الآخرين واحدة، لكن الظروف والرغبة والوسائل تحتاج إلى جهد أكبر وزيادة الشعور بضرورة الوحدة عن الأطراف الأخرى».

وفي حديث تصالحي، اعتبر الحسن مطالبة التيار الشبابي بالإصلاح والتجديد أنها نتاج الشورى، وقال: «الحراك الذي دار في هيئة الشورى مثل رغبة في التغيير والتوبة والأوبة، نحن مقصرون كدولة وكحزب وأفراد، وإن الحوارات السابقة للمؤتمر واللاحقة له أفرزت علاقات بين مجموعات، ونحن سنواصل الالتقاء بهم والحوار معهم حول مخرجات المؤتمر، وإشراكهم في العمل».

وأقر بعقده لقاءات «غير منظمة» مع أفراد متذمرين من مخرجات المؤتمر، وفي نفس الوقت نفى وجود مجموعات وتكتلات داخل جسم «الحركة الإسلامية»، بقوله: «لا علم لنا بوجود ست مجموعات، أما وجود أفراد لهم أفكار في التغيير فموجودون». من جهته، لم ينكر رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، إبراهيم أحمد عمر، وجود تذمر بين عضوية المؤتمر، وشدد على شرعية إجراءات المؤتمر، بقوله: «إجراءاتنا كانت سليمة وشفافة ومحصورة، فإذا كانت هناك مجموعة ترفض كل هذا، ماذا سنفعل نحن في اللجنة التحضيرية، سنقول لهم نحن صف واحد، لكن لا بد أن يكون هناك متمردون». وحول رأب الصدع الذي تسبب في انسحاب القيادي غازي صلاح الدين عن المنافسة في انتخابات منصب الأمين العام، قال الحسن: «أسعى أن يكون الأخ غازي معنا بأفكاره وجهده، لأن روح الإصلاح تحتاج لآراء مختلفة»، بيد أنه لم يجب عن سؤال حول إيكال منصب نائب الأمين العام للرجل. ودافع الحسن عن اللهجة العنيفة التي استخدمها النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه في الجلسة الختامية للمؤتمر، ضد مجلس الأمن والأمم المتحدة حين وصفه بـ«مجلس الظلم الدولي»، وأرجعها إلى الموقف اللحظي من مجلس الأمن، وقال إنها تعبير عن موقف الحركة السياسي من المجلس في الوقت الحالي، بسبب محاولاته فرض حلول للنزاع بين الشمال والجنوب على منطقة «أبيي» على حكومته.